المناورات البئيسة للجزائر من أجل تشويه القرار التاريخي لكينيا بشأن الصحراء المغربية

الرئيس الكيني يتلقى رسالة تهنئة من الملك محمد السادس سلمها له ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج

الرئيس الكيني يتلقى رسالة تهنئة من الملك محمد السادس سلمها له ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج . DR

في 19/09/2022 على الساعة 17:10

يقوم النظام الجزائري، الذي استغل الفترة الانتقالية التي لم يتم فيها تعيين الحكومة الكينية بعد، بتحريك أدواته الموروثة عن النظام القديم في كينيا، من أجل تشويه القرار التاريخي للرئيس وليام روتو. فهل يمكن لمذكرة صادرة يوم الأحد عن كاتب عام على وشك المغادرة أن تلغي قرار رئيس الدولة؟

 منذ متى يقوم كاتب عام بإلغاء قرار رئيس الدولة المسجل في وثيقة رسمية؟ من يلزم كينيا: رئيس الدولة أم الكاتب العام لوزارة الخارجية؟ هذه الأسئلة المنطقية، تجاهلها النظام الجزائري، المتسرع كما هو الحال دائما بترويج انتصارات دبلوماسية وهمية من خلال أبواقه الدعائية.

أصدر الكاتب العام لوزارة الخارجية الكينية، ماشاريا كاماو، مذكرة داخلية، نشرتها وسائل الإعلام التابعة للطغمة العسكرية الجزائرية يوم الجمعة 16 شتنبر 2022. وسارعت وكالة الأنباء الجزائرية، الناطقة الرسمية باسم النظام الجزائري، إلى نشر هذه المذكرة بتحويلها إلى "بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية الكينية".

في هذه المذكرة التي وقعها الكاتب العام المنتهية ولايته، يعيد ماشاريا كاماو تذكير دبلوماسيي بلاده بأدبيات النظام القديم عن الكيان الوهمية. ويوضح أن "السياسة الخارجية الكينية لا تتم عبر تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي، وإنما من خلال الوثائق الحكومية الرسمية والأطر التنظيمية".

© Copyright : DR

من الذي كلف الكاتب العام بإصدار مذكرته يوم الأحد؟ ما هي شرعية هذا الكاتب العام؟ ومن قام بتحريكه؟ هل هو معين من قبل الرئيس الجديد؟ وهل تم احترام مبدأ توازي الشكليات؟

ووفقا لمصادر مطلعة على الملف، فقد قام ماشاريا كاماو بتدبيج مذكرته دون الرجوع إلى الرئيس المنتخب وليام روتو أو مستشاريه المقربين. كاماو، الذي تم تعيينه في منصب الكاتب العام لوزارة الخارجية الكينية من قبل الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا، يعلم أن أيامه أصبحت معدودة في هذه الوزارة. هذا الرجل لا شرعية له في إلغاء قرار رئيس الدولة. كما أنه يكذب من خلال الإشارة إلى أن القرار التاريخي بسحب اعتراف كينيا بالجمهورية الوهمية كان بواسطة تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

فقد تم التوقيع على وثيقة رسمية في 14 شتنبر 2022، في نيروبي، أمام الرئيس ويليام روتو من قبل مدير ديوان الرئاسة الكينية وناصر بوريطة.

الشخص الشرعي الوحيد الذي له الحق في وقف قرار إلغاء الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية هو نفس الشخص الذي اتخذه: رئيس الدولة الكيني وليام روتو.

منذ الإعلان عن هذا القرار التاريخي، قام مسؤولو النظام القديم، الذين سيغادرون مناصبهم، بمناورات للتشويش عليه. لقد بدأوا بالادعاء أن رايلا أودينغا، المنافس الرئيسي لوليام روتو في الانتخابات الرئاسية الكينية الأخيرة، هاجم قرار الرئيس الجديد. غير أن أودينغا هاجم هذه الشائعات التي تفيد بأنه هاجم قرار الرئيس الكيني بإلغاء الاعتراف بالجمهورية الوهمية. بل إنه أشاد بأهمية العلاقات بين بلاده والمغرب والتي وصفها بأنها "إيجابية".

