هؤلاء الذين يعتقدون أن عملية "الأيادي البيضاء" التي أطلقها عبد اللطيف الحموشي، ليست إلا سحابة صيف عابرة مخطئون. فبعض أصحاب المطاعم والفنادق في كورنيش عين الذئاب بالدار البيضاء، الذين كانوا يعتقدون أن لا أحد يمكن المساس بهم ببيعهم للخمور المغشوشة التي تعرض صحة المواطنين للخطر، يدركون الآن أن الأمر جد في جد.
فحالة فندق "لاكوت" حيث تم اكتشاف كميات كبيرة من المشروبات المهربة هي مجرد الشجرة التي تخفي الغابة. ولا يزال ياسين الزهراوي، صاحب هذه المؤسسة هاربا من العدالة.
من يزود هذا الفندق؟ أين يتم صنع الملصقات والسدادات المزيفة؟ من يتزعم هذه التجارة غير المشروعة؟ تقدم العملية التي أطلقها رجال الحموشي يوم الجمعة 4 شتبنر بعض الإجابات على هذه الأسئلة.
هذه العملية المسماة "باخوس" (إله الخمر عند الرومان)، نفذت في وقت واحد في عدة مدن وشملت مستودعات ومحلات لشرب الخمر في الدار البيضاء وحد السوالم وخريبكة وبني ملال والفقيه بن صالح ووادي زم.
تحت إشراف النيابات العامة المختصة، مكنت عملية "باخوس" من ضبط كميات كبيرة من الخمور المغشوشة أو المزيفة، بالإضافة إلى طوابع الضرائب والمعدات المستخدمة على قنينات المشروبات غير المشروعة: خمور من النوع الرديء المصنوعة سرا أو خمور مهربة.
وبحسب مصادرنا، فقد اكتشف المحققون في مستودع واحد استهدفته هذه العملية أكثر من 30 ألف طابع ضريبي مزور.
تعود ملكية جميع أماكن شرب الخمر ونقط البيع، التي همتها عملية باخوس، إلى رجل واحد: سعيد ولد الخريبكي، الملقب أيضا بـ"رب الشراب". وبحسب مصادرنا، فإن هذا الرجل يمتلك نحو 20 شركة ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية أكثر من 600 مليون درهم.
وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، يزود سعيد ولد الخريبكي صغار تجار الجملة في جميع أنحاء البلاد بالإضافة إلى بعض الفنادق والمطاعم التي تحقق مبيعات مذهلة من خلال بيع مشروبات كحولية غير قانونية.
وفي إطار عملية "الأيادي النظيفة"، أقال عبد اللطيف الحموشي، نائب والي امن الدار البيضاء حميد بحري ورئيس الاستعلامات العامة الولائية، نور الدين الكلاوي، وأحال على التقاعد عبد الغني الفكاك، رئيس المنطقة الأمنية بسيدي البرنوصي.
وبحسب بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، فإن عمليات التفتيش التي أجريت بالتزامن في عشرات المستودعات والمحلات في الدار البيضاء وبني ملال وخريبكة ووادي زم أدت إلى ضبط ما يقرب من مليون زجاجة من الكحول المستورد و203.016 طوابع ضريبية بالإضافة إلى مبلغ مالي يقارب 10 ملايين درهم.
وكشف البلاغ أن المعاينات الأولية، التي باشرها ضباط الشرطة القضائية، أوضحت أن كميات من المشروبات الكحولية المضبوطة كانت تحمل تواريخ منتهية الصلاحية منذ مدة، وأن البعض الآخر من هذه السلع هو من أصل أجنبي لا يحمل الملصقات الضريبية التي تؤكد وضعيته القانونية إزاء الجمارك.
وقد تم فتح بحث تمهيدي في هذه القضايا تحت إشراف النيابات العامة المختصة، بتنسيق مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وذلك للتحقق من مشروعية حيازة هذه المشروبات الكحولية وسلامتها على الصحة العامة، مع الإشارة إلى أن عمليات التفتيش لا زالت مستمرة في هذه القضية.