وانخرط المغرب في جهود التصدي لهذه النفايات الخطيرة والعمل على تدبيرها بالشكل المطلوب، حيث اعتمد ترسانة قانونية مهمة كالقانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، والمرسوم المتعلق بتصنيف النفايات الخطيرة، والمرسوم المتعلق بتدبير النفايات الطبية والصيدلانية، بالإضافة إلى الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي أولى أهمية كبيرة لمسألة تدبير النفايات الطبية.
وتنجم النفايات الطبية والصيدلية عن الأنشطة المتعلقة بالتشخيص والمتابعة والمعالجة الوقائية أو الاستشفائية في مجالات الطب البشري والبيطري، وكذا جميع النفايات الناتجة عن أنشطة المستشفيات العمومية والمصحات ومؤسسات البحث العلمي ومختبرات التحاليل العاملة في هذه المجالات وعن كل المؤسسات.
وتستلزم معالجة النفايات الطبية والصيدلانية، التي تكتسي 20 في المائة منها طابع الخطورة، عناية خاصة حسب منظمة الصحة العالمية، تتضمن عمليات الفرز من المصدر والتغليف والتخزين والجمع والنقل والمعالجة والتخلص .
وفي هذا الصدد، أوضح عبد السلام الشكال، عن مديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة بوزارة الصحة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن النفايات الطبية تتوزع إلى النفايات المماثلة للنفايات المنزلية التي تمثل بين 75 في المائة و80 في المائة من الحجم الكلي للنفايات، والنفايات الخطيرة التي تمثل ما بين 10 في المائة و25 في المائة من الحجم الكلي للنفايات.
وأضاف أن النفايات الطبية والصيدلية تصنف بحسب خاصياتها وطبيعتها، إذ أن الصنف الأول يشمل، نفايات تحتوي على خطر العدوى لاحتوائها على كائنات دقيقة حية أو سميات قادرة على أن تسبب المرض للإنسان أو لكائنات حية أخرى، وكذا الأعضاء والأنسجة البشرية أو الحيوانية غير قابلة للتعرف، (مثل اللفافات والقفازات وأنابيب التغذية الوريدية)، وأدوات حادة أو قاطعة متخلى عنها كانت في تماس مع مادة بيولوجية أو لم تكن في تماس معها، (مثل الإبر والمحاقن والشفرات)، ومنتوجات ومشتقات الدم المخصصة للعلاج غير مستعملة أو فاسدة أو انتهت مدة صلاحيتها.
أما الصنف الثاني، يضيف الشكال، فيضم أدوية ومواد كيميائية وبيولوجية غير مستعملة أو فاسدة أو منتهية الصلاحية، ونفايات الأدوية أو المواد المانعة لانقسام الخلايا والمانعة للتسمم، أما الصنف الثالث فيهم أعضاء وأنسجة بشرية أو حيوانية سهلة التعرف عليها من طرف شخص غير متخصص، أما الصنف الرابع فيشمل نفايات مماثلة للنفايات المنزلية.
وقال إن مخاطر النفايات الطبية والصيدلية تكمن في انتشار العدوى عن طريق اللمس المباشر لإفرازات المريض أو السوائل الناتجة من جسمه المتواجدة بالنفايات، مضيفا أنه يمكن أيضا انتشار الجراثيم عن طريق القوارض والحشرات التي تلامس النفايات المدبرة بطريقة غير آمنة، ومن بين هذه التأثيرات فقدان المناعة المكتسبة، والتهاب الكبد، والعدوى المعوية، والعدوى التنفسية، والالتهابات الجلدية، والتسمم، وفطريات الدم.
ومن أجل الحد من مخاطر هذه النفايات، أوضح المسؤول أنه يعتمد في تدبيرها على أربع مبادئ توجيهية، تتمثل في مبدأ "ملوث مؤدي" ويعني أن منتج النفايات هو المسؤول من الناحية القانونية والمالية عن التخلص منها بطريقة آمنة وصديقة للبيئة، ومبدأ توخي الحذر أو الاحترازية، وهذا يعني أنه إذا اشتبه بكون نتيجة الخطر المحتمل كبيرة أو خطيرة، لكنها غير معروفة بدقة، فيجب افتراض أن درجة الخطورة عالية.
