ذكرت كل كتب التاريخ قصص حروب لا تُنسى أبدا، أشهرها حرب داحس وغبراء، ولا شك أن بنكيران وشباط يستمدان منها قوتهما لمواصلة "القتال"، حتى أن فاتح ماي بالنسبة إليها فرصة نادرة لكشف انتصاراتهما وشن معارك إلى الطرف الآخر... إنها خلاصة لما نقلته أغلب صحف يوم غد (الخميس).في يومية أخبار اليوم صورتين معبرتين للصديقين والأعداء، شباط وبنكيران، وقالت الجريدة إن "خلافات الحكومة أفسدت على العمال عيدهم" الذي تحول إلى "معركة سياسية صاخبة، فرئيس الحكومة توعد، من منصة الإتحاد الوطني للشغل بالبيضاء، "سماسرة النضال باسم العمال"، وشباط غزا الرباط هاتفا "إرحل يا بنكيران".
متعة "حرب الزعيمين" لم تنته عند هذا الحد، فقد هاجم بنكيران "منتقدي العمل الحكومي واصفا إياهم ب"المشوشين" الذين يرغبون في تشويش الصورة على الشعب، موجها رسالة قوية إلى زعماء النقابات التي قاطعت الحوار الاجتماعات، معتبرا أنهم اعتادوا الطريقة القديمة من التحكم والضغط وتوزيع الأموال على سماسرة الجماهير باسم العمل النضالي"، فمن يقصد بنكيران بسماسرة النقابات؟
الرد جاء من الرباط، حتى بدا أن كلا الطرفين يتنصت على خطب الآخر، فقال شباط أمام عشرين ألف مشارك، إما "أن يقبل بنكيران التعديل الحكومي أو ليرحل"، وشن هجوما على بنكيران، بحضور وزيرين منها، هما عبد الصمد قيوح، وفؤاد الديوري، كما وصف وزراء الحكومة ب"أنهم طغاة متنكرون لمطلب الشعب، والتجبر والطغيان، وبأنهم أصحاب فكر واحد"، ثم تهكم قائلا:”رئيس الحكومة يقول إن هناك تماسيح وعفاريت، في حين أن نصف أعضاء الحكومة عفاريت وتماسيح، وخص ثلاثة منهم بالنقد، وهم وزير الصحة، ووزير التربية، ووزير التجهيز والنقل”.فضيحة في البرلمان
ولأن شباط أكثر جرأة، ربما لأنه لا يتولى مسؤولية حكومية، فقد استعان بكل خبرته ومعلوماته، لاتهام، كما أوردت جريدة المساء، "وزيرا بالحضور سكرانا إلى البرلمان، منتقدا ما عرفه البرلمان من مشاهد وصفها بالمهزلة، فالوزير المعني كان في حالة يرثى لها وفاقدا وعيه، ولا يدري أي مادة استعمل"، بالمقابل شن بنكيران هجوما لاذعا على "المعارضة ووصفها بأعداء الإصلاح، فالحكومة تصطدم بمجموعة من الجهات والنقابات التي ألفت الطريقة القديمة القائمة على التحكم وتوزيع الأموال على سماسرة الجماهير”.
جريدة الصباح خصصت بدورها صفحة لاحتفالات فاتح ماي، وقالت إن شباط "مرر رسائل نارية ضد رئيس الحكومة"، في حين حضر العمال في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وغاب الأموي، وأجرت حوارا مع علال بلعربي، عضو المكتب التنفيذي للنقابة، الذي كشف عدم وجود أي "حوار مع الحكومة، بل لقاءات لاحتواء النقابات"، في حين لخصت جريدة الأخبار احتفالات عيد العمال بأن "شباط دق آخر مسمار في نعش الحكومة”، أما جريدة l'économiste فذكرت بأن الاحتفال بفاتح ماي كشف نهاية أي رابط يجمع الحكومة والنقابات، إذ نظمت المركزيات النقابية تظاهرات حاشدة، حتى أن بعضها اكترى حافلات لنقل أنصارها من جهات مختلفة، مشيرة إلى اختلاف تقديرات المشاركين في عيد العمال، بين المصالح الأمنية والمنظمين.
دفعت نجومية شباط وبنكيران جريدة Aujourd'hui le maroc إلى وصفهما بنقابيين ليوم واحد، فالرجلان نجحا في الوفاء بوعديهما في إتحاف أعضاء النقابتين بحروب لا شك أن لها تبعات ستمدد إلى الحكومة، لكنها طبعا لن تقدم شيئا لمواجهة الأزمات.