بدأ ملف المساء بالخنفوري، المجرم الذي هرب من السجن وروع منطقة الغرب في بداية التسعينات، حينما كون إجرامية تخصصت في مهاجمة الأعراس والاغتصاب والاعتداء على المدعوين وغقامة حواجز أمنية وهمية، ولعل المثير في قصته، هو عند محاكمته، حينما احتفل سكان الغرب بنهايته وحكم عليه بالإعدام، وعادت المنطقة لإقامة الأعراس التي كانت تتوجس منها، بسبب الخوف من الخنفوري ومن معه.
كما سلط الملف الضوء على سفاح سيدي مومن، الذي أنهى حياة عائلة بأكملها ببرودة دم بفعل إدمانه على تناول المخدرات، إذ قتل أمه وأخته الحامل وابنها وزوجها بوحشية وكبلهم جميعا بمناديل ممزقة.
“بوصمة" مجرم آخر، لا يقل وحشية عن سفاح سيدي مومن، حيث اقترف 18 جريمة قتل في اقل من سنة بمدينتي الرباط وسلا، وكان يستعمل الحجارة الصلبة لاقتراف جرائمه، وهي وحشية نافسه فيها عبد العالي الحاضي الملقب بسفاح تارودنات، والذي تعرض أثناء مراهقته لحادث اغتصاب، ما جعله ينتقم بطريقته الخاصة، وشرع في اغتصاب الأطفال، ودفنهم في فناء إحدى المنازل، قبل أن ينكشف أمره ويدخل السجن مدى الحياة.
أما سفاح مديونة، فقد امتدت جرائمه طيلة ثلاثين سنة، وقتل في بداية الثمانينات من القرن الماضي عمه وابن خالته وبائع فول ونادلة وحارس مقبرة وختم سجل جرائمه بقتل زوجته. في حين عرف "النينجا" في أواسط تسعينات القرن الماضي بالاعتداء على الحراس الليليين وحكم عليه بالإعدام.
وفي البيضاء أيضا، اشتهر "زويتة" سفاح البيضاء الذي روع ساكنة حي المعاريف وعثر عليه منتحرا، قبل أن تصل إليه مصالح الأمن.
مجرمون ومجرمون
لم يسهم العلم في تطوير القانون الجنائي بقدر ما أسهم علم الجزاء الجنائي في ذلك إذ ليس تطوير الفكر رفضا للحاضر وإنما هو ممارسة للحكم واستشراف للمستقبل وإبحار في اللامألوف لكن ذلك كله مجال البحث عن الصالح، والأنفع، الإنساني، فالعقوبة فوق كونها قصاصا من مجرم، هي فرصة نادرة لتصالح المجتمع مع نفسه.
النماذج التي عايناها في الملف، شكلت على امتداد سنوات بعبعا للقرى والمجن حيث عاشوا، ولعل القاسم المشترك فيهم هو نفسيتهم المضطربة، إذا غالبا ما يشكل هؤلاء موضع اعتداء، فينذرون أنفسهم للانتقام ضد الآخر.