الباحث بوسلهام عيسات يستعرض مداخل لفهم حفظ التنوع البيولوجي البحري وتجاوبه المبادرة الملكية الأطلسية

اجتماع مجلس الحكومة

في 17/04/2024 على الساعة 21:00, تحديث بتاريخ 17/04/2024 على الساعة 21:00

يتدارس مجلس للحكومة برئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، الخميس (18 أبريل 2024) اتفاقا مبرما في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام، المعتمد بنيويورك في 19 يونيو 2023.

وكانت المملكة المغربية وقعت الاتفاقية في 21 شتنبر 2021، وأكد بوسلهام عيسات الباحث في الدراسات السياسية والدولية أن « الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في دورتها الخامسة المنعقدة بنيويورك ما بين 19 و20 يونيو 2023 في إطار المؤتمر الحكومي الدولي لوضع صك دولي ملزم قانونا في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام، اتفاقاً أُبرم في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام.

وأضاف في تصريح خص به le360 أن »84 دولة وقعت على الاتفاق انطلاقا من تاريخ 19 يونيو 2023، ومن بينها المغرب الذي وقع عليه بتاريخ 21 شتنبر 2023″، لافتا إلى تداول الموافقة عليه بموجب مشروع القانون رقم 10.24 بناء على جدول أعمال مجلس الحكومة ليوم الخميس 18 أبريل 2024.

وأوضح « حيث إن المملكة المغربية دولة ساحلية تطل على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، فإن تحليل مضامين هذا الاتفاق في ضوء مجموعة من التحديات التي أضحى يطرحها موضوع حماية البيئة البحرية من التلوث وحفظ التنوع البيولوجي ومواجهة الأنشطة غير المشروعة التي تهدد الأمن البحري كالصيد غير المشروع وغير المصرح به والقرصنة البحرية والاتجار غير المشروع بالمخدرات، وتهريب البشر أو الهجرة السرية (....) يعتبر أمرا ملحاً ».

وشدد عيسات على أن « السعي إلى تحليل جانب من مضامين هذا الاتفاق، في ظل متغيرات إقليمية وفي ضوء المبادرات التي أطلقتها المملكة المغربية كمبادرة ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والاجتماعات الوزارية للدول الافريقية الأطلسية وإعلان التعاون الأطلسي الصادر عن البيت الأبيض يعتبر بالأهمية بما كان من الناحية العلمية والعملية ».

وركز في المنطلق على الإطار المفاهيمي وقال في هذا الصدد: « تضمن اتفاق حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق خارج نطاق الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام في مادته الأولى تحديد مدلول بعض المصطلحات التي أوردها الاتفاق من أجل توحيد رؤية جميع الأطراف فيما يخص اعتماد المصطلحات التي تضمنها الاتفاق، وتلافي إمكانية تفسيرها من قبل كل طرف على هواه، وهي في مجموعها حوالي 14 مصطلحا.

ومن المعروف في إطار الممارسة الاتفاقية والتراكم الاتفاقي الدولي، أن الاتفاقيات الدولية تتضمن في أجزائها أو موادها الأولى نفس الفلسفة التي ترمي إلى تحديد مفاهيم بعض العبارات المعتمدة فيها حتى تكون لها نفس الحجية ما بين الأطراف الموقعين عليها، وبأن لا ينحرف تأويل مدلول ومفهوم كل مصطلح عن الغاية والروح التي جاء من أجلها الاتفاق أو المعاهدة ».

وأضاف أنه « في إطار هذا الجزء من التحليل، يجدر الاكتفاء بتحليل بعض المصطلحات الواردة في المادة 1 دون الإشارة لها في كليتها، ومن تم فإن المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية يقصد بها أعالي البحار بما يعني أن الحدود المكانية التي يعنى بها الاتفاق المذكور لا تشمل المناطق الخاضعة للولاية الوطنية كما حددتها اتفاقية مونتغوباي لقانون البحار لسنة 1982 (البحر الإقليمي- المنطقة المتاخمة- المنطقة الاقتصادية الخالصة).

