يظهر فعلا أن هناك حسيمتين، حسيمة واقعية هادئة وسلمية رغم حالة الركود الاقتصادي ودعوات إنقاذ الموسم السياحي، وحسيمة أخرى افتراضية تغلي بنار حطبها التدوينات التحريضية والدعوات القادمة من هولندا بالأساس والتي تريد الدفع بمصير مدينة إلى المجهول.
بالأمس، أعلنت عمالة إقليم الحسيمة منع المسيرة التي كان من المزمع تنظيمها في 20 يوليوز، حيث جاء في البلاغ بأنه "لوحظ أن مجموعة من الفعاليات أطلقت نداءات متعددة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى عموم المواطنين من أجل المشاركة في تنظيم مسيرة احتجاجية بمدينة الحسيمة بتاريخ 20 يوليوز 2017".
لن نتكلم عن دواعي المنع القانونية والشكليات التي ينبغي اتخاذها أثناء تنظيم مسيرة، لكن ما يتفاداه الكثير أن المنع جاء أساسا من أجل إنقاذ الموسم السياحي بالمدينة، ونحن في عز الفترة الصيفية التي من المفروض أن تكون ذروة الموسم السياحي بالحسيمة، وهو ما تؤكده ربيعة تالهيمت مديرة التواصل بالمكتب الوطني المغربي للسياحة التي تشرح في الفيديو التالي خارطة إنقاذ الموسم السياحي في الحسيمة.
هذا دون الحديث عن المناخ الاستثماري بالمدينة، فكيف يمكن لمستثمر أجنبي أن يستثمر أمواله في مدينة جوها مشحون، فالتنمية التي ينشدها أهل الريف لإقليمهم لا تمر دون استثمارات من الدولة والخواص، من الداخل والخارج، كل هذا لن يتم إلا بوجود مناخ أعمال يشجع على الاستثمار وخلق الثورة لتنعكس على ساكنة الإقليم.
ولا شك أن كل لبيب سيعي أن ما يأتي من الخارج من تدوينات محرضة على العصيان ودعوات للخروج وتحدي سلطة القانون لن يعود بالنفع على الإقليم فساكنته، فمتى كان العصيان حلا للتنمية؟ هؤلاء ممن يريدون وضع الريف وساكنته رهائن بين أيديهم لا يريدون للأوضاع أن تهدأ، ولا يهمهم مصير أبناء وطنهم، ما داموا بعيدين عن هموم ساكنة الريف ومطالبهم الاجتماعية.
من يتابع الدعوات القادمة من هولندا سينتبه إلى كون المتجاوبين معها من المراهقين الذين يأخذهم حماس الشباب نحو أفعال لن يدركوا جسامتها إلا بعد أن يجدوا أنفسهم وقد طبق عليهم القانون.
مقابل تجييش المراهقين، لا بد من الإشارة إلى النداء الصادق من 130 تاجرا بمدينة الحسيمة، ممن وضعوا شكوى بسبب كساد تجارتهم جراء الاحتقان الاجتماعي، هؤلاء التجار البسطاء لا وقت لديهم لتطبيق أجندات كتبت في أمستردام، فأجندتهم الوحيدة هي إطعام ذويهم، ممن ينتظرون قوتهم اليوم بعد طول كساد.