وخصصت جريدة الصباح في عددها لنهاية الأسبوع ملفا تحدثت فيه بصيغة شمولية عن موضوع المثلية الجنسية، وكشفت فيه مجموعة من العناصر، كالتأريخ للمثلية، بأبعادها الدينية والنفسية والاجتماعية.
وكتبت الجريدة عن الكاتب الفرنسي ميشيل فوكو كمنظر للمثلية الجنسية في القرن العشرين، عبر كتابه "تاريخ الجنسانية" الذي رصد فيه المحددات الاجتماعية والثقافية للظاهرة، عبر ما يدعوه بـ"الفرضية القمعية" ومفادها الفكرة السائدة أن "الجنس شيء قمعته العصور السابقة”.وعادت الجريدة التي كانت الوحيدة التي تطرقت للموضوع، لمضامين المصادقة على قانون "الزواج للجميع"، وهو القرار الذي تقدم به الحزب الاشتراكي، بوصفه "أكبر إصلاح اجتماعي في فرنسا"، وفي فحوى القانون نجد أنه يسمح بالزواج بين شخصين من الجنس نفسه والتمتع بالحقوق الاجتماعية والقانونية الكاملة كتلك التي يكفلها الزواج بين طرفين من جنسين مختلفين.
ومن المنظور الديني نقلت الجريدة حوارا، مع عبد الباري الزمزي رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، جاء فيه قوله بأن "من يأتون الشذوذ الجنسي عاجزون عن إتيان المرأة، وليس لهم أي ميل تجاهها"، وقال الزمزمي أن " القرآن الكريم حرم هذه السلوكات المناقضة للفطرة والطبيعة البشريتين، لأنها تعطل الغاية من خلق البشر".وماذا عن المغرب؟ تجيب الجريدة عن هذا السؤال بالتذكير بما يحدث في كل عيد مولد نبوي عندما تتحول منطقة زرهون بضواحي مكناس إلى وجهة سياحية لفئة "شاردة" من المجتمع المغربي"، تبغي تحقيق وإشباع الرغبات.
ونشرت الجريدة حوارا مع الوجه المعروف عبد الله الطايع، وهو أول مثقف مغربي يعلن عن مثليته الجنسية في سيرته الذاتية، وعلق الطايع في هذا الحوار على قرار الحكومة الفرنسية، مشيدا بـ"انفتاح" فرنسا وواصفا إياه بالحدث التاريخي، وعبر الطايع في هذا الحوار عن رغبته في "مقاطعة الزواج" ومواصلة دعمه للمثليين.
شواذ أم مثليون ؟
إن القارئ لملف الصباح، يقف أولا على مشكل غياب توحيد المصطلح لوصف هذه الفئة الاجتماعية، فتارة يسمونهم "المثليين" وتارة أخرى "الشواذ الجنسيين"، وهو تفصيل قد يبدو غير ذا أهمية للوهلة الأولى، لكنه يعكس الفراغ المعجمي، والقانوني للمثلية، فالقانون المغربي مثلا يهتم بالمثلية من منطلق تنافي أسباب وجودها، ويكتفي في معاقبة الجنس بين الرجل والمرأة خارج مؤسسة الزواج.
وكما أعاد قانون "الزواج للجميع" في فرنسا الحديث عن المثلية في المغرب، فلا بد من استحضار أصوات تنادي "بالتطبيع" مع المثلية كجمعية كيف كيف لصاحبها سمير بركاشي، ثم مجلة "أصوات" التي تقدم نفسها كمنبر لمثليي المغرب.الأكيد أن موضوعا مثيرا كالمثلية، في حالة ما تبنته فعاليات مدنية في المغرب سيخلق الحدث، فلطالما شكل موضوع الحريات الفردية ساحة "لتناطح الآراء"، ومسرحا لتبادل التهديدات.