وأشار إلى أن الاتفاق فصل « في المنطقة البحرية المحمية، باعتبارها منطقة بحرية محددة جغرافيا تعين وتدار لتحقيق أهداف طويلة الأجل تتعلق بحفظ التنوع البيولوجي، ويمكن أن تتيح حيثما كان مناسبا الاستخدام المستدام شريطة أن تكون منسجمة مع الأهداف المتعلقة بالحفظ. ويبدو أن الغرض من إنشاء هذه المنطقة البحرية المحمية بموجب الاتفاق يتجلى في مواجهة التحديات المستقبلية التي تتوقع اعتماد الانسان في أفق 2050 على الموارد البحرية، بما في ذلك الموارد الحية، وهو ما يحتم التفكير بشكل استشرافي في تقوية وتعزيز تنزيل حفظ الموارد الحية الذي أقرته اتفاقية الأمم المتخذة لقانون البحار، وكذلك إعمال الجزء الثاني عشر من الاتفاقية بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها، من خلال تقوية مساهمة الدول الساحلية في الحفاظ على الموار وضمان استدامتها وحفظ البيئة البحرية ».

ويضيف المتحدث أنه « يظهر من خلال تحليل بنية اصطلاح هذا المفهوم، أن هذا الاتفاق يتوخى حفظ الأجيال المستقبلية وضمان حق استفادتها من البحر والمحيط، مع الحرص على حفظ التنوع البيولوجي بأعالي البحار في منطقة محمية ضمانا لاستدامة الموارد الحية، وذلك من أجل مواجهة جانب من التحديات المستقبلية التي ستعرفها المحيطات نتيجة تغير المناخ أو ارتفاع سطح البحر أو ظاهرة الاحترار، وكذلك تلوث البيئة البحرية جراء نشاط المواصلات البحرية التجارية وأنشطة التنقيب (النفط - الزيوت).

يعني أننا أمام بعدٍ جديدٍ ينسجم مع الهدف الرابع عشر (14) لأهداف التنمية المستدامة 2030، بالحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام، والذي يتضمن مجموعة من المقاصد التي تتماشى بشكل عام مع مضامين هذا الاتفاق بما في ذلك منع التلوث البحري وإدارة النظم الايكولوجية البحرية الساحلية وتقليل تحمض المحيطات، وتنظيم الصيد وتطوير المعارف العلمية وقدرات البحث وتعزيز حفظ المحيطات ».

علاقة الاتفاق بالمبادرة الملكية الأطلسية

يقول بوسلهام عيسات في هذا الصدد: « بناء على مضامين الاتفاق يظهر بأن هدفه العام يتجسد في ضمان حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام في الحاضر وعلى المدى البعيد، من خلال التنفيذ الفعال للأحكام ذات الصلة من الاتفاقية وتوطيد التعاون والتنسيق الدوليين. وينطبق الاتفاق على المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية.

ويظهر من خلال البند أنه يشكل بشكل غير مباشر امتداد للمقتضيات الواردة في الجزء الثاني عشر من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والذي يخص حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها تبعا للحقوق السيادية للدول البحرية في استغلال مواردها الطبيعية عملا بسياساتها البيئية وفقا لالتزامها بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها.

كما يبدو أن المقطع الأخير من ذات المادة الثانية من الاتفاق الذي يتعلق بتوطيد التعاون والنسيق الدوليين لحفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية ينسجم مع مضمون المادة 197 من اتفاقية مونتغوباي لقانون البحار التي تؤكد على أن الدول تتعاون على أساس عالمي على أساس إقليمي مباشر أو عن طريق المنظمات الدولية المختصة على صياغة ووضع قواعد ومعايير دولية وممارسات و إجراءات دولية موصى بها، تتماشى مع الاتفاقية لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها مع مراعاة الخصائص الإقليمية المميزة ».

ويرى بوسلهام عيسات أنه « سعيا إلى ربط أهداف هذا الاتفاق الذي يأتي في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مع المجهودات الإقليمية، ولاسيما المبادرة الملكية لولوج لدول الساحل إلى المحيط الأطلسي، يلاحظ بأننا أمام إطار معياري جديد يطبق خارج حدود الولاية القضائية للدول الساحلية، أي في أعالي البحار التي تعتبر حقا مملوكا لجميع الدول بما في ذلك الدول الحبيسة (المغلقة) التي لا تتوفر على منفذ للبحر أو المحيط، وهو ما يستفاد منه أن المبادرة الملكية تسعى من جهة إلى تيسير ولوج هذه الدول إلى البحر والمحيط للمساهمة في تحقيق تنميتها والنهوض بها مع جعلها فاعلا إلى جانب باقي الدول للمساهمة في حماية التنوع البيولوجي البحري باعتبار أحقيتها القانونية في استعمال أعالي البحار كمجال بحري لا تشمله المجالات الأخرى الخاضعة للولاية القضائية للدول الساحلية ».

