في التفاصيل، تقول اليومية في روبورطاج استحوذ على الصفحة 19 كاملة، إن في أقل من شهر لفظت شواطئ المحمدية كميات كبيرة من الأسماء النافقة، ففي العاشر من شهر غشت، لفظ وادي "نفيفيخ" كميات ضخمة من الأسماك، وبعدها بعشرين يوما ستلفظ شواطئ المحمدية كميات أخرى من الأسماك النافقة.
وتضيف الجريدة أن هذه الحوادث أعادت نقاش التلوث البيئي في المحمدية إلى الواجهة، خصوصا وأن السكان يربطون كل مآسي المدينة الصحية بالنفايات الصناعية، التي تسببها المصانع المنتشرة على طول الشريط الساحلي بين الدارالبيضاء والمحمدية، والتي تتواجد 120وحدة منها بالمحمدية وحدها.
وتردف اليومية في روبورطاج عززته بصور، أن أصابع الاتهام في التلوث توجه أساسا لشركتي تكرير البترول "لاسامير"، و"سنيب" المتخصصة في الصناعات البيتروكيماوية، إضافة إلى مصنع للجلد ومصانع أخرى، كلها تتموقع في قلب المدار الحضري للعمالة، مما يعكس خطورة هذه المصانع بسبب تطرحه هذه المصانع من نفايات صلبة أو سائلة تهدد حياة السكان.
وتابعت اليومية أن مدينة المحمدية تعبر اليوم قطبا صناعيا وازنا في الاقتصاد المغرب، غير أن ذلك تقابله تكلفة اجتماعية وبيئية باهضة، فحسب المعطيات الرسمية التي أوردتها اليومية، فإن عدد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي والأمراض الصدرية، بلغ متم السنة الماضية (2013) عشرة آلاف (10000) حالة من مجموع ساكنة المحمدية التي تبلغ ألف 378 نسمة، أي بنسبة مرض تناهز 2.6% من مجموع الساكنة.
في المقابل، تؤكد اليومية أن عمالة المحمدية كاملة، تتوفر على طبيبين فقط مختصين في الأمراض التنفسية من أصل 112 طبيبا، 54 منهم في الطب العام، بينما ينحصر عدد الممرضين في 210 ممرضا وممرضة.
ونقلت اليومية، عن مصدر مسؤول بوزارة الصحة، أن المرتادين على الطب العمومي، هم في الغالب من الفئات الفقيرة، التي لا تتوفر على تكلفة العلاج بالمصحات الخاصة، ولا تتوفر على الضمان الاجتماعي، وأن جل المصابين بأمراض الجهاز التنفسي والأمراض الصدرية، قادمون من المناطق السكنية التي تعرف اكتظاظا كبيرا، مثل الأحياء الصفيحية والتجمعات السكنية المجاورة للمنطقة الصناعية المحمدية.
وذكرت اليومية أن مشاكل السكان مع مخلفات التلوث لا تنتهي المشاكل عند هذا الحد، فالمركز الوحيد لتشخيص داء السل والأمراض الصدرية، يعرف اكتظاظا كبيرا، وغير كاف بالمرة لتلبية الحاجيات الطبية لـ10 آلاف مريض، تنضاف إلى ذلك، التعقيدات الإدارية، عندما يتعلق الأمر بالتسجيل في لوائح بطاقة "راميد"، إذ يخصص شباك واحد لتسجيل عشرات المرضى الذين يفدون على المركز بشكل يومي.
وتضيف اليومية أن فعاليات المجتمع المدني بالمحمدية عبرت، في محطات متكررة، عن قلقها البالغ من "تصاعد" حدة التلوث البيئي بالإقليم، وأنها طالبت بتخصيص مليار سنتيم، التي منحتها "لاسامير" للعمالة كمنحة للنهوض بقطاع البيئة، لتعزيز البنيات التحتية لقطاع الصحة بالمدينة، كما تطالب بالتزام المصانع التي تنشط بالمدينة، بتخصيص ميزانية لإنشاء مساحات خضراء، وخلق آليات لدعم تطبيب المصابين بأمراض ناتجة عن التلوث.
وأوردت اليومية أن الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة، صنفت منطقة المحمدية كواحدة من النقاط السوداء من حيث التلوث البيئي، حيث كشفت دراسة أنجزتها الوزارة أن "المياه الجوفية بالمنطقة جد متدهورة"، بسبب تفاقم التلوث.
وتابعت اليومية أن الدراسة التي رسمت صورة قاتمة عن الحالة البيئية بالمحمدية، ووجهت فيها الوزارة اتهاما مباشرا للمصانع الموجودة بالمحمدية وفي مقدمتها شركة "سامير"، "سنيب" ومصانع الجلود، متهمتة إياها بتحويل المجاري المائية (الواد المالح أساسا) إلى مطارح للنفايات الهامدة والنفايات الخطيرة.
وتقول اليومية إن الدراسة أكدت أن "المطارح العشوائية، التي تستعملها الشركات المذكورة، تتسبب عدة مشاكل بيئية منها تلوث المياه الجوفية وانتشار أمراض خطيرة".
وتضيف الجريدة أن الأرقام الصادمة التي كشفتها الدراسة، تظهر أن كمية النفايات الصناعية وصلت إلى93277 طنا، والنفايات الصحية 1030 طنا، بينما لا تتوفر المنطقة على وحدات خاصة لمعالجة هذه النفايات، التي تتسرب للمياه الجوفية وكذلك إلى البحر، وتشكل بذلك خطرا داهما ومؤكدا على السلامة الصحية السكان.
وتتابع اليومية أن دراسة الوزارة صنفت ساحل المحمدية-عين السبع، ضمن أخطر النقاط التي تعرف تلوث الهواء، وأن المنطقة تعاني ابعاثات غازية جد خطيرة، تؤثر سلبا على صحة المواطنين، نتيجة تواجد وحدات صناعية تنشط أساسا في الصناعات البترولية والبيتروكيماوية (سنيب، سامير).
وذكرت اليومية أن هذه الغازات السامة تتمثل في غاز ثاني أكسيد الكاربون (CO2)، ثاني أكسيد الكبريت (SO2)، وأكسيد الآزوط (NOx)، والجسيمات العالقة والمعادن الثقيلة (الكاديوم والرصاص).
وزارة البيئة في صلب النقاش
ساءلت اليومية الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، حكيمة الحيطي، عن معايير حماية البيئة التي تخضع لها مصانع (سامير، سنيب، لافارج)، حيث اعتبرت الحيطي أنه تم اعتماد مرسوم تطبيقي رقم 2.09.631 تحدد بموجبه الحدود القصوى للفظ المواد الملوثة في الهواء، وإطلاقها ورميها، والمتأتية من مصادر تلوث ثابتة، وكيفيات مراقبة هذه الانبعاثات.
الوزيرة ذكرت أنه تم تحديد أجل أقصاه خمس سنوات لدخول هذا المرسوم حيز التنفيذ، وذلك لإعطاء فرصة للمؤسسات الصناعية، قصد إتخاذ كل الإجراءات والتدابير لأجل احترام هذه المعايير.
وأضافت الحيطي أن الوزارة تباشر إعداد معايير خاصة للمنشآت الصناعية الكبرى كـ"سامير وسنيب" والمحطة الحرارية لإنتاج الكهرباء، حيث من المزمع صدور قرارات بشأنها في غضون هذه السنة.