هذه المباريات، ستجرى خلال العام الجاري في ظل المستجدات التنظيمية التي حملها النظام الأساسي الجديد لموظفي الأمن الوطني، الذي دخل حيز التنفيذ في شهر ماي الماضي.
وبهذه المناسبة، أوضح مسؤول في قسم التواصل بالمديرية لـLe360، أن من ضمن المستجدات التي أقرها النظام الجديد، نجد مراجعة ميثاق التوظيف الشرطي وإعادة النظر في منظومة التكوين الأمني، بشكل يسمح بتدعيم النزاهة والشفافية في مباريات ولوج أسلاك الشرطة، وتوسيع قاعدة التخصصات العلمية والتقنية المقبولة للترشح للمباريات، واعتماد مسطرة الانتقاء الأولي على أساس عتبة النقط والمعدلات السنوية، فضلا عن فتح باب التباري لأول مرة في وجه المهندسين والدكاترة والأطباء في فئة عمداء الشرطة الممتازين، وهي المستجدات التي تراهن من خلالها مصالح الأمن الوطني على تخليق مسطرة التوظيف واختيار شرطيي المستقبل على أساس معايير الاستحقاق والكفاءة.
وتحمل عملية تنزيل النظام الجديد لامتحانات التوظيف في صفوف الأمن الوطني تحد كبير، من خلال الانتظارات العامة من عملية التوظيف التي ستشمل هذه السنة 61845 مترشحة ومترشح ممن تم قبول طلباتهم من طرف لجنة الانتقاء الأولي، والذين سيتنافسون على أكثر من 7000 منصب.
وذكر المسؤول أن المديرية العامة للأمن الوطني تحرص على الالتزام الصارم بمبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع فيما يخص مباريات التوظيف في أسلاك الأمن الوطني، ومن هذا المنطلق، تم تسخير كافة القنوات التواصلية المتاحة من أجل الإعلان عن تنظيم هذه المباريات، انطلاقا من الدعامات الكلاسيكية مثل الجرائد الورقية والقنوات التلفزيونية العمومية والمحطات الإذاعية، ووصولا إلى شبكات التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الجماهيري والإعلام البديل.
كما حرصت المديرية أيضا، حسب المسؤول دائما، على نشر وتعميم الإعلانات التي تحمل شروط وآليات تنظيم مباريات الأمن الوطني عبر جرائد وطنية تمثل كافة التوجهات والأذواق، العربية منها والفرنسية، فضلا عن اعتماد النشر الرسمي لهذه الإعلانات عبر البوابة الرسمية للوزارة الوصية على قطاع الوظيفة العمومية، وذلك تسهيلا لتناقلها في وقت لاحق عبر القنوات التلفزيونية العمومية وباقي كلاسيكيات الإعلام العمومي والخاص، وذلك في مقاربة تواصلية مندمجة للتعريف بموعد إجراء المباريات وبنتائجها المرحلية والنهائية، وكذا التحسيس بالآليات المعتمدة لمواجهة الغش وتوطيد الشفافية في الامتحانات.
ويبقى المستجد لهذه السنة، يقول مصدرنا، هو الاعتماد بشكل أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي لتعميم إعلانات مباريات الشرطة، حيث استعانت المديرية العامة للأمن الوطني بحساباتها الرسمية على شبكات "تويتر" و"فيسبوك"، ليس فقط من أجل نشر وتعميم هذه الإعلانات، بل من أجل إرساء قنوات تواصل تمكن من استقبال استفسارات المواطنين حول بعض الجوانب المرتبطة بهذه المباريات والرد عليها في حدود الإمكانيات التي تسمح بها الضوابط القانونية والتنظيمية التي تحكم مهنة الشرطة.
وفي هذا السياق، أكد ذات المتحدث أن توسيع قاعدة الأشخاص الذين يطلعون على شروط وتاريخ المباريات، وتعريفهم بالوظيفة التي يرغبون في الالتحاق بها، هو واحد من المظاهر الرئيسية في تجسيد مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، والذي ينضاف إلى باقي الآليات الأخرى المتعلقة أساسا بتأمين عملية التنظيم المادي لهذه المباريات، فضلا عن الالتزام الصارم بآليات زجر الغش وتوطيد الشفافية، سواء كانت هذه الآليات وقائية أو زجرية.
