الحملة الموجهة ضد الدارجة تكشف عن تعقيدات المتشددين

DR

في 07/09/2018 على الساعة 18:30

سيكون كافيا استخدام بعض مصطلحات الدارجة المغربية في مقرراتنا المدرسية، مثل "البريوات" أو "البغرير"، لكي يخرج متشددو اللغة العربية الفصحى من مخابئهم! هذه الحملة الشرسة ضد استخدام هذه اللغة الشفهية تكشف الكثير من التعقيدات المخبأة لدى المغاربة.

هل يمكننا أن نتحدث بلغة طيلة الأيام ونطلق عليها حكما مفاده أنها غير جديرة بالكتابة؟ هل يمكن أن نعبر عن المودة والحنان والفرح والحب والحزن بهذه اللغة للوالدين، للأطفال، للزوجة، للزوج... الدارجة هي لغة، بالفعل، نسمعها لكن لا نريد أن نراها.

هذه الحملة، التي تضرب الدارجة، تفاجؤنا بعنفها. مع عودة الأطفال إلى المدرسة، حيث يشكل أولياء الأمور وغيرهم من شركاء التعليم الأمل - شعار هذا العام الدراسي الجديد 2018/2019 - لرؤية التعليم يخرج من أزمته الهيكلية، يريد البعض أن يحول المسألة إلى مشكلة من خلال خلق نقاش كاذب حول بضع مطلحات تراث الطهي الخاص بها، والتي استخدمناها في مقرراتنا الدراسية: "البريوات" و"البغرير" .

لن يكون من الضروري ارتفاع عدد المتشددين والداعمين للغة العربية، لصالح شجار دائما ما سيكون مصدر غضب. رد على شكل حملة، عنيدة وغير متناسبة مع رهاناتها، إن وجدت. لقد كان إطلاق تسمية "البغرير"، هذه الفطيرة المميزة بالثقوب والمزينة لموائدنا خلال شهر رمضان، كافيا لكي يشير البعض بأصابعهم إلى تدهور التعليم بالمؤسسات العمومية.

حتى البريوات، هذه المعجنات المقرمشة اللذيذة المليئة باللوز، والتي يمكن أن تكون محشوة بالأطعمة المالحة، لم تجد، أيضا، قبولا لدى عيون هؤلاء الذين يسيل لعابهم بفضلها كل يوم.

كيف يزعج استخدام هذه المصطلحات العديد من الأوصياء الذين سلموا أنفسهم للمعبد اللغوي القديم؟ هل يجب أن نخجل (أو نخاف) من هذه الكلمات؟ وكيف يمكن تسمية هذه الأطباق اللذيذة التي تصاحب لحظات الأعياد المغربية؟ اللهجة الأم التي نشأ فيها المرء، والتي يتواصل بها المرء دائما، هل هي أدنى من اللغة العربية المدعومة؟ إذن فهل نحن نتواصل يوميا بلغة فرعية لا تستطيع في أي حال أن تكون جديرة بالكتابة والنموذج المعرفي والثقافة والفكر والعلم؟

في الواقع، هذا الجدال الغاضب ضد الدارجة يقول الكثير عن هويتنا وتناقضاتنا. نحن نرفض قراءة اللغة التي نتحدثها كل يوم. لا نريد ذكر هذه اللغة في كتاب مدرسي - وهو عبارة عن وسيط تعلم بامتياز، إذا كان كذلك. وكأننا نقيم باب حريق بين الواقع حيث نعبر عن أنفسنا بالدارجة ونوع من الخيال في عالم "فصيح". بطريقة ما، من شأنها أن تكون نموذجية بالمقارنة مع هذه اللغة العربية الكلاسيكية التي نتعلمها في الكتب ولا يتحدث أحد في المنزل أو في الشارع أو في مكان عمله.

هذا الانقسام (الذي يراه البعض انفصاما) هو واضح. من المدهش حقًا أن نجد بعض الأصوليين يعتبرون استخدام مصطلحات الدارجة "تهديدًا للهوية المغربية"، وينسون ، دون قصد، أن هذه الدارجة نفسها جزء جزء لا يتجزأ من هوية المغاربة. هل يعي منتقدو الدارجة أن هذه اللغة هي أكثر من مجرد وسيلة نقل أو وسيلة انتقال، فإن الدارجة هي، في الواقع، مرآة لطريقة حياة شعب، يعكس عاداته ، ناقل خياله...

إن هذا الأمر "مخجل" بالفعل، وهو بمثابة تقليل من احترام جميع أشكال مظاهر هذه اللغة. هو أيضا، ربما، افتقار في التقدير. كنا نعرف المجمع المغربي، ولكن هناك تعقيداته تصل إلى درجات تتطلب حقا تحليلات علماء اجتماع وحتى أطباء نفسانيين.

عندما يتعلق الأمر بالعربية المدعومة، مرة أخرى، دعونا ندرك أن هناك ثعبان مخبأ تحت الصخور. هل يريد المتشددون حقًا أن يحرقوا هذه اللغة، وتحنيطها؟ هل من قبيل المصادفة أن أصواتا أخرى، أكثر دراية، ترتفع حاليا لتشجب حقيقة أن هذه اللغة لم تتطور بما فيه الكفاية لتناسب هذا الاتجاه وتحيط علما بالتنمية التي يمر بها العالم كله؟ وراء هذا التزمت، أليس هناك، في الواقع، خوف من التغيير؟

اللغة التي لا تتطور، والتي لا تقترض من اللغات الأخرى، التي ليست مفتوحة للغة الجديدة ولا يتم التحدث بها يوميا، هي في الحقيقة لغة شبه ميتة. لكن الدارجة تغني كل يوم بالإبداع وبراعة من يتحدثون بها. إلى الكتاب، إلى الشعراء، للتعبير عن الذات أكثر في هذه اللغة، ليس فقط لإبهار عيون أولئك الذين لا يستطيعون تحمل رؤيتها، ولكن لإظهار براعتها وخفاياها.

تحرير من طرف محمد حمروش
في 07/09/2018 على الساعة 18:30