بعيدا عن أخبار الجرائم، تحولت أسبوعية الوطن الآن إلى طبيب مختص في علاج "الأمن"، إذ خصصت موضوع غلافها الرئيسي ل30 وصفة لوقف نزيف الأمن الوطني يقترحها عميد الشرطة الممتاز ، محمد الحضري"، ثم قالت "إنه أمام تغييب السؤال الأمني من برامج الأحزاب والجمعيات والنقابات، فتحت الأسبوعية صفحاتها لكل المؤسسات الحكومية لإبداء وجهة نظرها في الموضوع، قصد تدراك الخصاص في المرافق الأمنية، وتجاوز الاختلالات والأعطاب التي تحول دون جعل المواطن يحس بأنه آمن في مدينته، وصولا إلى ردم جدار برلين العازل بين رجل الأمن والمجتمع”.
المفاجأة في وصفات العميد السابق أنها مجرد أحلام، إذ ظل يحلم ب"ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومبدأ تكافؤ الفرص في تعيين مناصب السامية، ووضع حد لانتهاكات وتعسفات وإهانات أولاد الفشوش" إلى غيرها من الأحلام التي لا تعالج حتى أبسط العلل. فهل تنجح بعض القرارات الحكومية في وضع حد للخلل الأمني؟
اختارت جريدة الأحداث المغربية أن تكشف وجها آخر للمؤاخذات حول رجال الأمن، فأوضحت أن "الأحداث المؤسفة التي شهدتها مراكش، على خلفية ارتفاع فواتير الماء والكهرباء"، دفعت مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، إلى توجيه تقرير فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى الوكيل العام باستئنافية مراكش. وكشف رئيس فرع الجمعية، في تصريح للجريدة نفسها، أن "الوكيل العام للملك استمع إليه في محضر رسمي بخصوص الملابسات المحيطة باندلاع المواجهات التي أصيب فيها أزيد من 64 عنصرا من القوات العمومية، مع إحراق بعض المعدات الخاصة برجال الأمن، دون إحتساب عدد الإصابات في صفوف المحتجين"، مشيرة إلى "أن العديد من الهيآت الحقوقية سجلت مؤاخذات وأدانت المقاربة الأمنية التي تم اعتمادها”. فهل وصل الملف إلى نهايته بمحاسبة بعض رجال الأمن؟
يبدو السؤال منطقي جدا، خصوصا أن جريدة المساء أعطت مثالا حيا على عقاب بعض كبار رجال الأمن، فأوردت "أن غضبة ملكية أطاحت بوالي أمن فاس بسبب أخطاء بروتوكولية، وانتقل والي الأمن على عجل إلى المديرية العامة للأمن الوطني على خلفية استدعاء وُجه إليه، بعد ارتكاب أخطاء مهنية في الزيارات الملكية للعاصمة العلمية، وتم الاستماع أيضا إلى عدد من المسؤولين الأمنيين في ولاية الأمن، لكن دون إتخاذ أي إجراء في حقهم، في حين أسندت مهمة إدارة شؤون ولاية أمن فاس إلى النائب الثاني لوالي الأمن”.
قررات تأديبية ومطالب بتوفير الأمن في دولة الحق والقانون، لكن وراء كل هذه الآراء غياب انفتاح المؤسسة الأمنية على المجتمع.