وأوضح المسؤول أن نجاح أي مسار للتوظيف العمومي أو الخاص، يمر بالضرورة عبر التنظيم المحكم والالتزام بقواعد السرية والشفافية في إعداد المباريات، انطلاقا من عملية تلقي ملفات الترشيح ودراستها وإخضاعها لعملية الانتقاء الأولي، التي تعتبر من مستجدات النظام الجديد لمباريات التوظيف في أسلاك الشرطة، مرورا بإعداد مواد الاختبارات في دائرة ضيقة تنعدم فيها احتمالات أي تسريب، قبل الوصول إلى اليوم المحدد للمباراة وما يتطلبه من لوجيستيك وآليات للمراقبة، وأخيرا عملية التصحيح الإلكتروني واليدوي لأوراق الامتحان.
وعلى غرار السنوات الماضية، ذكر المسؤول أنه تم تخصيص قاعة مؤمنة للتحضير والإعداد لمباريات الشرطة، واعتماد أسئلة الاختبار ونسخ وطبع أوراق الامتحان، وهو المكان المؤمن نفسه الذي يحتضن عملية إغلاق أظرفة الأسئلة باستعمال الشمع الأحمر واللصاق الخاص غير القابل للفتح إلا مرة واحدة، ويتعلق الأمر بقاعة كبيرة وحديثة، تخضع لنظام المراقبة بالكاميرات على مدار الساعة، ولشروط مقننة وصارمة تنظم عملية الولوج إليها، بحيث يرخص لعدد محدود جدا من الموظفين المرخصين والمؤهلين للدخول.
وتم تجهيز هذه القاعة بآليات متطورة للطباعة والماسحات الضوئية، يتم استخدامها لإعداد أوراق الامتحان في هذه القاعة من لدن لجنة مركزية محدودة العدد، ويتم بداخلها نسخ جميع الأوراق وختمها في أظرفة يتم تشميعها ووضع لصاق عليها غير قابل للفتح تحت طائلة التلف، وهو ما يجعل كل محاولة لفتح الظرف تؤدي حتما إلى إتلاف اللصاق وكشف محاولة فتحه.
وقال المصدر نفسه، أن هناك مراحل أخرى ضمن مسطرة تأمين الإجراءات التمهيدية لتنظيم الامتحانات، فبعد إتمام عملية إعداد الأظرفة وختمها، يتم تأمين عملية نقلها قبيل الموعد المحدد لإجراء المباراة عبر سيارات خاصة يتم خفرها من قبل عناصر تابعة للأمن الوطني، حيث يتم توزيع هذه الأظرفة على جميع المراكز في مختلف مدن المملكة خلال التوقيت نفسه، ثم حفظها في الخزنات الحديدية في ولاية الأمن أو الأمن الجهوي أو الإقليمي الذي ستجرى فيه المباراة، تحت حراسة أمنية مشددة ومتواصلة إلى غاية يوم إجراء المباراة، وفي هذا اليوم، يتم نقل الأظرفة إلى قاعات الاختبار ووضعها رهن إشارة لجنة الامتحان وفق الإجراءات الأمنية نفسها.
وفي اليوم المخصص لإجراء الاختبارات، يؤكد رئيس قسم المباريات والتوظيف بالمديرية العامة للأمن الوطني، أن عملية فتح الأظرفة تتم من قبل اللجنة الجهوية للامتحانات، وتتميز بالحضور الفعلي لممثل عن المرشحين وأحد أعضاء هيئة الحراسة في كل قاعة، ويتم إقفال الباب الخارجي للمؤسسة التي تأوي الامتحان مع فتح أول ظرف، وذلك درء لأي عملية محتملة لتسريب مواد الاختبار.
وختم المسؤول ذاته تصريحه قائلا إن الصرامة تبقى هي العنوان التي تتميز بها مسطرة التحضير لامتحانات ولوج أسلاك الشرطة، والتي تروم تحصين الامتحانات وتأمينها على النحو الذي يجعلها تسهم في تطوير المنظومة الأمنية ببلادنا، عبر إتاحة الفرصة لأجود الكفاءات لولوج مهنة الأمن، التي أصبحت تواجه تحديات شرطية معقدة، وتراهن على تطلعات كبيرة في مجال تحقيق الأمن الشامل للمواطنين المغاربة.