لذلك، لم يكُن الفنّ غريباً بالنسبة للفنّانة جيهان بوغرين، التي كبرت وشبّت على الغناء مُذْ كانت صغيرة، فهي تُمارسه بتلقائيةٍ إلى جانب الكتابة، دون أنْ يُحدث ذلك أيّ نشازٍ في تجربتها الفنّية، لأنّ قُدرتها على عيش ذاتها بشكلٍ مُزدوج، تجعلها تُجرّب فعل الإبداع من خلال أنماطٍ مُتباينةٍ من التعبير، مع أنّ ذائقتها الفنّية تظلّ مُرتبطة أكثر بفنّ الغناء الذي عشقته مذ كانت صغيرة.
بمناسبة صدور أغنيتها الجديدة "راحة البال"(2022) كان لـ le360 هذا الحوار الخاصّ مع المغنّية جيهان بوغرين حول مسيرتها الغنائية وعلاقتها بفعل الكتابة، بحيث تعتبر أنّ الغناء فعلاً ذاتياً يكون مدفوعاً برغبةٍ جامحة في إبراز الذات والتعبير عنها صوتاً.
أمّا الكتابة بالنسبة لها مجرّد عمل، رغم ما تُتيحه لها من إمكاناتٍ على مُستوى التفكير، مقارنة بالموسيقى والغناء، ومع ذلك، فقد حقّقت بوغرين الكثير من النجاحات الفنّية على مُستوى عددٍ من أغانيها، إذْ تعمل على مزجها بموسيقى غربيّة معاصرة، لكنّها تُحافظ في آنٍ واحدٍ على جوهر الكلمات، وتجعلها مُتعدّدة وذات خصوصية جماليّة، بقدر ما تنتمي إلى الواقع المغربيّ تنأى عنه في آنٍ واحد.
كما تطرقت صاحبة "مدى بيا" إلى الدور الكبير الذي لعبته التنشئة الاجتماعية في تغذية ذائقتها الفنّية وصقل موهبتها الجماليّة، بحكم ولادتها داخل أسرة تُحبّ الثقافة وتُؤمن بها، باعتبارها طريقاً للتحرّر والكشف عن الذات وجمالها.
ورغم ترعرع جيهان بوغرين وقضاء فترة طويلةٍ للدراسة والعيش في فرنسا، إلاّ أنّ محبّتها للتاريخ المغربيّ وذاكرته وفنونه وجماله، يجعلها تعمل بشكلٍ خفيّ على تطويع وتوليف هذا التاريخ داخل عددٍ من أغانيها الجديدة، لكنّها لا تجعله يحتلّ منزلة مركزيّة في موسيقاها، لأنّ هذه الأخيرة، تظلّ عندها مشغولة بالتجريب الفني ومفتوحة على جملة من التحوّلات الجماليّة التي تعيشها الأغنية المغربيّة المعاصرة.
تصوير وتوضيب: أنس الزيداوي