تشغيل الأطفال.. مبادرة رائدة لاجتثاث ظاهرة تمس بكرامة المجتمع

DR

في 19/05/2021 على الساعة 20:00

انقطاع عن الدراسة، واضطرار للخروج إلى العمل، تلكم حال العديد من الأطفال الذين حرموا من حقهم في ممارسة شغبهم الطفولي، وتحمل أعباء إعالة أسر بكاملها، في ظاهرة لافتة شكلت مصدر نقاش عمومي مجمع على ضرورة محاصرتها لضمان كرامة هؤلاء الأطفال.

في ظل هذا السياق، جاء إطلاق مبادرة "التزام" لمحاربة تشغيل الأطفال بالمغرب، من قبل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والرامية إلى وضع حد لظاهرة اجتماعية تكرس مظاهر الهشاشة داخل المجتمع.

فتشغيل الأطفال صورة من صور حرمانهم من طفولتهم ومؤهلاتهم وكرامتهم، والمس بنموهم الجسماني والعقلي، وتهديد سلامتهم الصحية، ما يجعل من الضروري إطلاق مبادرات لمحاربة الظاهرة في حذورها العميقة والوقوف في وجه هذه الممارسات التي تعد خرقا حقيقيا لحقوق الإنسان.

ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على كافة المتدخلين التنسيق في ما بينهم للقضاء على المسببات الرئيسية لعمالة الأطفال، ووعيا منه بهذا الرهان وحق الأطفال في مستقبل آمن يحفظ لهم كرامتهم، بادر الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى تعبئة الفاعلين الخواص للحد من تشغيل الأطفال، الذي تتداخل فيه مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بتعاون مع منظمة العمل الدولية، عبر إطلاق برنامج "التزام" الموجه لمقاولات القطاع الخاص بالمغرب.

وبخصوص هذه المبادرة، أكد الاتحاد أنها تعتبر مبادرة رائدة على المستوى الوطني، وستمكن من تعزيز التزام القطاع الخاص وانخراطه من أجل المساهمة في القضاء على تشغيل الأطفال في المغرب، ولا سيما ما تعلق بالأشغال الخطيرة.

وتقوم المبادرة على إحداث منصة "التزام" من أجل مواكبة المقاولات المغربية في إنجاح الإجراءات التي تتخذها لمكافحة تشغيل الأطفال، من خلال تزويدها بجميع المعلومات اللازمة، وأدوات التوعية ودورات تكوينية عبر الإنترنت، علاوة على تشجيع التبادل بين المقاولات وتقاسم الممارسات المثلى في هذا المجال.

كما أنها تتيح الفرصة للمقاولات للمساهمة في تحقيق الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والذي يدعو الدول إلى اتخاذ تدابير فورية وفعالة لإنهاء تشغيل الأطفال بجميع أشكاله بحلول سنة 2025.

وحسب هشام زوانات رئيس اللجنة الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، فإن الجهود المبذولة في مكافحة تشغيل الأطفال في المغرب معتبرة، حيث انخفض عدد الأطفال الذين دخلوا عالم الشغل بنسبة 92 بالمائة، فتراجع عددهم من 517 ألفا في عام 1999، إلى 42 ألف في عام 2018.

وقال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا الموضوع يكتسي أهمية خاصة في سياق التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19، لأن الأزمات والأوبئة عوامل تكرس الفوارق الاجتماعية وتضاعفها.

وأوضح أن إحداث المنصة يتوخى ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في التحسيس والتواصل بخصوص الظاهرة، ووضعها على مائدة النقاش العمومي، ومواكبة المقاولات والمشغلين ومنحهم البراهين للقضاء نهائيا على تشغيل الأطفال، ليس فقط على مستوى مقاولاتهم الخاصة بل أيضا على مستوى مجموع سلسلة القيم.

أما الهدف الثالث، فيهم نشر الممارسات الفضلى الرامية إلى القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال داخل المغرب وخارجه، وتقاسمها مع مجموع المقاولات الوطنية.

فالمبادرة تتطلع إلى تحسين احترام المقاولات للمعايير الوطنية والدولية في مجال محاربة عمالة الأطفال، ووضع آليات رهن إشار المقاولات للتبادل وتقاسم الخبرات حول استراتيجية محاربة تشغيل الاطفال في سلاسل التموين وتشجيع المقاولات على بلورة مقاربات عملية وتشاركية لمحاربة الظاهرة.

واستنادا إلى البحث الوطني للتشغيل لعام 2019 في المغرب، فإنه لا يزال 34 ألف طفل دون سن 15 عاما يشتغلون، مقابل 517 ألفا في عام 1999. ومع ذلك، فإن عدد الأطفال الذين يتسربون من التعليم الإلزامي سنويا ما يزال مرتفعا.

وبالنظر إلى الوضع الحالي والاستثنائي بفعل الجائحة، فإن الخطر المحتمل لتشغيل الأطفال تضاعف، علاوة على أن الهدر المدرسي الذي يعتبر السبب الرئيسي لعمالة الأطفال بالمغرب تضاعف بسبب الإغلاق المؤقت للمدارس، وتدهور الوضع الاقتصادي للأسر.

ومن خلال هذه المنصة، ينضم الاتحاد العام لمقاولات المغرب للجهود الدولية والوطنية لمحاربة عمالة الأطفال في أفق 2025، والعمل مع مقاولات أخرى من أجل وضع نماذج للتعاون مبتكرة لمحاربة الظاهرة في سلاسل التموين، علاوة على أنشطة أخرى في مجالات التكوين وتعزيز القدرات.

وبرأيه، فلابد من توحيد الجهود وتظافرها وتسخيرها في اتجاه واحد، لتكوين قوة ضاغطة لمحاربة تشغيل الأطفال، وكسب الرهان اليوم يتطلب محاربة الظاهرة إلى حين القضاء عليها تماما.

وكانت منظمة العمل الدولية قد أعلنت سنة 2021 سنة دولية للقضاء على عمالة الأطفال، فالسنوات العشرين الأخيرة شهدت سحب حوالي 100 مليون طفل من سوق الشغل، ليرتفع العدد إلى 152 مليون طفل سنة 2016 مقابل 246 مليون سنة 2000.

ولاحظت المنظمة أن الأزمة المرتبطة بكوفيد-19 رفعت من معدل الفقر بين الساكنة التي كانت تعاني من الهشاشة قبل الجائحة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى العودة للوراء في ما يخص التقدم المحصل عليه في محاربة تشغيل الأطفال، فضلا عن أن إغلاق المدارس ساهم في تفاقم المشكل، بحكم أن ملايين الأطفال يشتغلون للمساهمة في توفير مدخول لأسرهم.

تحرير من طرف Le360 مع و.م.ع
في 19/05/2021 على الساعة 20:00