وعندما تبين أن ورقة أودينغا لم يكن لها التأثير المأمول، أصدر حرس النظام القديم مذكرة الكاتب العام للشؤون الخارجية. ولدى سؤاله عن هذه المذكرة، أكد مصدر مغربي مطلع لـLe360 أن "هناك رئيس في كينيا هو الذي يقرر وأن مبدأ توازي الشكليات يقضي بأن إلغاء قرار بهذه الأهمية يجب أن يصدر عن الجهة التي أصدرته، أي رئيس الدولة". وأضاف المصدر ذاته قائلا: “الفريق القديم هو الذي يناور ضد قرار رئيس الدولة. مناوراتهم ليس لها أي تأثير على قرار الرئيس وليام روتو الذي لم يتغير".

وأخبرنا نفس المصدر أن مناورات الفريق الموروث عن فترة حكم كينياتا بدأت قبل تنصيب الرئيس الجديد. هكذا تمت دعوة زعيم جبهة البوليساريو إلى حفل تنصيب الرئيس الكيني الجديد من قبل السكرتير الإداري الأول للشؤون الخارجية، أبابو ناموامبا، الذي يعد جزءا من الإرث الثقيل الذي تركه كينياتا.

وبحسب مصدرنا القريب من الملف، فقد تم استعمال كل الوسائل من أجل نسف لقاء 14 شتنبر بين الوفد الذي ترأسه ناصر بوريطة مع الرئيس ويليام روتو.

وفي هذا الصدد، حاول مدير البروتوكول منع ناصر بوريطة من لقاء ويليام روتو، وطلب منه البقاء في غرفة الانتظار وقام بشكل عمدي بجعل الوفد الجزائري يمر من أمامه. غير أن الرئيس الكيني الجديد استشاط غضبا وأمر بإدخال رئيس الدبلوماسية المغربية. وعندما انصاع رئيس البروتوكول أخيرا لأوامر ويليام روتو، قال لناصر بوريطة: "لديك خمس دقائق، ليس لدى الرئيس وقت يضيعه. يتعين عليه التباحث مع وفود أهم من وفدكم!".

لكن الاجتماع بين الوفد المغربي برئاسة ناصر بوريطة والرئيس ويليام روتو دام 90 دقيقة. بل الأكثر من ذلك أن الرئيس الكيني لم يستقبل المغاربة في المكان الذي استقبل فيه الوفود الأخرى، ولكن في مكتبه.

البنيات الموروثة عن فترة كينياتا، مصابة بعدوى أشخاص يناصرون أعداء المغرب. تم القيام بكل شيء حتى لا يفوز الرئيس الجديد في الانتخابات في كينيا وكان خصوم المملكة يعتمدون على استمرار ولاية كينياتا. تستفيد هذه البنيات من الفراغ الذي خلفه انتقال السلطة وغياب الحكومة الجديدة لاتخاذ مبادرات مآلها الفشل.

ولكي نكون واضحين وقانونيين، فقد اتخذ قرار سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية من قبل رئيس كينيا المنتخب. أعلن ذلك رئيس الدولة. الشخص الوحيد الذي يمكنه التراجع عن هذا القرار هو ويليام روتو نفسه. كل أمر آخر هو مناورات أشخاص ليست لديهم شرعية لاتخاذ مواقف مكان رئيس الدولة.

أما بالنسبة للنظام الجزائري، فمن الواضح أنه لم يتبق لديه أي شيء ليتشبث به غير مذكرة صادرة يوم الأحد عن كاتب عام في نهاية ولايته للإعلان عن انتكاسة قاسية للدبلوماسية المغربية. هذا النظام يتمسك بأية قشة لمواجهة الاختراقات التي تحققها المملكة في القارة. يفضل اللعب في مستويات منخفضة لمراكز صنع القرار، مع فاعلين غير شرعيين.

والأدهى من ذلك أن الطغمة العسكرية الجزائرية، تتشبث اليوم بمذكرات كتاب عامين لوزارات. يا له من إنجاز!

من الواضح أن الكاتب العام المنتهية ولايته ليس لديه ما يخسره بتقديم هدية أخيرة للنظام الجزائري. تاريخ صلاحية هذه الهدية ستنتهي بتعيين الحكومة الجديدة في كينيا.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 19/09/2022 على الساعة 17:10