لا يتطلب الأمر خبرة ولا تكوينا أكاديميا ولا حتى رخصة من السلطات المحلية. كل ما عليك إن كنت ترغب في امتهان حرفة "راقي شرعي" هو أن تحفظ بعض السور القرآنية والأدعية والأذكار ثم تبحث عن "كراج" وسط أحد الأحياء المأهولة بالسكان، وتحرص على تأثيثه بكراس أو كنبات ومكبر صوت وتعلق بعض اللوحات القرآنية على الجدران، ولا تنس وضع لافتة في الباب وتكتب عليها بالبنط العريض: "راقي شرعي لعلاج كل الأمراض المستعصية".. وسترى كيف سيتدفق عليك الزبائن وبالتالي الأموال...
"هذا هو سبب الفوضى التي يعرفها ميدان الرقية الشرعية.."، الكلام ليوسف الشرقاوي العمار، أحد ممارسي الرقية الشرعية بمدينة أكادير، والذي يؤكد في حوار مع Le360 أن المهنة التي يمارسها لا تخضع لأية ضوابط ولا قوانين من طرف المشرع والسلطات المحلية، ما يجعلها عرضة للاستغلال من طرف "كل من هب ودب".
خلال سنة 2018، تواترت حالات كثيرة لفضائح جنسية لـ"رقاة شرعييين" بمدن مغربية مختلفة استغلوا المهنة لإشباع غرائزهم الجنسية من بعض زبوناتهم.. آخر هذه الفضائح ما أقدم عليه من بات يعرف بـ"الراقي البركاني".
ويقر الشرقاوي بأن بعض مراكز الرقية الشرعية تحولت بالفعل إلى "أوكار" للفساد والاستغلال الجنسي، بسبب انعدام المراقبة من طرف السلطات المحلية من جهة، وبسبب تطفل أشخاص على هذه المهنة لا علاقة لهم بالرقية الشرعية.
وعلى إثر واقعة الراقي البركاني أثيرت بالبرلمان مسألة تقنين هذه المهنة، من خلال سؤال موجه إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، لكن جواب الوزير لم يزد الوضع إلا غموضا: "المعالجة القانونية للرقية الشرعية يحتاج إلى عمل مشترك بين وزارة الأوقاف وقطاعات حكومية أخرى من بينها الداخلية والصحة".
وعبر الراقي الشرقاوي عن أمله في أن تكون واقعة "الراقي البركاني" سببا في دفع المشرع المغربي إلى الالتفات لهذه المهنة من أجل تقنينها وتنظيمها وبالتالي تنقيتها من كل شائبة.