وأبرزت هذه الدراسة أن المطابقة بين الفئات حسب الشهادة وتلك حسب المهنة المزاولة، تظهر أن 45,7 بالمئة من السكان النشيطين المشتغلين هم في وضعية ملاءمة، و 7,6 بالمئة في وضعية انخفاض درجة المهنة، و 46,7 بالمئة في وضعية ارتفاع درجة المهنة. وتحلل هذه الدراسة، التي تمت بلورتها استنادا إلى البيانات الواردة في الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 ، وضعية توظيف النشيطين حاملي شهادات التعليم العام والتكوين المهني، على التوالي، من حيث مدى ملاءمة دبلوماتهم مع عرض سوق الشغل.
ويعتبر الشخص النشيط، وفقا للدراسة، منخفضا في درجة المهنة عندما يكون مستوى تكوينه أو تعليمه أعلى من مستوى التأهيل المطلوب نظريا لمزاولة هذه المهنة. كما يعتبر مرتفعا في درجة المهنة عندما تكون الشهادة المحصل عليها أقل من متطلبات المهنة، وملائما إذا كان مستوى الشهادة يتوافق مع مستوى التأهيل المطلوب.
وكشفت الدراسة أن ارتفاع درجة المهنة يتنامى مع سن السكان النشيطين المشتغلين بينما الملاءمة تنخفض بشكل مستمر، مضيفة أنه في المقابل، لا يبدأ انخفاض درجة المهنة إلا بعد سن الثلاثين، مبينا الصعوبات في دمج الأجيال الشابة في سوق العمل قبل ذلك السن.
وفي ما يتعلق بالملاءمة حسب قطاعات النشاط الاقتصادي، يوظف قطاع "الخدمات التجارية الأخرى" 19,6 بالمائة من المشتغلين في وضعية انخفاض درجة المهنة على المستوى الوطني، يليه قطاع "الإدارة العمومية والتعليم والصحة والعمل الاجتماعي" بنسبة 17,8 بالمائة، في حين يتواجد 17,3 بالمائة من المشتغلين في وضعية انخفاض درجة المهنة في قطاع "التجارة وإصلاح السيارات والدراجات النارية" و14,0 في المائة في قطاع "الصناعات الاستخراجية والتحويلية". وحسب الدراسة ذاتها، تنخفض الملاءمة مع شهادات التعليم العام من المستوى الثانوي، فمعدلها ينتقل من 70,8 بالمئة في المستوى الثانوي الإعدادي إلى 64,1 بالمئة في المستوى الثانوي التأهيلي. في المقابل، فبعد شهادة السلك الأول من التعليم العالي، كلما زاد التخصص، كلما كانت الملاءمة أفضل. وبالنسبة لشهادات التكوين المهني، كلما زاد التخصص كلما كانت الملاءمة أقل، حيث أن معدلات ملاءمتهم تنتقل من 79,6 بالمئة بالنسبة للتخصص المهني إلى 74,3 بالمئة للتأهيل المهني، و49,9 بالمئة للتقنيين والأطر المتوسطة، و 44,2 بالمئة للتقنيين المتخصصين. وأبرز المندوب السامي للتخطيط ، السيد أحمد لحليمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن السياق الاقتصادي الحالي يتسم بـ"إكراه مزدوج، يتمثل في تباطئ النمو، حيث انتقل في المتوسط السنوي من 5 بالمائة بين سنوات 2000 و2008 إلى 3,7 بالمائة خلال سنوات 2009-2017، وانخفاض مناصب الشغل ب 30 ألف منصب في المتوسط لكل وحدة نمو إلى 10 آلاف و 500 بين الفترتين، مؤديا بذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة والشغل الناقص".
وأضاف لحليمي أن هذه الدراسة "تكتسي طابعا هيكليا ذا حمولة وطنية وجهوية" بسبب تغطيتها الجيو-ديموغرافية، لأنها تنبثق من الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، ومن "متانة المجال الموضوعاتي". وأكد أن "هذه الدراسة قد تشكل مصدرا مفيدا للاستلهام من أجل سياسة تنموية عمومية تتسم بالاستدامة ، ومقاربة شمولية لنموذج النمو الاقتصادي والاجتماعي".
وتعتمد منهجية الدراسة على المقاربة المعيارية الدولية، إذ تستند على المعادلة بين مستوى التكوين ومستوى التأهيل الذي تتطلبه المهنة بعد تصنيف الساكنة النشيطة المشتغلة حسب مدونة المهن لسنة 2014 والمدونة الوطنية للشهادات لسنة 2014. وقد تمت مراجعة هذه المدونات بناء على التصنيف الدولي الموحد للمهن والتصنيف الدولي الموحد للتعليم.