قال تعالى "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر".
فلو تعمقنا في سياق لغة الآية لعرفنا أنها تتضمن دعوة الإتيان بذلك والإقدام عليه، لأنها جاءت بلغة " البشارة" أيها الصائمون العابدون انتبهوا، هذا الشهر لا يمنعكم من فعل ما تفعلوه في أيامكم العادية خارج هذا الشهر بل أقدموا عليه بحرية وراحة ما خلا ساعات صومكم وما يوجب إفطاركم أو فساد صومكم. وبعد الإفطار لكم الحياة وخاصة العلاقات الزوجية، بكل مباهجها ولا حرام فيها عليكم. ولا يكون اعتزال للنساء إلا في حالين: الحيض والنفاس.
لدا تخطيء الزوجة أو الزوج، إذا فكرا بأن امتناعهما عن العلاقة الجنسية بينهما أمر فيه تقوى أو عمل متمم للصوم.
إلا أن الشريكين مطالبين باختيار الوقت المناسب للممارسة الجنسية، فوجبة الإفطار تكون في الغالب الطعام الأساسي للصائم، وطيلة نهار الصائم تتوقف المعدة والأمعاء تقريبا عن العمل، كما يقل إفراز العصارة المرارية وقد تتوقف تماما. وعند تناول طعام الإفطار تبدأ القناة الهضمية في العمل بنشاط فيندفع الدم من أجزاء الجسم المختلفة إلى الجهاز الهضمي ليساعده في نشاطه الزائد، فتكون النتيجة الشعور بالخمول والميل للنوم والاسترخاء نتيجة نقص مؤقت في الدم الواصل للمخ والجهاز العصبي، وهي حالة نعرفها جميعا ونحس بها بعد الإفطار، ولكن الاسترخاء والإحساس بالدفء قد يحرك الغريزة الجنسية عند الأزواج والزوجات ويدفع إلى محاولة الممارسة، غير أن الممارسة تحتاج إلى مجهود عضلي وعصبي وهو ما يحتاج إلى زيادة الدم المندفع إلى العضلات والأعصاب؛ لذلك فإن ممارسة الجنس بعد الإفطار مباشرة قد تؤدي إلى متاعب منها عسر الهضم، والإحساس بالتخمة نتيجة التعطل المؤقت للجهاز الهضمي طيلة فترة العلاقة الجنسية.
كما يمكن لاختيار هذا التوقيت أن يؤدي إلى عدم نجاح العلاقة الجنسية نفسها نتيجة تعطل وصول الدم إلى الجهاز التناسلي خاصة عند الرجل، وبالتالي ضعف الانتصاب للعضو الذكري الذي يعتمد أساسا على اندفاع الدم واستمراره داخله، وكذلك الإحساس بالإجهاد السريع مع الحركة نتيجة ضعف الدورة الدموية في الجسم.
لكل هذه الأسباب يفضل عدم ممارسة الجنس بعد الإفطار مباشرة ولمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات حتى نعطي الفرصة للجهاز الهضمي لأداء عمله بإتقان، والميعاد المناسب يبدأ في الفترة التي تمتد بعد الإفطار بثلاث ساعات حتى السحور، وتكون الممارسة عادية دون توتر ودون خوف من المضاعفات.