وركز على كون ديباجة هذا الاتفاق « تستجيب لروح وفلسفة المبادرة الملكية لولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، بتأكيدها على أهمية الاسهام في تحقيق نظام اقتصادي دولي عادل ومنصف يراعي مصالح واحتياجات البشرية كافة، ولاسيما المصالح والاحتياجات الخاصة للدول النامية سواء كانت ساحلية أو غير ساحلية، فضلا عن التأكيد على أهمية تقديم الدعم للدول النامية ببناء القدرات ونقل التكنولوجيا وتطويرها لبلوغ أهداف حفظ التنوع البيولوجي ».

وأوضح أن « تمكين ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي من قبل المملكة المغربية، سيجعلها مساهمة إلى جانب الدول الأفريقية الأطلسية في هذا المجهود الدولي الأممي الرامي إلى بناء نظام اقتصادي دولي عادل ومنصف يجيب عن حاجات الشعوب الأفريقية بصرف النظر عن كونها ساحلية أم لا، ومن تم يمكن القول إن الجهود التي يقودها المغرب بفعل رؤية جلالته ستساهم في جعل الواجهة الأطلسية وفي إطار هذه الإرادة الدولية خزانا ومصدرا للعيش المشترك للإنسانية، ومصدرا لحفظ حقوق الأجيال المستقبلية.

المبادئ العامة للاتفاق

ركز المحلل على « مبدأ تغريم الملوث (أ) الذي يعني فرض عقوبات مالية على كل من تثبت مسؤوليته في تلويث البيئة البحرية، وهذا المبدأ دسترته مجموعة من الدول في دساتيرها، وذلك استجابة لموجة الاعتراف بالحقوق البيئية والحق في التنمية المستدامة كحقوق يتعين حمياتها والحرص على ضمان عيش المواطنات والمواطنين في بيئة سليمة ».

وأوضح أن الاتفاق « يستند إلى مبدأ التراث المشترك للإنسانية (ب) الذي أقرته اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث إن الدول التي لم تقدم طلب تمديد حدودها الخارجية لما وراء 200 ميل بحري أي أن يصبح الجرف القاري ممتدا إلى 350 ميل بحري، اعتبر المنطقة البحرية ما وراء 200 ميل بحري بالحرف القاري تراثا مشتركا للإنسانية.

وأشارت كذلك المادة 7 إلى حرية البحث العلمي البحري إلى جانب الحريات الأخرى في أعالي البحار (ج)، وهي الحقوق التي أطرتها اتفاقية قانون البحار، وتلا هذه الحرية مبدأ الانصاف والتقاسم العادل والمنصف للمنافع، وهو تراصٌ غير اعتباطي حيث إنه من المعروف أن الدول الكبرى التي تتوفر على التقنيات والتكنولوجيا من كانت تدافع عن حرية البحث العلمي البحري أمام مجموعة السبعة والسبعين خلال مؤتمرات القانون الدولي للبحار. ويبدو أن نفس الحرص قد أخذه الاتفاق بعين الاعتبار بإقرار مبدأ الانصاف والتقاسم العادل والمنصف لمنافع الموارد التي قد تكتشف في إطار القيام بأشغال التنقيب والاستكشاف وأعمال البحث العلمي البحري خارج نطاق الولاية القضائية للدول.

وتؤكد الفقرة (ز) على نهجٍ متكاملٍ في إدارة المحيطات، وهو النهج الذي يسري في المجالات البحرية خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام، بيد أن ما يهمنا في هذا الإطار هو التأكيد أن النهج المتكامل لإدارة المحيطات يعني كذلك تدبير المجالات البحرية الأخرى الخاضعة للولاية القضائية للدول الساحلية (البحر الإقليمي- المنطقة المتاخمة- المنطقة الاقتصادية الخالصة)، وذلك في إطار السياسات الوطنية لتخطيط المجالات البحرية انطلاقا من منظور مندمج ».

وختم بإحاطة عناية قراء le360 إلى « أن المرجعيات الدولية للتخطيط المجالي البحري، تؤكد ضرروة انسجام والتقائية تدخلات الفاعل العمومي في الأنشطة التي تتصل بالبحر والمحيط وضمان تكاملها وانسجامها بما يقتضي التفكير الآني والعاجل في مداخل « استراتيجية بحرية وطنية مندمجة »، تشكل أرضية إقليمية لتوحيد وجهات النظر من أجل النهوض بتنمية الواجهة الأطلسية الافريقية، ومرتكزا من المرتكزات التي تساهم في تحقيق الأمن البحري الأطلسي وفق منظور ينسجم مع المبادرات التي تذهب في إطار تحقيق هذه التوجهات.

تحرير من طرف حسن العطافي
في 17/04/2024 على الساعة 21:00, تحديث بتاريخ 17/04/2024 على الساعة 21:00