الأزمة بدأت قبل انطلاق عرض الفيلم، خلال الندوة الصحفية التي كان من المقرر عقدها في الساعة الرابعة عصرا، بيد أن تأخر «بطلة» الفيلم عن الموعد المحدد لأكثر من ساعتين، أثار ارتباكا واضحا بين المنظمين، وسط احتجاجات بعض الصحفيين والصحفيات الذين هموا بالمغادرة لولا تدخل المنظمين لثنيهم عن ذلك بأدب واحترام، بحجة أن دنيا بطمة وشقيقتها ابتسام تأخرتا في الطريق بسبب قدومهما من مدينة مراكش.
هذا التأخر فُسِّر على نطاق واسع من قبل الصحفيين الحاضرين على أنه استخفاف بمواعيدهم ومهنتهم، وأثار حالة من التذمر داخل القاعة حتى في أوساط زملائها الفنانين.
في الساعة السادسة والنصف، انطلقت بالكاد فعاليات الندوة قبل أن تصل دنيا بطمة وتعتلي المنصة التي كان ينتظرها فيه تلة من الفنانين والفنانات الكبار، مثل نعيمة بوحمالة وعبد الرحيم المنياري ورفيق بوبكر إلى جانب التوأم الفني كليلة ودمنة بونعيلات.
ولم تهدأ الأجواء عند وصول بطمة، بل تصاعد التوتر خلال الندوة، خصوصا بعد تدخل إحدى الصحفيات محتجة على هذا التأخر، لتُقابل برد فعل اعتُبر «متعاليا» من الفنانة، التي دافعت عن نفسها بتصريحات أوحت بأن شهرتها تبرر تجاهل انتظارات الصحافة، ما اعتبره بعض الحاضرين إهانة صريحة لمهنيي الإعلام.
ذروة التوتر وقعت لاحقا، حين رفضت دنيا بطمة وشقيقتها ابتسام الإدلاء بأي تصريح لموقع «آش نيوز»، احتجاجا على ما وصفتاه بـ«مضامين مسيئة» نُشرت ضدهما.
غير أن ما أثار الجدل أكثر هو تصرف دنيا بطمة، التي واجهت إصرار الصحفي على مد الميكروفون إليها بتمزيق إسفنجة الميكروفون المتضمنة لشعار الموقع.. مزقتها أمام مرأى عدد من الصحفيين وعدسات كاميراتهم، في مشهد اعتُبر «مُهينا جدا» من قبل الكثيرين.
ولم تتوقف إهانة بطمة للصحفيين عند هذا الحد، بل واصلت ممارسة تصرفاتها المذلة تجاه باقي الصحفيين، الذين تجمعوا حولها للحصول على تصريحات منها بعد ساعات من الانتظار. إذ وثقت مقاطع مصورة إقدامها على دفع الميكروفونات بحدة بالغة لا تخلو من
الاحتقار والازدراء للعمل الصحفي الذي أرغم على هؤلاء تحمل فظاظة هذه «الفنانة». دفعتهم بعنف وخاطبتهم بلهجة تفتقر إلى الأدب والاحترام: «أتركوني أتنفس وأبعدوا عن وجهي ميكروفوناتكم !»
هذه التصرفات خلفت موجة من الغضب في أوساط الصحفيين الذين تابعوا الواقعة بحزن بالغ، حيث عبّر عدد منهم عن استيائهم مما وصفوه بـ«الإهانة العلنية» لمهنتهم، مطالبين باحترام العمل الصحفي، الذي يُعد، حتى في زمن السوشلميديا، عنصرا أساسيا في ترويج الرسالة النبيلة للفنان وإيصال أنشطته الفنية للجماهير.
ولم تقتصر تداعيات هذه الواقعة على الأسرة الإعلامية فحسب، بل امتدت لتشمل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن إدانتهم الشديدة لما اعتبروه «سلوكا متعجرفا»، مطالبين بضرورة احترام العمل الصحفي ومهنييه. وذهب البعض منهم إلى انتقاد صمت عدد من الصحفيين الحاضرين، معتبرين أن عدم رد فعلهم المناسب سيشجع على تكرار مثل هذه الإهانات في المستقبل.
كما لم يخلُ النقاش من تساؤلات حول غياب موقف موحد من بعض الصحفيين إزاء ما اعتبروه « إساءة مهنية »، ما فتح الباب مجدداً للحديث عن ضرورة تأطير العلاقة بين الفنانين ووسائل الإعلام، بما يضمن الاحترام المتبادل ويخدم المشهد الفني المغربي برمّته.
وتفتح هذه الواقعة المؤسفة باب النقاش مجددا حول حدود العلاقة بين الفنانين ووسائل الإعلام خلال الفعاليات الفنية. فبينما يعتبر الفنانون أنفسهم تحت الضوء ويحق لهم اختيار الجهات التي يتعاملون معها، يؤكد الصحفيون على حق الجمهور في الحصول على المعلومة وضرورة احترام الفنانين لدورهم الأساسي في نقل الأخبار وتحليل الأحداث.




