بالفيديو: دار الخير بتيط مليل.. مأوى الأشخاص في وضعية صعبة أصبح أخيرا اسما على مسمى

Anas Zaidaoui / Le360

في 18/01/2023 على الساعة 08:00

فيديوما كان يطلق عليه "مركز الموت" أصبح اليوم "نموذجا في التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة". أصبح المجمع الاجتماعي دار الخير بتيط مليل فعلا اسما على مسمى، بعدما أصبح يضمن لنزلائه "الكرامة" و"العيش الكريم". ربورتاج.

الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 13 يناير 2023، تفتح الأبواب الحديدية للمجمع الاجتماعي دار الخير بتيط مليل للترحيب بنا ونحن نحمل كاميرا للتصوير. قبل بضع سنوات، كان يتعين الحصول على الكثير من التراخيص للدخول إلى هذا المجمع.

يوضح محمد بنجلون بلغالي، رئيس جمعية دار الخير والكرامة والمشرف على المجمع منذ فاتح أكتوبر 2019: "من أولى القرارات التي اتخذناها عندما تسلمنا مسؤولية تسيير المجمع الاجتماعي دار الخير بتيط مليل، تغيير باب العار هذا، لأننا اخترنا الشفافية".

بالإضافة إلى "الشفافية"، كانت تسيير المركز يفتقر أيضا إلى "النزعة الإنسانية". ويتذكر خالد بنكيران، أحد أقدم المستفيدين من دار الخير، قائلا: "كان الوضع في المركز كاريثا حقا، وكذلك الظروف المعيشية التي تفتقر إلى الإنسانية. كنا نعامل ككائنات دنيا، وحتى الطعام تم تحضيره لنا على الأرض".

ووصف العديد من النزلاء المستفيدين، الذين تحاور معهم فريق Le360، إقامتهم في هذا المجمع بأنه كان "جحيما لا يطاق". يتذكر هشام مقريزي، الذي يقيم في المجمع منذ عام 2014، قائلا: "كان هذا الفضاء قذرا، وكان الهواء غير قابل للتنفس بسبب الروائح الكريهة، وكان الطعام رديئا وغير كاف لإشباع جوعنا". كما سارت إيمان محسن في نفس الخط عندما أكدت: "كان يفرض علينا العمل ليلا ونهارا ويتم تعنيفنا".

عندما أثارت الصحافة آنذاك هذه المأساة، كلف الراحل فاضل السقاط العضو المؤسس لجمعية نور وعراب جمعية دار الخير والكرامة، محمد بنجلون بلغالي بتسيير المجمع. وقال هذا الأخير: "كان تحديا كبيرا".

"عندما تسلمنا رسميا مسؤولية تسيير المجمع، قضيت أربعة أشهر في محاولة لفهم ظاهرة تيط مليل. يوجد في هذا المركز الاجتماعي سبع فئات من أكثر الناس بؤسا في المجتمع: كبار السن المتخلى عنهم والمتسولون والمشردون وسجناء سابقين ونساء في وضعية صعبة، وكذلك الأطفال من ذوي متلازمة داون. ومع ذلك، فإن القانون 05-14 يدعو إلى التخصص في المراكز الاجتماعية"، بحسب ما أكده رئيس دار الخير والكرامة.

الورش الأول: البنية التحتية

يقع مجمع دار الخير بمنطقة تيط مليل بضواحي الدار البيضاء، وهو أكبر مركز اجتماعي في المغرب، إذ يمتد على مساحة 12 هكتارا ويضم 850 سريرا.

"الأجنحة الـ11 التي يتألف منها المجمع لم يكن لديها الحد الأدنى المطلوب للتكفل بالمستفيدين. كانت المباني متداعية إلى حد كبير، وانسداد نظام الصرف الصحي في غياب خزانات الصرف الصحي، ولم تكن مياه الشرب متاحة إلا للإداريين، في حين تخصص مياه الآبار للمستفيدين الذين كانوا يعانون من التهاب المعدة وأمراض أخرى"، يتذكر بنجلون بلغالي.

اليوم، أصبحت المساحات الخضراء تزين بشكل متزايد هذا الفضاء الذي كان بالأمس القريب مهملا. تم تجديد جميع المباني تقريبا. أوضح هذا المسؤول: "لقد وضعنا خطة عمل، تتعلق إحدى نقاطها الرئيسية بإعادة تأهيل المباني القائمة. كما قمنا ببناء مبانٍ جديدة لزيادة طاقتنا الإيوائية إلى 1200 سرير وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين"، مؤكدا أن الميزانية المخصصة للمجمع قد انتقلت من 10 ملايين درهم إلى 20 مليون درهم سنويا.

وفيما يخص النظافة، قام المسؤولون الجدد بوضع أنبوب جديد للصرف الصحي والعديد من محطات تنقية مياه الآبار، بالإضافة إلى حمام تقليدي جديد مخصص للنساء والذي ينضاف إلى حمام تم تجديده بالكامل. وأكدت إيمان محسن، إحدى المستفيدات من خدمات المركز، قائلة: "يمكننا الآن التجول عبر ممرات المجمع والاستمتاع بالمساحات الخضراء واستنشاق الهواء الصحي. كان هذا شبه مستحيل من قبل".

