مع هذا الوباء الذي ينتشر يوما عن يوم، انقلبت حياتنا اليومية رأساً على عقب. العديد من العادات اليومية تغيرت. يجب أن نبتكر، لأن خلاصنا وخلاص أحبائنا مرتبط ارتباطا وثيقا بتغيير عاداتنا.
من السهل قول ذلك، ولكن من الناحية العملية، هو صعب التنفيذ، لا سيما في حالة أبوين مطلقين، إذ يعتاد الأطفال على قضاء الأسبوع مع أمهم، وقضاء الأسبوع التالي مع أبيهم، أو العكس.
هذه الحضانة المشتركة، التي غالبا ما تسبب الكثير من الألم لدى الأبوين المنفصلين، انقلبت اليوم رأسا على عقب بسبب انتشار وباء كورونا والحجر الصحي الإجباري الذي فرض على الجميع.
وسيلة، البالغة من العمر 39 سنة وأم لطفل، مطلقة منذ عشر سنوات. حضانة الطفل عادت لزوجها السابق. كان عليها أن تعتاد، رغما عنها، على رؤيته فقط في عطلة نهاية الأسبوع.
ولكن منذ بداية تفشي الوباء في المغرب وإغلاق المدارس، لم تنجح وسيلة وزوجها في الاتفاق على الإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها لحماية بعضهم البعض.
من جانبه، لا ينوي زوجها السابق، وهو رجل أعمال، إغلاق شركته ويرفض البقاء في المنزل. كما أنه يرفض التوقف عن الركض كل صباح كما اعتاد. أما خدمات عاملة التنظيف فيرفض الاستغناء عنها.
لكن بالنسبة لوسيلة، لا يمكنها أن تترك هذا الأب، الذي تعتبره غير واع بخطورة الوضع، يعرض بسلوكاته غير المسؤولة صحة ابنهما للخطر.
وأكدت قائلة: "انتظرت أن يأتي ابني إلى منزلي خلال عطلة نهاية الأسبوع، قبل عشرة أيام، ولم أعده إلى والده. إن الأمر بسيط للغاية، نعيش في شقتي الصغيرة، ولكن على الأقل يمكنني أن أرعى ابني وأنا متأكدة من أنه لن يصاب بالفيروس".
في مواجهة عناد زوجته السابقة، استسلم هذا الرجل أخيرا. "يمكنه التحدث إلى ابنه ويراه عبر تقنية الفيديو، ولكن لا يمكنه أن يستعيد أو أن يأتي لرؤيته حتى يتبع الإجراءات المفروضة"، هكذا ختمت وسيلة التي تجاهلت المقتضيات التي اتخذها القاضي عند طلاقهما، وتقول بأنها مستعدة للتضحية، إذا لزم الأمر، من أجل صحة ابنه.
أما بالنسبة للينا وزوجها السابق، أمين، فقد كان من الضروري أيضا أن يتخذا قرارا موحدا ويضعا جانبا لفترة من الوقت خلافاتهما التي دمرت حياتهم اليومية منذ طلاقهما. لم يتقفا قط على أي شيء، ولكنهما توصلا إلى اتفاق يخدم مصالح أطفالهما.
وأوضحت لينا قائلة: "لدي حضانة الأطفال طوال الأسبوع ويراهم والدهم كل أسبوعين. مع ما يحدث، قررنا أن يبقى الأطفال معي وألا يذهبوا إلى منزله" تقول لينا.
إذا كان أمين قد قبل بهذا الأمر بهذا الحل، فإنه مع ذلك اشترط على زوجته السابقة ألا تسمح لأي شخص بدخول منزلها.
وتشرح لينا قائلة: "يجب أن أوضح أمرا هو أن زوجي السابق قد تزوج وأن زوجته الجديدة حامل". وأضافت: "في الحقيقة، طالما أننا لم نتجاوز فترة حضانة الفيروس، لا يمكننا التأكد من أن الأطفال ليس لديهم شيء. يمكنهم أن ينقلوا الفيروس إلى زوجة أبيهم...".
لكل أبوين مطلقين طريقتهما الخاصة. لأن الأصعب في هذه الأوقات العصيبة هو استعادة الثقة ... في شخص فقدت فيه الثقة.
تعيش مليكة في شقة مع أطفالها الثلاثة منذ طلاقها. لكن زوجها يعيش في فيلا. مع الإعلان عن الحجر الصحي الإجباري، كان من الضروري اتخاذ قرار: إبقاء أطفالها في شقة، لفترة غير محددة، وهو خيار معقد. لكن تبين أن إرسالهم إلى والدهم، الذي يعيش مع والدته في فيلا مع حديقة، هو الخيار الأفضل.
بالنسبة للأب، الأمور ليست سهلة، لأنه يجب عليه أن يعتني، بالإضافة إلى عملة في المنزل، بالواجبات المدرسية لأطفاله.
"أنا لا أخفي عنكم أن الحياة اليومية معقدة للغاية عندما يكون لديك ثلاثة أطفال وعليك متابعة كل واحد منهم بخصوص دروسهم وواجباتهم. يجب عليك التواصل عبر المنصات المختلفة، وإرسال رسائل إلكترونية للمعلمين... إنها معاناة حقيقية! ناهيك عن أن الأطفال بحاجة إلى اللعب..."، يشتكي هذا الأب الذي يحاول رغم ذلك أن يحافظ على أن تبقى معنوياته مرتفعة ويرتب أموره اليومية.
وأخيرا، هناك أيضا حالة فاطمة التي تشك في حالتها الصحية منذ عودتها من إسبانيا قبل ثلاثة أسابيع.
"فضلت أن أتخذ الإجراءات اللازمة وأن أعزل نفسي بينما أنتظر لأرى كيف ستتطور الأمور. اتبعت حرفيا تعليمات السلطات، واتصلت بالرقم 141، وللأسف لم أتمكن من إجراء الاختبار لأنني حالتي ليست مستعجلة بحسب الطبيب. لذا، أرسلت الأطفال إلى والدهم الذي يعيش في مدينة أخرى"، تؤكد هذه الأم لثلاثة أطفال. بالنسبة لها، هذا الفراق هو مؤلم، ولكن ما يهمها هو صحة أطفالها وسلامتهم.