وحسب ما أوردته يومية "الصباح" في عددها الصادر يوم الجمعة 13 يناير 2023، فقد أحـالـت قـاضيـة التحقيق المكلفة بـجـرائـم الأمـوال بغرفة الـتـحـقـيـق الـخـامسـة لـدى محكمة الاستئناف بالرباط، قاضيا مستشارا بمحكمة الاستئناف ببني ملال، على غرفة الجنايات الابتدائية الخاصة بالأموال، ليمثل أمام قضاتها في أول جلسة له، بعد أسابيع من الأبحاث التفصيلية معه لترفع القاضية السرية عن مجموعة من المعطيات، بعد نصب كمين له في حالة تلبس بتلقي رشوة، من أسر ثلاثة متهمين في جريمة قتل.
وأوضحت الجريدة أن قاضية التحقيق كيّفت المتابعة إلى المستشار بجريمة طلب وتسلم مبالغ مالية من أجل القيام بعمل مـن أعـمـال الـوظيفة، وفقا لـلأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 241 من القانون الجنائي، مؤكدة توفر أدلة كافية على ارتكاب القاضي للجريمة، والأمر نفسه لوسيطه، المنحدر من الفقيه بنصالح، الذي توبع بالمشاركة في الجريمة، وأحالتهما في حالة اعتقال على الغرفة الجنائية الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى استئنافية العاصمة، من أجل محاكمتهما وفق المنسوب إليهما، خلال الأيام المقبلة.
ووفقا للأبحاث التي رفعت عنها قاضية التحقيق السرية، فيتعلق الأمر بملف جريمة قتل وقعت في يوليوز 2021، وأدين فيها ثلاثة متهمين بعقوبة خمس سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، قبل أن يتدخل وسيط الفقيه بنصالح لـدى الأسـر، مؤكدا لـهـا أنه يستطيع مساعدتهم من أجل تخفيض العقوبة للمتابعين في حالة اعتقال، لتلتقي المشتكية بالوسيط رفقة والدي المشاركين في الجريمة، وبعدها التقوا المسؤول القضائي بمحل "السمسار"، وطلبوا منه تخفيض العقوبة أو تأييدها في أحسن الأحوال، فطلب منهم 12 مليونا، وحدد معهم موعدا قبل تاريخ عقد الجلسة بيوم واحد لتسلم المبلغ.
غير أن أسر المتهمين وفرت فقط تسعة ملايين، وحضرت إلى محل الوسيط الذي ربط الاتصال بالقاضي، مستخدما مكبر الصوت لإشعاره بذلك، لكنه رفض الحضور لتسلم المبلغ بداعي أن الاتفاق كان يخص 12 مليونا، مهددا برفع الحكم إلى عشر سنوات، وبعد استعطاف الوسيط له أكد له المستشار أنه سيؤجل القضية المعروضة أمامه إلى أسبوع، ريثما تتدبر أسر المعتقلين المبلغ المطلوب.
وقد نسقت والـدة معتقل مع الفرقة الوطنية بعد اتصالها بالخط المباشر لمحاربة الرشوة، وأحضرت 15 ألف درهم فقط، بعد العجز عن توفير 12 مليونا، وتوجهت رفقة والدي المعتقلين مع ابنها وقصدوا جميعا محل الوسيط، وحضر المسؤول حوالي الساعة التاسعة ليلا، وأوقف سيارته بجانب الطريق الوطنية المؤدية إلى خريبكة، تاركا محركها مشغلا، فبعثت المشتكية رسالة نصية إلى ضباط الفرقة الوطنية مفادها "هاهو جا"، ليعاينوا عربته من نوع "رونو ميغان"، وبعدما صعد الوسيط إليها، أرسلت الرسالة الثانية "خداها" وبعدما انطلق المسؤول بسيارته نحو العاصمة الفوسفاطية، وبحضور نائب للوكيل العام للملك ببني ملال، جرت مداهمته، ليتم إخباره بهوية أفراد التدخل وحجزوا بأسفل المقعد الأمامي للسيارة من جهة اليمين مبلغ 15 ألف درهم، وطالبوه بالتوجه معهم نحو مقر استئنافية بني ملال.
وأثناء الاستماع إلى المسؤول القضائي، أقر بأن وضع الظرف بسيارته هدفه الانتقام، مشيرا إلى أن الوسيط عرض عليه بيع سيارته لفائدة المجلس البلدي للفقيه بنصالح الذي يشتغل مستشارا فيه، لكنه رفض، كما أقر بأنه لا يعرف آباء وأمهات المعتقلين في الملف المعروض عليه، وعلل سبب توقفه أمام محل "السمسار" وحديثه معه، بأنه كان متجها إلى مقر سكنه بخريبكة وفجأة أشار له بيده فتوقف ليباغته تجمهر نسوة عليه وطلبن منه تخفيض العقوبة، وصعد إلى سيارته الوسيط ليترك الظرف دون انتباهه أو يعلم بذلك، حسب أقوال القاضي المستشار بغرفة الجنايات الاستئنافية ببني ملال. وأكد بخصوص عدم رميه للظرف قبل مواصلة سيره في اتجاه خريبكة، أنه لم يكتشفه إلا بعد إيقافه من قبل عناصر الفرقة الوطنية.