واستقت اليومية مجموعة من التصريحات لعدد من التجار الصينيين الذي اختاروا العمل في المغرب، من بينهم شاب صيني في أواخر العشرينات، والذي أوضح بأن مشكل اللغة سبب رئيسي في عدم اندماجه؛ إذ أنه لا يتكلم العربية ولا الفرنسية ولا يصادف الكثير ممن يتحدثون اللغة الانجليزية، لذلك فضل العزلة، مثله مثل غيره ممن سبقوه؛ "أربعة أشهر ليست كافية للتأقلم بشكل جيد، يلزمني بعض الوقت والكثير من الثقة، بالإضافة إلى التعود على تقاليد جديدة كنت أجهلها وطعام بعيد تماما عن ما كنا نأكله، إذ يختلف المغرب كثيرا عن الصين في أطباقه، خاصة وأن المغاربة يفضلون الخبز ونحن الأرز. أنا عن نفسي لا أحب الأطباق المغربية، ولا زلت أنا وزوجتي متمسكين بتقاليدنا بالحرف".
وتضيف اليومية بأن هذا التاجر يرى أن مدة إقامته بالمغرب ليست كافية للانفتاح على ثقافته، لكن الأكثر من ذلك أنه يرفض مبدأ الانفتاح، فما أتى به إلى العاصمة الاقتصادية، حسب قوله، هو العمل فقط؛ إذ عليه إثبات نفسه في السوق كما فعل والده من قبل وهذا همه الوحيد.
في المقابل، هناك تجار مستعدون للاندماج ومنهم من استقر في المغرب نهائيا وأسس أسرة أيضا، كحال إحدى الصينيات التي استقرت في المغرب منذ 2004، واستطاعت الاندماج بشكل كبير في المجتمع المغربي، بل وتزوجت من مغربي وأصبح اسمها "صونيا"، بدل اسمها الصيني الذي وجده المغاربة صعب النطق؛ "كنت من الأوائل الذين ودعوا بلدتهم الصغيرة وهاجروا إلى المغرب تاركة طفلي الوحيد مع أمي وأبي للبحث عن قوت يومي، لن أنكر أن البداية كانت صعبة وكنت أيضا لا أعرف سوى لغة الأرقام، لكنني أصررت على الخروج من عزلتي وتعلم اللغة أولا ثم بعض تقاليد وعادات البلاد"، تقول "صونيا" في شهادتها لليومية.
وأكدت "صونيا" لليومية بأنها تحب اسمها الجديد؛ "طبعا صونيا ليس اسمي الحقيقي، لكني أصبحت أحبه كثيرا، وبما أنني قررت الاستقرار بصفة نهائية في المغرب فلا عيب في اسم مغربي أيضا، أما اللباس فبدوري أرتدي أحيانا الجلباب المغربي، لكن فقط في المناسبات نظرا لظروف العمل التي تتطلب الكثير من الحركة، غير ذلك أنتظر موعد زيارتي لبلدي، والتي غالبا ما تكون مرتين في السنة، من أجل التسوق وأخذ ما يناسبني من الأغراض الشخصية".
مغرب الاندماج
العديد من التجار الصينين الذين استقروا في المغرب من أجل مزاولة التجارة، يرفضون الخروج من "قوقعتهم" ويفضلون البقاء في عزلة تامة، لأن أغلبهم قادم من إحدى المقاطعات الصينية الساحلية والتي تدعى "فوجيان" والمعروفة بانتشار الأمية بشكل كبير؛ إذ أن سكانها لا يهتمون بالتعليم بقدر ما يهتمون بالتجارة، وهذا ما يعرقل عملية الاندماج في المجتمع المغربي المعروف بانفتاحه على الأجانب واستقباله لهم بصدر رحب، والدليل اندماج العديد من الأشخاص ومن جنسيات مختلفة به واستقرارهم بالمغرب بشكل دائم، كحال "صونيا" التي استطاعت أن "تتمرد" على كل المعيقات، الذاتية على الخصوص، ومن تمة نجحت في الاندماج في حضن المجتمع المغربي وتكاد تصبح واحدة من أفراده.