وهذا، كما قال، يؤدي إلى إجبار منتجي النفايات الطبية إلى اعتماد واستخدام معايير جيدة لتدبير النفايات والتخلص منها، ومبدأ تحمل المسؤولية الذي ينص على أن أي شخص يدير أو يتعامل مع النفايات الطبية، هو المسؤول أخلاقيا عن معالجتها، ومبدأ القرب حيث يجب أن تتم معالجة النفايات والتخلص منها في أقرب موقع ممكن من موقع الإنتاج وذلك للحد من المخاطر على عامة الناس.
واعتبر أن التعامل الخاطئ مع هذا النوع من النفايات قد يسبب مشاكل صحية وتأثيرات سلبية على البيئة، لذا فإن التدبير الجيد لهذه النفايات يتطلب رفع مستوى الوعي لدى جميع المتدخلين واعتماد استراتيجية خاصة مع التركيز على تكوين جميع الأطر الصحية في هذا المجال، مضيفا أن التدبير التقني للنفايات يمر عبر عدة مراحل، تتمثل أساسا في الفرز الذي يعتبر نقطة أساسية في تدبير النفايات حيث يؤدي إلى خفض كميات النفايات الخطيرة وإلى تخفيض تكاليف التخلص الآمن منها، واستعمال ألوان محددة للأوعية والأكياس الخاصة بالنفايات، منها الأحمر للنفايات المعدية، والأصفر للنفايات الحادة والقاطعة، والبني للنفايات الكيماوية والصيدلية، والأسود للنفايات العامة.
وأضاف أنه يجب أيضا التمييز بين العربات المخصصة لنقل النفايات المماثلة للنفايات المنزلية والمخصصة لنقل النفايات الخطيرة داخل المستشفى، وتخصيص أماكن لتخزين النفايات الطبية بمواصفات تقنية خاصة، وجمع ونقل النفايات من طرف شركات مرخص لها، والمعالجة والتخلص من النفايات الخطرة بالمنشآت المخصصة والمرخص لها.
وللتخلص من هذا النوع من النفايات الخطيرة، أشار إلى أنه بالإضافة إلى الأجهزة المتوفرة ببعض المستشفيات العمومية، يتوفر المغرب حاليا على خمس وحدات خاصة لمعالجة النفايات الطبية الخطيرة بكل من تطوان، والدار البيضاء، ومكناس، وتمارة وورزازات. كما أن هناك عدة وحدات أخرى في طور الإحداث.
وبالنسبة للمستشفيات العمومية، يضيف الشكال، فغالبيتها تقوم بمعالجة النفايات إما بإبرام صفقات إطار مع شركات خاصة أو عن طريق وحدات المعالجة المتوفرة في بعضها، حيث تم رصد حوالي 45 مليون درهم سنة 2018 لتدبير النفايات الطبية.
أما بالنسبة لمؤسسات العناية الصحية الأولية، فإنه ابتداء من سنة 2018 أصبحت مندوبيات وزارة الصحة تبرم صفقات مع الشركات الخاصة لجمع والتخلص من النفايات الطبية الخطيرة خصوصا بالمناطق الحضرية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تدبير النفايات بهذه المؤسسات تعترضه عدة صعوبات ترتبط أساسا بكمية النفايات التي تنتجها.
وفي هذا السياق، كشف الشكال أن وضعية تدبير النفايات الطبية والصيدلية بالمؤسسات الصحية، حسب آخر بحث أقيم سنة 2013، تظهر أن كمية النفايات الطبية والصيدلية الخطيرة التي تنتجها المؤسسات الصحية بالمغرب تقدر بـ7642 طن في السنة تتوزع بين القطاع العمومي (المستشفيات: 3538 طن سنويا، ومؤسسات العناية الصحية الأولية: 814 طن سنويا)، والقطاع الخاص (المصحات الخاصة: 1983 طن سنويا، ومراكز الدياليز: 877 طن سنويا، ومختبرات التحاليل الطبية: 430 طن سنويا).