وأوضح التقرير بأن العدد التقديري للأشخاص المصابين بفيروس العوز المناعي البشري في عام 2020، وصل إلى 37,700,000 إصابة، بعد تسجيل مليون و500 إصابة جديدة خلال السنة ذاتها، فيما وصل عدد الأشخاص الذين لاقوا حتفهم في عام 2020 نتيجة لأسباب تتعلق بالفيروس إلى 680,000 وفاة.
وأشار التقرير إلى أن %70 في المائة من البالغين المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري يتلقون علاجاً مضاداً للفيروسات العكوسة مدى الحياة.
ووفق تقرير المنظمة العالمية للصحة، ما زال فيروس العوز المناعي البشري (الفيروس) يشكّل أحد أبرز مشاكل الصحة العامة، إذ أدى حتى الآن إلى وفاة نحو 36,3 مليون شخص (27,2-47,8 مليون شخص).
وحسب نفس المصدر، يستهدف هذا الفيروس جهاز مناعة الفرد ويضعف دفاعه ضد العديد من حالات العدوى وبعض أنواع السرطان التي يمكن للأفراد المتمتعين بجهاز مناعة سليم أن يتصدوا لها، وبعد أن يدمّر وظيفة الخلايا المناعية ويعطلها، تتناقص المناعة تدريجيا عند الأفراد المصابين بعدوى الفيروس، وتُقاس عادةً وظيفة المناعة بتعداد خلايا عنقود التمايز 4.
وتتمثل المرحلة الأكثر تقدماً للإصابة بعدوى الفيروس في متلازمة العوز المناعي المكتسب (الإيدز) التي يمكن أن يستغرق تطورها عدة سنوات حسب كل فرد، إن لم تُعالج، ويُعرّف بظهور أنواع معينة من السرطان أو العدوى أو سائر المظاهر السريرية الوخيمة المزمنة.
العلامات والأعراض
تختلف أعراض الفيروس باختلاف مرحلة العدوى, ورغم أن قدرة المتعايشين مع الفيروس على نقل العدوى غالبا تكون على أشدها في الأشهر القليلة الأولى اللاحقة للإصابة بالعدوى، فإن الكثيرين منهم لا يدركون إصابتهم بالعدوى حتى مراحل متأخرة, وقد لا تظهر في الأسابيع القليلة الأولى اللاحقة للإصابة بعدوى الفيروس الأولية أي أعراض على المصاب أو قد تظهر عليه أعراض مشابهة للأنفلونزا، ومنها الحمى أو الصداع أو الطفح الجلدي أو التهاب الحلق.
ونظراً إلى أن عدوى الفيروس تضعف جهاز المناعة تدريجياً، فقد تظهر على المصابين علامات وأعراض أخرى، مثل تورم الغدد اللمفاوية وفقدان الوزن والحمى والإسهال والسعال. ومن دون علاج، قد تظهر عليهم أيضاً أمراض وخيمة مثل السل، والتهاب السحايا بالمستخفيات، والالتهابات البكتيرية الوخيمة، وبعض أنواع السرطان مثل الأورام اللمفاوية وساركومة كابوزي.
انتقال المرض
يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق سوائل جسم الشخص المصاب، مثل الدم وحليب الأم والمني والإفرازات المهبلية, ويمكن أن ينتقل الفيروس من الأم إلى طفلها أثناء الحمل والولادة, ولا تنتقل العدوى بالمخالطة اليومية الاعتيادية، مثل التقبيل أو العناق أو المصافحة أو تقاسم الأدوات الشخصية أو الطعام أو الماء.
وجدير بالذكر أن المصابين بعدوى الفيروس الذين يحصلون على علاج مضاد للفيروسات القهقرية والذين يكبت الفيروس لديهم لا ينقلون عدواه إلى شركائهم الجنسيين, ولذلك فإن الحصول المبكر على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية وعلى الدعم لمواصلة العلاج ينطوي على أهمية حاسمة، لا لتحسين صحة المصابين بالفيروس فحسب، بل لمنع نقله إلى الآخرين أيضاً.
عوامل الخطر
تشمل الممارسات والحالات التي تزيد من احتمال الإصابة بالفيروس حسب تقرير منظمة الصحة العالمية,
ممارسة الجنس دون حماية, الإصابة بعدوى أخرى منقولة جنسياً، مثل الزهري والهربس والمتدثرة والنيسرية البنية والتهاب المهبل الجرثومي, تقاسم الإبر والمحاقن وسائر أدوات الحقن ومحاليل تحضير المخدّرات الملوّثة عند حقن المخدّرات, الخضوع لعمليات حقن أو نقل دم أو زرع أنسجة غير مأمونة، أو لإجراءات طبية تنطوي على شقّ الجلد أو ثقبه دون تعقيم, التعرض لوخزات الإبر عرضاً، بما يشمل التعرض لها فيما بين العاملين الصحيين.
تشخيص المرض
يمكن تشخيص الإصابة بالفيروس بواسطة فحوص التشخيص السريع التي تظهر نتائجها في اليوم نفسه, وهذا ييسر كثيرا تشخيصها مبكراً وإحالة المصابين للعلاج والرعاية, وهناك اختبارات للكشف عن الفيروس تتيح للأشخاص إجراء الكشف بأنفسهم, بيد أنه لا يوجد اختبار واحد يعطي تشخيصاً كاملاً للفيروس؛ ولذلك يلزم اختبار تأكيدي يجريه عامل صحي أو مجتمعي مؤهل ومتمرس في مركز طبي مجتمعي, ويمكن الكشف عن عدوى الفيروس بدقة كبيرة باستعمال الاختبارات التي أقرّت المنظمة صلاحيتها مسبقاً في إطار استراتيجية اختبار معتمدة وطنياً.
