ولتفسير هذه الحالة قالت الدكتورة إيمان قنديلي لموقع le360، أن السبب يكمن في اختلاف بعض المبادئ في العالم العربي، قائلة: "في السابق كان المواطن العربي يعتمد على ثقافة التعاون ومساعدة الغير، حاليا أصبحت ثقافة الصورة ووسائل الإعلام منتشرة ومهمة، بمعنى أن الفرد أصبح يعتبر أخذ الصور وتأريخ الحدث أهم من مد يد المساعدة أو انقاد الغير".
وتابعت المتخصصة :" يمكن اعتبار أن صفة الأنانية أصبحت سائدة في مجتمعاتنا، ولكن تظل التربية هي المسبب الرئيسي في تحول الفرد من شخص محب وخدوم إلى أناني وانتهازي.
لأن الآباء لا يربون أبناءهم على مبدأ الاعتماد على النفس، التقاسم، المشاركة والتعاون، وهذا المشكل السوسيولوجي هو الذي جعل هذه الفئة مرتبطة أكثر بكل ما هو افتراضي، كمواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي يخلقون لأنفسم عدة شخصيات افتراضية فيها نوع من المثالية، وللأسف ذلك بعيد كل البعد عن شخصيتهم الحقيقية ".
وأكدت د. قنديلي أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في انعدام ثقافة التعاطف وجعلت المتلقي متعودا على مشاهدة مناظر مأساوية وكارثية، فأصبح لا يتأثر إذا رأى حادثة مؤلمة أو مشهدا دمويا.
هذا بالإضافة إلى أن الأشعة المنبعثة من شاشة الهاتف أو الحاسوب تؤدي إلى نقص في هرمون سيروتونين، ويؤدي هذا النقص إلى إصابة الشخص وبالأخص الأطفال والمراهقين، باضطرابات عصبية، فيصبحون مندفعين وانفعالين، وعديمي العاطفة، وقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة تصل إلى حد الانتحار".
وشددت هذه الدكتورة النفسانية على ضرورة معالجة هذا الأمر من جذوره للحد من هذه الظاهرة ومن عواقبها، وقالت : " في الدنمارك مثلا، تم إدراج مادة جديدة في المنهج الدراسي للأطفال، وهي حصة "التعاطف مع الآخرين"، ويقوم خلالها التلاميذ بمشاركة همومهم ومشاغلهم ويتعلمون طريقة الاستماع للآخرين.
وتهدف هذه المبادرة إلى تكوين الأطفال على التفاعل إيجابيا مع هموم الآخرين، لأن هذه الصفة هي مفتاح الشخصية الناجحة.
وأضافت المتحدثة: "لا يمكن أن نمنع الأطفال نهائيا من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما يمكن أن نوعيهم ونرسخ فيهم بعض المبادئ، وبالتالي سيصبح تأثير ما يشاهدونه يوميا عبر شاشة الهاتف أو الحاسوب أقل ضررا، وهكذا ستنقص ظاهرة "التقاط السيلفي خلال الأحداث الكارثية".
وقد انتشرت بعض صور السيلفي على الانترنت، التي تظهر كيف أصبح الإنسان متبلد المشاعر، ولا يهمه إلا أن يتصيد صورا سيتمكن بفضلها من خلق "البوز".
وكمثال على ذلك، صورة الشاب مصري الذي كان يلتقط سيلفي خلال حادث قطار مصر، وانتشرت هذه الصورة بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية.
© Copyright : DR وتعرض هذا الشاب بسبب هذه الصورة إلى انتقادات لاذعة من طرف رواد مواقع التواصل، الذين هاجموه وقالوا أن روح الإنسانية منعدمة لديه.
صورة هذا الشاب المصري لم تكن الوحيدة، فقد التقط قبله العديدون صور سيلفي خلال بعض الأحداث الدموية أو الكارثية، وخلقت حينها تلك الصور الجدل لاعتبارها شاذة ومخالفة للمنطق، كأن يلتقط طبيب صورة سيلفي خلال إجرائه لعملية جراحية، أو أن يقوم أحدهم بأخذ صورة سيلفي مع جثة، واللائحة طويلة.
© Copyright : DR
© Copyright : DR