وأفادت مصادر Le360 أن رحلة "إيمان" البالغة من العمر 23 سنة مع سائق سيارة إسعاف تابعة لجماعة إملشيل بإقليم الرشيدية الواقع بنفوذ جهة درعة تافيلالت، بدأت على الساعة السابعة صباحا حيث تطلب الوصول إلى دوار "تيط نغبولى" 5 ساعات متواصلة في طريق وعرة وضيقة على حافة جبل، في وقت كان الأمر الطبيعي أن تتوجه المرأة الحامل بنفسها إلى دار الأمومة بإملشيل لكن عدم توفر المعنية على وسيلة نقل وصعوبة التضاريس حال دون تحقيقها لذلك أمام حسرة زوجها وباقي أفراد الأسرة.
وأضافت المصادر ذاتها أن المرأة الحامل البالغة من العمر 37 سنة سبق وأن تم نقلها في ولادتها الأولى عبر مروحية تابعة لوزارة الصحة نحو مستشفى مراكش حيث وضعت مولودها، قبل أن يتجدد حملها وتجد مرة أخرى صعوبة في التنقل نحو أقرب مركز للولادة الكائن بالجماعة، مشيرة إلى أن القابلة تطوعت وانطلاقا من واجبها المهني استعدت لكل الاحتمالات فتوجهت مع سائق الإسعاف نحو الدوار المعني.
وصول "المولّدة" لعين المكان كان حاسما حيث وُجدت المرأة الحامل في حالة صحية متدهورة رغم محاولات نساء القرية توليدها بالطرق التقليدية، وباشرت "إيمان" الحديثة التخرج من المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بفاس سنة 2019، عملها لتتمكن بعد مرور أزيد من ساعة من الزمن من إنهاء معاناة الثلاثينية وتضع هذه الأخيرة رضيعتها في أمن وأمان وتزود بكافة الإسعافات الأولية المطلوبة أمام ترقب كبير لأفراد أسرتها وباقي سكان الدوار.
وتحولت مخاوف الساكنة ودموعهم الحزينة من فقدان الجنين أو أمه أو هما معا إلى دموع فرح وتهليل وزغاريت كسرت هدوء المكان، واصفين تدخل الممرضة بـ"البطولي" والإنساني، فيما استعادت الأم ابتسامتها رغم ألم المخاض والولادة والظروف المحيطة بها، وأثنى الجميع على المجهودات الجبارة للممرضة التي لم يمر على مباشرتها لعملها الميداني سوى عام فقط، وفق مصادرنا.
وأردفت المصادر ذاتها أن نجاح الممرضة في عملها "البطولي" هذا جعلها هي أيضا تعبر عن فرحتها بإنقاذ أم وجنينها بعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من الموت أو من الدخول في دوامة يصعب الخروج منها بأقل الخسائر، قبل أن تقوم بمعية السائق بنقل المرأة المعنية إلى مركز إملشيل لمتابعة حالتها الصحية ورضيعتها عن قرب، مضيفة أن الإكراهات التي تواجه العاملين بقطاع الصحة في مثل هذه المداشر التي لا تتوفر على بنيات تحتية كافية خاصة المسالك الطرقية تجعل أمر أداء واجبهم المهني صعبا وتضع أحيانا حياتهم على المحك، ما يستدعي تدخلا والتفاتة لكل الجهات المختصة لتوفير أبسط الظروف لموظفي الصحة.
ونبهت المصادر نفسها إلى ضرورة الاهتمام بالبنيات التحتية بهذه المناطق النائية وتوفير سيارات إسعاف من الدفع الرباعي وبتجهيزات كافية للوصول إلى أبعد نقطة وإنقاذ أرواح السكان في الوقت المناسب، منوهة بالجهود المبذولة من طرف موظفي الصحة من أجل أداء المهام المنوطة بهم.