لماذا يعتبر الموقف الجديد لإسبانيا بشأن الصحراء منعطفا تاريخيا؟

DR

في 19/03/2022 على الساعة 07:23

في رسالته إلى الملك محمد السادس، قدم رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إجابات واضحة على الخطاب الملكي لـ20 غشت 2021. الموقف الذي عبر عنه في رسالته إلى الملك يضع إسبانيا الآن فوق جميع الدول الأوروبية في دعم الوحدة الترابية للمغرب. تحليل.

إنه منعطف. وليس من قبيل المبالغة القول بأنه منعطف تاريخي. ففي الوقت الذي لم تتخذ فيه إسبانيا موقفا مؤيدا لمخطط الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، قطع بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، مع هذا الموقف التقليدي لمدريد، مؤكدا في رسالة بعث بها يوم الجمعة 18 مارس 2022 إلى الملك محمد السادس أن "تعتبر إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" حول الصحراء المغربية.

استعمال اسم المعرفة في كلمة "أساس" له دلالة قوية

في رسالته إلى الملك محمد السادس، عرف بيدرو سانشيز خطة الحكم الذاتي بأنها "الأساس". استعمال لام التعريف "ال" هو حاسم في تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية. مخطط الحكم الذاتي ليس فقط أساسا (اسم نكرة) من بين أمور أخرى، ولكنه الأساس (الوحيد) لإيجاد حل للنزاع. إذا أردنا دفع التأويل الدلالي إلى أبعد من ذلك، فسنقول إن بيدرو سانشيز باستخدامه اسم المعرفة، تعتبر إسبانيا أن خطة الحكم الذاتي ليست خيارا، ولكنها الأساس الحصري لإيجاد حل لنزاع الصحراء المغربية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة الإسبانية موقفا مؤيدا لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب عام 2007. إن التعابير التي استعملها هذا البلد بشأن هذا الحل تضع إسبانيا الآن فوق كل الدول الأوروبية في دعم الوحدة الترابية للمغرب. ويكتسب هذا الدعم أهمية خاصة لأن إسبانيا كانت القوة الاستعمارية السابقة للصحراء، والتي غاليا ما كان يقال بأن لها "مسؤولية تاريخية" عن هذا الملف وأنها "تشكل معقل جبهة البوليساريو في أوروبا".

رد على الخطاب الملكي لـ20 غشت 2021

تأخر بيدرو سانشيز في تقديم رد ملموس على الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في 20 غشت 2021، بمناسبة الذكرى الـ68 لثورة الملك والشعب. لكن العناصر الواردة في رسالته يوم الجمعة 18 مارس تنسجم مع الأسس التي يقوم عليها خطاب العاهل المغربي.

في 20 غشت 2021، خصص الملك جزءً مهما من خطابه لعلاقات المغرب مع إسبانيا. وأكد: "وقد تابعت شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات. ولم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات".

وحدد رئيس الحكومة الإسبانية، في رسالته بتاريخ 18 مارس 2022: "هدفنا يتمثل في بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، وفي مستوى أهمية جميع ما نتقاسمه". هناك تطابق واضح وتام بين كلمات العاهل المغربي وتلك التي استعملها بيدرو سانشيز.

قال الملك في خطابه في 20 غشت الماضي: "إننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها معالي السيد بيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات". تفاؤل الملك محمد السادس لم يَخِبْ، حيث استجاب رئيس الحكومة الإسبانية لهذه الرغبة مباشرة بالتأكيد على أن "إسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف". وأضاف في رسالته إلى الملك: "أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها".

بالإضافة إلى ذلك، يتحدث البيان الصحفي الصادر عن رئاسة الحكومة الإسبانية، الذي نشر يوم الجمعة، عن "مرحلة جديدة" بين المغرب وإسبانيا، فيما دعا الملك في خطابه إلى "إقامة علاقة جديدة". وبالتالي، فإن كلا البلدين لهما نفس الرؤية.

موقف إسبانيا يكشف سلبية فرنسا

"إن تطور موقف إسبانيا في هذه القضية لا يقل أهمية عن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء. إسبانيا هي "اللاعب التاريخي في القضية ومعقل البوليساريو"، وهي أيضا مرجع لدول أمريكا اللاتينية والعديد من البلدان الأخرى بشأن الصحراء". بهذه الكلمات علق مصدر دبلوماسي مغربي لـLe360 على الرسالة التي بعث بها بيدرو سانشيز إلى محمد السادس.

إن موقف إسبانيا، وهو الآن الأكثر تقدما في أوروبا بشأن مغربية الصحراء، يسلط الضوء أيضا على حليفنا التقليدي، فرنسا، الذي لايزال يتحدث عن خطة الحكم الذاتي كأساس من بين أمور أخرى، وهو الموقف الذي لم يتغير البتة منذ عام 2007.

فرنسا، الشريك التاريخي الذي من المفترض أن تكون موافقه أكثر تقدما بشأن قضايا المغرب، لازال مع ذلك موقفه جامدا في ما يتعلق بملف الوحدة الترابية للمملكة. من خلال جمودها، تبدو فرنسا أكثر سلبية مقارنة بألمانيا وإسبانيا.

تحرير من طرف أمين القادري
في 19/03/2022 على الساعة 07:23