وأوضح رشيد فسيح، رئيس جمعية "بييزاج" للبيئة بجهة سوس ماسة، في تصريح لـle360، أن الظاهرة التي استأثرت بالرأي العام المحلي والوطني هي بمثابة ناقوس خطر بيئي مرتبط أصلا بالتغيرات المناخية ووقعها الحاد على منطقة سوس ماسة ككل، والتي من خلالها تحول الوادي إلى مجموعة مستنقعات راكدة إلى ما يشبه بركة آسنة عبارة عن أمكنة تفتقد لدورة الحياة اللازمة لعيش بعض الأنواع خصوصا الأوكسجين، مؤكدا أن إنعدام حركة وجريان المياه بشكل طبيعي بالوادي التي تمكن من تفاعل طبيعي ينتج معه حركية ودوران سلس وتبادل للغازات اللازمة لحياة مجموعة من الأنواع الأحياء مثل أسماك (البوري Mulet)، تفضي الى موتها التدريجي أو بشكل جماعي.
وأضاف المتحدث أن الارتفاع المهول والكبير لدرجة الحرارة بالمنطقة يعد من بين العوامل الأساسية أيضا لنفوق الأسماك بينما تفر الضفادع إلى أماكن أخرى لقدرتها على التأقلم خارج الماء، نافيا أن يكون التلوث بمواد سامة أو سوائل قاتلة سببا في ذلك، مشيرا إلى أن هذه الحالات المسجلة تكون عادة في المياه الراكدة التي تنخفض فيها نسبة الاوكسجين بشكل حاد ويتغير لون الماء وتتكاثر أنواع جديدة من البكتيريا وبالتالي تقضي على الحياة تدريجيا إلى أن تجف البركة بفعل الحرارة والجفاف.
واستطرد فسيح قائلا:" إن إنعدام جريان المياه بشكل متواصل بالوادي نتج عن انعدام تدفق المياه من سد يوسف بن تاشفين المتواجد بالأطلس الصغير المزود الأساسي والرئيسي للمياه الصالحة للشرب بمناطق تزنيت واشتوكة ايت بها وباقي المناطق المجاورة بسبب الجفاف، مما ساهم بشكل كبير في نفوق هذه الأسماك، مؤكدا أن الظاهرة ليست وليدة اليوم بل عاشت المنطقة في أماكن مختلفة من الوادي نفس الظاهرة خلال عاميْ 2013 و2016 والآن 2019 وهو ما يؤكد أنها ظاهرة تتكرر كل ثلاث سنوات".
وأكد الفاعل الجمعوي ذاته أن عدة لجان تنتمي لعدة مؤسسات قامت بزيارات وتسجيل محاضر وأخذ عينات لمياه الوادي والسمك النافق لأجل تحليلها ودراستها، من بينها الفرقة البيئية للقيادة الجهوية للدرك الملكي بأكادير والمكتب الوطني للصيد البحري، والمديرية الجهوية للتنمية المستدامة والسلطات المحلية والمنتخبة، حيث تم جمع الأسماك النافقة والتخلص منها بدفنها درءا لكل خطر قد يهدد الصحة العامة، عبر تعفن أو تناول هذه الأسماك من طرف الانسان أو الحيوانات، مما قد يؤدي إلى كوارث أخطر.
ونبه المتحدث إلى خطورة وقع وتأثير التغيرات المناخية على مناطق سوس ماسة، والتي تهدد التنوع البيولوجي المحلي، علاوة على اشكالية ندرة الماء التي ترخي بظلالها على الجه مما يستدعي الإسراع بإنجاز محطة تحلية مياه البحر التي تم الاعلان عن انطلاقة أشغال إنجازها، مطالبا بانشاء مختبر متنقل ليقوم بدوريات في مجموعة من المناطق المعروفة بتنوعها البيولوجي سواء الطيور أو النباتات أو الأسماك كما هو الشأن بالنسبة لواد سوس وغيرها من الأودية.
جدير بالذكر أن عناصر من المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث بالرباط تابع لكتابة الدولة في البيئة والتنمية المستدامة بمعية تقني تابع للمديرية الجهوية للتنمية المستدامة بسوس ماسة بالاضافة إلى السلطات المحلية بقيادة سيدي وساي بإقليم اشتوكة آيت باها، حلوا بعين المكان، أمس الاثنين، وقاموا بالاطلاع على مكان نفوق أسماك البوري بالوادي المذكور بجانب دوار املالن.