سيقضي المعطي منجب ليلة رأس السنة في السجن. فبعد ظهر يوم 29 دجنبر 2020، تم توقيفه على ذمة التحقيق بتهمة الاختلاس وتبييض الأموال. التحقيق القضائي في هذا الملف استغرق الوقت الكافي للكشف عن شبكة الاختلاس والإثراء غير المشروع التي كان المشتبه به يديرها، في الوقت الذي يقدم نفسه كناشط في مجال حقوق الإنسان يتعرض للمضايقات. الأدلة التي تم جمعها على مدى السنوات الخمس الماضية تدين هذا الناشط المزعوم، والذي تبين أنه مجرم من ذوي الياقات البيضاء.
تعود بداية التحقيق مع المعطي منجب في هذه القضية إلى أكتوبر 2015. فقد منع المؤرخ من مغادرة البلاد، لأنه كان موضوع تحقيق قضائي لـ"مخالفات مالية" مرتبطة بإدارة مركز ابن رشد للدراسات والتواصل الذي ترأسه لسنوات.
أنشأ المعطي منجب هذا المركز في دجنبر 1999. والغريب في الأمر أنه نجح في تحويله إلى شركة محدودة المسؤولية وليست منظمة غير حكومية من أجل التهرب من مراقبة الدولة، وخاصة مراقبة الأمانة العامة للحكومة التي تتحقق من التمويل الأجنبي الذي تستفيد منه الجمعيات المغربية.
على الرغم من امتلاكه 98 في المائة من الأسهم في الشركة، فإن المعطي منجب جعل أخته مسيرة للشركة بالرغم من أنها لا تملك إلا 1 في المائة فقط من الأسهم.
غير أن المؤرخ كانت لديه الحرية الكاملة في إدارة الأموال الأجنبية التي يتلقاها مركزه. وكانت الإعانات تأتي بشكل رئيسي من المنظمة غير الحكومية الهولندية "Free Press Unlimited" والمنظمة الأمريكية "National Endowment". كما المعطي منجب قد تلقى أموالا أجنبية أخرى وصلت إلى حدود 1.4 مليون درهم.
معظم الأموال، التي تدفقت بسخاء، انتهى بها المطاف في حسابين بنكيين فتحا باسم المعطي منجب في فرع بنك في الرباط. خلال خمس سنوات، حول إلى هذين الحسابين 3.5 مليون درهم وسحب هو نفسه مبالغ نقدية.
وبلغ إجمالي ما تم سحبه 3.1 مليون درهم، تم إيداع 2.45 مليون منها في حساب ثالث مغلق، حصل من خلالها على فوائد مهمة. ومن هذا الحساب الثالث ذاته، سحب المعطي منجب، في فاتح نونبر 2014، أكثر من مليوني درهم قدمها لأخته وزوجته. تم تنفيذ هذه العملية عشية حل مركز ابن رشد، عندما أصبحت المراقبة المفروضة على المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلا أجنبيا أكثر صرامة.
وأسفرت التحقيقات القضائية التي أجريت في السنوات الأخيرة عن إحصاء دقيق إلى حد ما للأصول المالية للمعطي منجب، وهو أستاذ جامعي لا يتجاوز راتبه الشهري الإجمالي 11800 درهم. وبهذا الدخل المتواضع، اقتنى ما مجموعه 34840 مترا مربعا من الأراضي العارية وسجلها باسمه. وهكذا، فقد اشترى خلال السنوات الست الماضية 6900 مترا مربعا في عام 2014، و5950 مترا مربعا بعد عام واحد، و4075 مترا مربعا في عام 2017، وأخيرا 17915 مترا مربعا في عام 2019. وينضاف إلى ذلك ثلاث شقق تقع في الهرهورة، وفي حي أكدال في الرباط، وفي بنسليمان.
وفي مدينة بنسليمان تعيش أخت منجب الصغرى، والتي يقدمها على أنها "أمية ومصابة بالسكري"، في حين تبين أنها حلقة أساسية في شبكة تبييض الأموال. فاطمة منجب متزوجة من عامل مياوم، عملت في مجموعة مدارس براتب شهري قدره 3000 درهم، قبل أن تنضم إلى "الشركة العائلية" في عام 2009. لمدة سبع سنوات، تلقت من مركز ابن رشد راتبا قدره 5000 درهم. شهريا كمسيرة على الرغم من أنها لم تطأ قدمها أبدا المركز.
على الرغم من هذا الدخل المتواضع نسبيا، فإن ذلك لم يمنعها من دفع ثمن شقتين في بنسليمان (1.2 مليون درهم، بما في ذلك 700000 درهم قدم نقدا)، بعد أقل من أسبوع من شراء شقة أخرى (دائما في بنسليمان) مقابل 400 ألف درهم تضاف إلى قطعة أرض مساحتها 500 متر مربع تم شراؤها مع شخصين آخرين، وقد أنفقت عليها نصف مليون درهم.
يبدو أن شبكة "المعطي" هي نموذج في مجال تبييض الأموال. وبالتأكيد لن تتوقف الحقائق التي تم كشفها عند هذا الحد، غير أن القضية اتخذت في الوقت الحالي منعطفا جديدا.