التكفل الطبي الشامل

غالبا ما كان يوصف مجمع دار الخير بأنه "مركز الموت على أبواب الدار البيضاء". والسبب: تسجيل عدد كبير من الوفيات كل عام. "كنا نسجل ما معدله 100 حالة وفاة في السنة. خلال عام 2022، سجلنا 18 حالة وفاة، جميعها تتعلق بكبار السن الذين يعانون من الإصابة المرضية المشتركة"، يوضح عمر واد، رئيس قسم الرعاية الصحية.

إن الانخفاض في معدل الوفيات في المجمع هو نتيجة "تحسن التكفل الطبي، وتوظيف الأطر الطبية المؤهلة، وإنشاء دائرة رعاية قبل قبول مستفيدين جدد"، بحسب عمر واد، الذي يوضح أن «الأشخاص الذين تتطلب ظروفهم الصحية دخول المستشفى لا يقبلون داخل المركز إلا بعد أن تستقر حالتهم".

تم تجهيز المجمع بوحدة صحية جديدة، بما في ذلك غرفتي استشفاء للحالات التي تتطلب مراقبة طبية، وغرفة للعلاج الطبيعي وأخرى لطب الأسنان. وقال محمد بنجلون بلغالي: "هذه الوحدة الجديدة تم تمويلها بالكامل من قبل الراحل فاضل السقاط".

الغذاء.. أولوية أخرى للمركز

التقينا بهشام مقريزي، أحد المستفيدين، بالقرب من مطبخ المجمع، وقال: "في السابق، كنا لا نأكل الحلوى الفواكه إلا عندما يحضر أحد المتبرعين كمية كبيرة جدا. اليوم، تقدم لنا مع كل وجبة".

وأوضح بنجلون بلغالي أن "الميزانية المخصصة للغذاء لم تكن تتجاوز 12 درهما في اليوم لكل مستفيد، لذلك قررنا مضاعفة هذه الميزانية أربع مرات لتلبية الاحتياجات الغذائية للمستفيدين".

وفي هذا السياق، قامت جمعية دار الخير والكرامة بتجهيز المجمع بمطبخ يمكنه تقديم "1500 طبق في الوجبة" وفضاء لإعداد "3500 خبزة في اليوم". "الوجبات المعدة تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الغذائية وكذلك النظام الغذائي الذي يتبعه كل مستفيد. قائمة الوجبات تحدد، على أساس أسبوعي، من قبل لجنة مكونة من ممثلين عن الإدارة والمستفيدين"، بحسب الرئيس.

تعزيز الأمن

كما عرفت دار الخير بأنها مكان "إدمان المخدرات" و "الدعارة". وذكر رئيس الجمعية أن "الموظفين كانوا يغادرون المجمع في الساعة الرابعة والنصف من مساء الجمعة ولا يعودوا إلا في الساعة الثامنة من صباح الاثنين. وفي غضون ذلك وفي غياب الإشراف، يترك المستفيدون لتدبر أمورهم بأنفسهم. تعاطي المخدرات والدعارة والاغتصاب والسرقة... أمور كانت شائعة".

كما أشارت إيمان محسن إلا أن "الأمن أصبح مستتبا والكاميرات في كل مكان. الحمد لله، لم نعد نتعرض للاعتداء أو التحرش كما كان الأمر من قبل". 

إن تعزيز الأمن في المجمع هو جزء لا يتجزأ من خطة عمل الجمعية. وأوضح محمد بنجلون بلغالي بهذا الخصوص قائلا: "لقد أولينا اهتماما خاصا لسلامة المستفيدين وأمنهم. وهكذا قمنا برفع الجدران من 1.5 متر إلى 3 أمتار لمنع تسريب المخدرات وغيرها من المنتجات إلى داخل المركز".

وأضاف رئيس الجمعية: "لقد قمنا بانتقاء فريق أمني مشكل من 12 شخصا يراقبون المركز على مدار 24 ساعة في اليوم. كما جهزنا المجمع بـ36 كاميرا مراقبة لضمان سلامة المستفيدين. كما قمنا بتطويق أجنحة النساء بجدار جمالي حفاظا على خصوصيتهن".

إعادة الاندماج

إن الهدف من مؤسسة للحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى ضمان تكفل جيد لنزلائها، هو التمكن من إعادة اندماجهم في المجتمع. هذا يدخل في المهام الموكلة للجمعية المكلفة بالإشراف على تسيير دار الخير.

"من بين 550 شخصا في المركز، لدينا 100 شاب قادر على العمل. بالإضافة إلى الجهود التي يبذلها المساعدون الاجتماعيون من أجل إعادة إدماجهم في أسرهم، نقوم بتدريبهم بشكل خاص على الحلاقة والنجارة والميكانيك"، وفق ما أكده محمد بنجلون بلغالي.

تصوير وتوضيب: أنس الزيداوي

تحرير من طرف يونس ساوري
في 18/01/2023 على الساعة 08:00