وأوضحت يومية المساء، في عدد نهاية الأسبوع، افتتاحية لملفها قالت فيها إن رمضان هو شهر المتناقضات باميتياز، فالمساجد ليست وحدها ما يجذب اهتمام المغاربة خلال الشهر الفضيل، بل إن مقاهي الشيشة والعلب الليلية ودور الدعارة والقمار تتحول، هي الأخرى، إلى منافس قوي وشرس للجوامع، كاشفة "شيزوفرينيا" غريبة في المجتمع المغربي يعجز عن تفسيرها أعتى الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع.
وذكرت اليومية أن كل ما يعتبر ممنوعا نهار رمضان يصبح مباحا مشروعا في الليل. فبمجرد انتهاء صلاة العشاء والتراويح ينزع العديدون عن أنفسهم عباءة "الفقيه" ويرتدون زي التحرر، مستسلمين لممارسات من المفروض أن تختفي خلال رمضان، إلا أنها تزداد حدة ووطأة، مخالفة جميع القواعد، وحتى الوجوه المكفهرة بالصوم و"الترمضينة" تتحول إلى أخرى أكثر بشاشة بعد الإفطار، وتزول عنها ملامح الغضب والتعب والضجر، حين يتحول السعي وراء النساء والتحرش بهن ومعاكستهن أمرا مشروعا، بعد أن كان غض البصر فرضا واجبا قبل آذان المغرب.
حملات سابقة لأوانها
وتتحول الكابريهات "الحلال" إلى فضاءات تتراقص في كنفها الأضواء وتترنح فيها الأجساد العارية لقاصرات يمتطين صهوة التحرر، ويغترف عشاق اللحم الأبيض نكهات أنثوية محضة لنساء تحولن إلى طبق رئيسي في طاولة الباحثين عن اللذة العابرة، مجانا أو مقابل مبالغ مالية تتفاوت حسب نوعية العاهرات أو اللواتي هن على مشارف البغاء.
واعتادت المصالح الأمنية، قبيل شهر كل شهر رمضان، إعلان حملات تطهيرية ضد شبكات الدعارة، مروجي المخدرات في الأحياء المشبوهة، وعادة ما تُسفر عن اعتقال عدد من المزودين والعشرات من الشباب والفتيات من بينهم عناصر مبحوث عنها في عدة قضايا مختلفة، وذلك تحسبا لتزايد تعاطي الدعارة والمخدرات خلال هذا الشهر.
ويظل الجهاز الأمني عاجزا عن الحد من هذه الظاهرة، التي تزداد حدتها خلال هذا الشهر الكريم، إذ لابد من توفير مناخ أمني يندرج ضمن مخطط إستراتيجي شامل تساهم فيه معظم أجهزة الدولة ومؤسساتها، وذلك حتى لا يظل رمضان تائها في تناقضاته.