ولدت كامالا هاريس في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، لمهاجر قادم من جامايكا ومهاجرة هندية طفلة اسمها كامالا هاريس. كان ذلك منذ 59 عاما، أصبحت فيها ابنة المهاجرين رقما صعبا في السياسة الأمريكية. فمنذ 20 يناير 2021 أصبحت هاريس الشخصية الثانية في هرم السلطة التنفيذية الأمريكية، كان ذلك سابقة تاريخية في الولايات المتحدة، فلم يسبق أن تولت سيدة منصب نائب الرئيس في البلاد.
سيكون على هاريس أن تخطو بثبات خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وستكون أول عقبة أمامها، هي الظهور بزخم يمنع بروز منافسين أقوياء لها على ترشيح الحزب الديمقراطي في مؤتمره المقرر في الـ 19 من الشهر المقبل.
أما العقبة الثانية، فستكون نيل بطاقة الترشح بشكل رسمي للانتخابات الرئاسية في ختام المؤتمر الوطني، لتصبح حينها أول امرأة من الأقليات بشكل عام تحصل على ترشيح أحد الحزبين الكبيرين في البلاد.
وإذا تجاوزت هاريس ذلك، فسيكون لها أكبر موعد مع التاريخ في حياتها حتى الآن يوم الخامس من نونبر المقبل، عندما يصوت الأمريكيون لانتخاب رئيس جديد.
وإذا نجحت هاريس في ما فشلت فيه هيلاري كلينتون قبل ثماني سنوات، فستكون قد صنعت التاريخ ودخلته من أوسع أبوابه بصفتها أول امرأة تنتخب رئيسة للولايات المتحدة.
وفي يناير 2021 أصبحت هاريس أول امرأة وأول شخص ذي أصول آسيوية يتولى منصب نائب الرئيس.
وقال عنها الرئيس الديموقراطي جو بايدن في مارس 2023 « لقد حطمت السقف الزجاجي مرة تلو الأخرى »، في إشارة إلى تحقيقها أمورا لم يحققها شخص قبلها.
وروت نائبة الرئيس البالغة 59 عاما أنها غالبا ما شاركت وهي طفلة في تظاهرات تنادي بالحقوق المدنية إلى جانب والدها الجامايكي أستاذ الاقتصاد الجامعي، ووالدتها الهندية الباحثة المتخصصة بسرطان الثدي.
طفولة وإصرار
استمدت المدعية العامة السابقة من طفولتها ذكرى سمحت ببروزها خلال مناظرة في إطار الانتخابات التمهيدية الديموقراطية في 2019.
يومها، حملت هاريس، المولدة في أوكلاند، بقوة على بايدن بسبب معارضته قبل سنوات كثيرة إقرار قانون يزيل بعض تدابير الفصل العنصري ويقوم على نقل بعض الأطفال إلى مدارس بعيدة بالحافلة، وقد استفادت منها شخصيا. وقالت يومها « الطفلة (في الحافلة) هي أنا ».
ولفت كلامها هذا الانتباه، لكنه لم يسمح لها بالفوز بترشيح الحزب الديموقراطي، وقد انسحبت من السباق حتى قبل بدء الانتخابات التمهيدية.
إلا أن بايدن استدعاها لتكون نائبة له، ما عرضه لهجمات من منافسه الجمهوري دونالد ترامب.
وفي 2020 وصف الرئيس الجمهوري السابق كامالا هاريس بأنها « وحش » و »امرأة غضوبة » وهي ألفاظ تحمل في طياتها بعدا عنصريا وصورا نمطية عن المرأة السوداء.
وبعد أداء بايدن الكارثي في المناظرة مع ترامب في 27 يونيو 2024، عاد المرشح الجمهوري البالغ 78 عاما ليشن الهجمات عليها.
ويسعى ترامب دائما إلى اختيار ألقاب ساخرة لنائبة الرئيس، إذ أطلق عليها لقب « كامالا الضحوكة » (لافين كامالا) في إشارة إلى ضحكتها الصاخبة.
وانتقد فريق حملة ترامب الأحد هاريس، قائلا إنها ستكون « أسوأ » من الرئيس المنتهية ولايته.
وهاريس خريجة جامعة هاورد التي تأسست في واشنطن لاستقبال الطلاب السود في خضم الفصل العنصري، وهي فخورة بمسيرتها التي تجسد الحلم الأمريكي.
قصة الصعود المتواصل
يصف البيت الأبيض هاريس بأنها « تناضل دائما من أجل الشعب، بدءا من الفترة التي حطمت فيها الحواجز مدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو ومدعية عامة لكاليفورنيا، وحتى عملها بفخر عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي ثم نائبة الرئيس ».
وبعدما كانت مدعية عامة في مدينة سان فرنسيسكو لولايتين بين العامين 2004 و2011، انتخبت مرتين مدعية عامة لولاية كاليفورنيا بين العامين 2011 و2017، قبل أن تصبح أول امرأة وأول شخص أسود يدير الأجهزة القضائية في أكثر ولايات البلاد تعدادا للسكان.
وانتقدت لقمعها الصارم للجرائم الصغيرة والذي أثر خصوصا، بحسب منتقديها، على الأقليات.
وفي يناير 2017، أدت اليمين عضوا في مجلس الشيوخ في واشنطن، حيث أصبحت أول امرأة لديها أصول من جنوب آسيا وثاني سناتورة سوداء في تاريخ البلاد.
وبعد انتخابها نائبة للرئيس أهدت خطابها إلى « فتيات أمريكا الصغيرات ».
وفي 2022، دافعت كامالا هاريس بقوة عن الإجهاض الذي تراجعت المحكمة العليا عن كونه حقا قانونيا على المستوى الفيدرالي.
وقد اشتهرت هاريس بدفاعها المستميت عن ممارسة الإجهاض، وأعطى موقفها هذا زخما لحملة بايدن بين الفئات المعارضة لحكم المحكمة العليا الذي أبطل الحق في ممارسة الإجهاض على المستوى الوطني، وترك الموضوع للحكومات المحلية للولايات لتقرر فيه.
وقد ارتكبت هاريس في مطلع ولايتها هفوات على صعيد مسائل حساسة في مجال الدبلوماسية والهجرة، لكنها الآن ستحاول الاستفادة من الوحدة المنشودة للحزب الديمقراطي خلفها للتغطية على أخطاء الماضي من جهة، ومن جهة ثانية الاستفادة من الإرث الإيجابي لبايدن، خاصة على المستوى الاقتصادي.
ويقول البيت الأبيض إن هاريس بصفتها نائبة للرئيس « عملت على جمع الناس معا لتعزيز الفرص وتوفير الخدمات للعائلات وحماية الحريات الأساسية في جميع أنحاء البلاد »، بما في ذلك ضمان أن يكون للسيدات الحق القانوني في ممارسة الإجهاض.
وقد أوكل بايدن إلى هاريس إدارة ملف الهجرة، الذي يعد أحد الملفات الشائكة والمحورية في تحديد توجهات الناخبين.
تقول هاريس إن أمها نظرت إليها وقالت لها « كامالا، قد تكونين الأولى التي تحقق أشياء كثيرة لم يحققها أحد قبلك، لكن تأكدي أنك لست الأخيرة التي تفعل ذلك »، وستسعى هاريس إلى أن تطبق على الأقل الجزء الأول من نصيحة أمها في نونبر المقبل، لتصبح أول امرأة على الإطلاق تنتخب رئيسة للولايات المتحدة.