الإمارات..طقوس وتقاليد عريقة بنفحات أصيلة

DR

في 16/07/2013 على الساعة 12:42, تحديث بتاريخ 16/07/2013 على الساعة 12:45

أينما وليت وجهك، في شهر رمضان الأبرك بإمارة أبوظبي، وبباقي الإمارات، تثير انتباهك، خيام كبرى منتصبة هنا وهنالك، تتحول عشية كل يوم وقبيل موعد أذان صلاة المغرب، إلى محج لآلاف الصائمين من مختلف الجنسيات.. أسيوية وإفريقية وحتى عربية، لتناول وجبات إفطار جماعية وبالمجان.


هي كما يحلو لأهالي الإمارات تسميتها ب"موائد الرحمن"، عادة دأبت عليها هيئات خيرية ومحسنون إماراتيون، منذ سنوات، من أجل إذكاء حس التآزر الاجتماعي ومساعدة المتعففين على مواجهة تكاليف هذا الشهر الفضيل.

ففي قلب العاصمة أبوظبي، وقبيل أذان صلاة المغرب، نصبت بمحاذاة من مسجد الشيخ زايد خيمة رمضانية كبيرة، تعج بحشود من الصائمين، الذين يفدون إليها يوميا، من أجل إشباع جوعهم، وإرواء ظمأهم.

خيام رمضانية بشكلها الخليجي أحيانا، وذات طراز عصري، في أحايين أخرى، هنا وهنالك، مجهزة بمعدات التكييف لمقاومة شدة الحر، وبمختلف الكراسي والطاولات لاستقبال آلاف الصائمين، أغلبهم من العمالة الوافدة أو من المستخدمين ذوي الدخول المحدودة، ومتطوعون يشتغلون كخلية نحل، همهم الوحيد إمداد موائد الإفطار بكل أصناف المأكولات الطازجة.

وقبيل أذان المغرب، تتحول هذه الفضاءات إلى شبه "مطاعم متنقلة" تعج بالحيوية، أعداد غفيرة من "الوافدين"، ألفوا ارتيادها بشكل يومي من أجل تناول وجبات تغنيهم عن توفير احتياجات هذا الشهر الفضيل من مستلزمات الأكل والشرب، وتنسيهم مشاق العمل تحت أشعة شمس حارقة.

وحسب مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، الجهة الراعية لبرنامج "إفطار الصائم" بدولة الإمارات، فإن نصب هذه الخيام، للعام الرابع على التوالي، يروم استهداف نحو 60 ألف صائم من المقيمين في البلاد.

وأوضح أحمد شبيب الظاهري المدير العام للمؤسسة، في تصريح صحفي، أن هذا المشروع الذي يجري تنفيذه في سائر مناطق الدولة، "رسالة خير وعطاء، يتوخى مساعدة المتعففين والمحتاجين على مجابهة مستلزمات هذا الشهر المبارك ورسم البسمة على محياهم، وتمكينهم من وجبات إفطار جماعي جاهزة".

وما يقال عن الخيام الرمضانية، يقال أيضا عن "مير رمضان" وهو عادة إماراتية متوارثة عن الأجداد تستعد العائلات الإماراتية بفترة قليلة قبل هذا الشهر الأبرك من أجل إعداده، حيث تقتني كل المستلزمات الضرورية لذلك من مؤن غذائية وأواني مطبخية.

وحسب (شمة) وهي مواطنة إماراتية في الأربعين من عمرها فإن "المير الرمضاني" هدية تقدم للأهالي والأصدقاء بمناسبة شهر رمضان، وهي عبارة عن أرز وطحين وسكر وتمر وبهارات، بهدف تعزيز صلة الرحم وقيم التآزر والتماسك الاجتماعي.

وتردف (شمة) أن مير رمضان، "عادة إماراتية عريقة متوارثة عند الإمارتيين أبا عن جد، تمثل إحدى طقوس هذا الشهر الفضيل، يحرص أهالي البلد على نهل ميزاتها وفضائلها من أجل كسب الأجر ونيل الثواب وتعزيز قيم التضامن والتآزر الاجتماعي.

وفي شهر رمضان أيضا، تبدو مائدة الطعام الإماراتية والتي يطلق عليها محليا ب"السفرة" مؤثثة بالأطباق والمأكولات الشعبية المعروفة، والتي يظل أشهرها "البرياني" وهو صحن كبير من الأرز ممزوج بالبهارات الهندية محشو بلحم الغنم، إضافة إلى "الهريس" (لحم مفروم)، ثم "الثريد أو الفريد" و"البلاليط" و"اللقيمات" وهي كويرات صغيرة تشبه إلى حد كبير "الإسفنج" المغربي، ثم الحساء الذي يبدو حضوره أساسيا في كل بيت إماراتي، إضافة إلى كمية من التمر المحلي واللبن والمكسرات.

وبين "موائد الرحمن" وأصالة المائدة الرمضانية الإماراتية، تبرز أيضا وبشكل لافت عادة الإفطار الجماعي، حيث يحرص أهالي الإمارات، على تناول وجبات فطورهم، بمعية الأهل والأحباب سواء في منازلهم أو في فضاءات ملحقة تقيمها الفنادق والمطاعم على الخصوص في هذا الشهر المبارك.

ويؤكد (أبو هزاع) وهو مواطن ستيني إماراتي، في حديث مماثل، أن حرص أهالي البلد على تناول وجبات إفطارهم وبشكل جماعي، سواء في البيوت أو في الفنادق، يمليه شغفهم الحثيث بالتشبث بصلة الرحم في الشهر الأغر وقضاء لحظات روحانية وحميمية أحيانا، بمعية أفراد العائلة، لتجاذب أطراف الحديث حول أمور الحياة اليومية.

ويضيف (أبو هزاع) أن عادة الإفطار الجماعي خلال هذا الشهر الفضيل، "طقس بدوي" "ورثناه عن أجدادنا منذ القدم، لتعزيز صلة الرحم والتآزر وإضفاء نفحة روحانية على مجالسنا وأحاديثنا".

هي كلها إذن عادات أصيلة تنهل من الموروث الإماراتي التليد، أثيرة لدى الكبار، تعيد للنفس عبق الماضي بأصالته وعراقته، ومحفزة لدى الجيل الصاعد الذي لا يفتأ اكتشاف ميزاتها وخصوصياتها المحلية.

تحرير من طرف Le360
في 16/07/2013 على الساعة 12:42, تحديث بتاريخ 16/07/2013 على الساعة 12:45