برز المغرب كاستثناء، بعد الأحداث الإرهابية، ليس في عدم استهدافه، لكن بتعدد مقاربته لمواجهة التطرف، ورغم الحملات القوية التي حاولت تصوير المغرب بأنه فقط عالج الإرهاب بمقاربة أمنية خالصة، إلا أن استراتيجيته كانت بعيدة المدى، وتجلت في التجديد السياسي والاجتماعي التي امتدت على مدار العقود السابقة من خلال إقرار إصلاحات دستورية ومؤسساتية، أثبتت أنه يملكقدرة على التعامل مع التحديات المحلية والإقليمية بشهادة المتتبعين.
ويرى عدد من المتتبعين أن الاستراتيجية المغربية لمواجهة الإرهاب تعتبر "إنجازا" غير مسبوقا في المنطقة ونموذجا يحتذى به، فبعد أقل من أسبوعين من تفجيرات الدار البيضاء خرج قانون مواجهة الإرهاب إلى الوجود، وتضمن ذلك القانون لعقوبات تشمل السجن بعشر سنوات لمن يتورط في أعمال الإرهاب، والسجن المؤبد إذا تسببت الأعمال الإرهابية في إحداث إصابات جسيمة للآخرين، وعقوبة الموت إذا أودت بحياة أية ضحايا.
بالمقابل سعى المغرب، في خطوته الثانية، إلى إطلاق إصلاحات سياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم تمكنه فقط من مواجهة الإرهاب، بل جنبته عواصف "الربيع العربي".
لقد اعترفت كل التقارير الدولية بالانجازات التي حققها المغرب، فالتقارير الأمريكية طالما أشادت بتطبيق الإصلاحات الداخلية التي استهدفت تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تدشين مبادرة وطنية للتنمية البشرية والتي تهدف إلى خلق فرص عمل، ومكافحة الفقر، وتحسين البنى التحتية في المناطق الريفية البعيدة والأحياء الفقيرة على أطراف مراكز البلاد الحضرية، التي كانت مسقط رأس عدد غير قليل من القائمين بالعمليات الانتحارية في الدار البيضاء. وقد نفذت هذه المبادرة حوالي 22 ألف مشروع استفاد منها أكثر من 5.2 ملايين شخص بين عامي 2006-2010، فيما يتوقع أن يتم إنفاق 2.1 مليار دولار أخرى على مشروعات شبيهة بين عامي 2012-2015.
ولم يكتف المغرب بذلك، فقد سعى إلى جعله نقطة أساسية في مواجهة الإرهاب في منطقة الساحل، ليس فقط من خلال التعاون الدولي والإقليمي، بل أيضا من خلال علاقاته الاقتصادية مع عدد من دول القارة السمراء، آخرها الاتفاقيات التي أبرمت في زيارة الملك إلى مالي.
أصبح المغرب في السنوات الأخيرة، قوة كبيرة في مجال التنمية في إفريقيا، سواء من خلال برامج إجتماعية تمس الفئات الفقيرة أو خلق مناصب الشغل أو من خلال إرادة قوية في جعل الإرهاب مجرد ذكرى أليمة.