وتكشف معظم اختبارات تشخيص الفيروس الشائع استخدامها الأضدادّ التي ينتجها الشخص في استجابته المناعية لمكافحة الفيروس, وفي معظم الحالات، ينتج الشخص الأضداد في غضون 28 يوماً من إصابته بالعدوى. ويمر الشخص خلال هذا الوقت بفترة تُسمى "النافذة" لا تُنتج فيها الأضداد بكميات كبيرة تكفي لكي للكشف عنها في الاختبارات المعيارية، ولا تظهر على الشخص علامات الإصابة بعدوى الفيروس، ويمكنه أيضاً نقل العدوى إلى الآخرين. وقد ينقل الفرد الفيروس عقب إصابته بعدواه إلى شريك يمارس معه الجنس أو يتقاسم معه المخدّرات، أو قد تنقله الحامل إلى طفلها أثناء فترة الحمل أو الرضاعة الطبيعية.
وبعد تشخيص إصابة الفرد بالفيروس، ينبغي أن يُعاد فحصه قبل تسجيل اسمه في سجلات العلاج والرعاية تفادياً لأي خطأ محتمل في الاختبار أو الإبلاغ عن النتائج, وينبغي بصفة خاصة ألا يُعاد فحص الشخص بعد تشخيص إصابته بعدوى الفيروس وبدء تلقيه العلاج.
ومع أن اختبار الإصابة بالفيروس بين المراهقين والبالغين بات مبسطاً وناجعاً، فإن ذلك لا ينطبق على الرضع المولودين لأمهات مصابات بالعدوى, فبالنسبة إلى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهراً، لا يكفي الاختبار المصلي لتحديد الإصابة بعدوى الفيروس - ويتعين إجراء الاختبار الفيروسي في وقت مبكر عند الولادة أو في الأسبوع السادس من العمر, وقد غدت تكنولوجيات جديدة لإجراء هذا الاختبار متاحة في مراكز الرعاية، ويمكن الحصول على نتائج الاختبار في اليوم نفسه، ممّا سيسرّع الإحالة للحصول على العلاج والرعاية المناسبين.
الوقاية
يمكن للأفراد أن يخفضوا احتمال الإصابة بعدوى الفيروس عن طريق الحد من التعرض لعوامل الخطر, وترد أدناه الأساليب الرئيسية للوقاية من عدوى الفيروس التي تُستخدم مجتمعةً في أغلب الأحيان.
استعمال العازل الطبي، إجراء الاختبار وتقديم المشورة بشأن بفيروس العوز المناعي البشري والأمراض المنقولة جنسياً, إجراء الاختبار وتقديم المشورة والربط بخدمات رعاية السل, الختان الطبي الطوعي للذكور, استخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لأغراض الوقاية, الحدّ من المخاطر لمتعاطي المخدّرات عن طريق الحقن, القضاء على انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل.
العلاج
يمكن تدبير الإصابة بالفيروس باتباع مقررات علاجية مكونة من توليفة من 3 أدوية أو أكثر من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية. ولا تعالج المضادة للفيروسات القهقرية حاليا الإصابة بالفيروس ولكنها تساهم إلى حد كبير في كبت تكاثر الفيروس في جسم الشخص وتسمح بتعافي جهازه المناعي وتقويته واستعادة القدرة على التصدي لحالات العدوى الانتهازية وبعض أنواع السرطان.
وقد أوصت المنظمة منذ عام 2016 بإعطاء الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية طوال العمر لجميع المصابين بالفيروس، بمن فيهم الأطفال والمراهقون والبالغون والحوامل والمرضعات، وبصرف النظر عن الحالة السريرية وتعداد خلايا عنقود التمايز 4.
وحتى يونيو 2021، كان 187 بلداً قد اعتمد هذه التوصية، مما يغطي 99% من جميع المصابين بالفيروس في العالم, إضافة إلى استراتيجية "علاج الجميع"، توصي المنظمة أيضاً بالإسراع في إعطاء الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لكل المصابين بالفيروس، بما في ذلك إعطاءها منذ يوم تشخيص الإصابة لمن هم مستعدون لاستهلال العلاج. وبحلول يونيو 2021، أفادت 82 من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل بأنها اعتمدت هذه السياسة، وأفاد نصف هذه البلدان تقريبا بتطبيق السياسة على نطاق البلد.
وعلى الصعيد العالمي، كان 27,5 مليون شخص [26,5-27,7 مليون شخص] من الأشخاص المتعايشين مع الفيروس يحصلون على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية في عام 2020. ويساوي ذلك تغطية عالمية بالعلاج المضاد للفيروسات القهقرية بنسبة 73% [56-88%]. ومع ذلك تضيف المنظمة، يلزم بذل المزيد من الجهود من أجل زيادة نطاق العلاج، ولاسيما علاج الأطفال والمراهقين. وبحلول نهاية عام 2020، كان 54% فقط [37-69%] من الأطفال والمراهقين يحصلون على العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.