رأت المغربية كوثر حافيظي النور بمدينة الرباط سنة 1977، وتعلمت أولى أبجديات العلم في مدرسة باب مراكش لتواصل مسيرتها حتى تلتحق بثانوية مولاي يوسف الشهيرة في شعبة الرياضيات، لتكون التتمة المنطقية، هي استمرارها في التحصيل العلمي بجامعة محمد الخامس، حين اختارت دراسة شعبة الفيزياء النظرية، إلى حين حصولها على الإجازة. لتواصل رحلتها العلمية عبر نيل الماستر بباريس، قبل أن تعرج على أمريكا.
كثير من المغاربة يجهلون اسم كوثر حافيظي، لكن ما إن جاءها خبر تعيينها على رأس قسم الفيزياء بمختبر أراجون، حتى أصبحت حديث العام والخاص، في هذا الصدد تقول حافيظي في تصريحات خصت بها Le360 "في الواقع فمسطرة التعيين بدأت قبل تسعة أشهر، حيث يتعين في البدء التوفر على الكفاءات العلمية والإنسانية لشغل هذا المركز، فوقع الاختيار على لائحة أولية ضمت أربعة أسماء، ومنذ هذه اللحظة شعرت أن فرصتي في نيل المنصب كبيرة، وذلك ما كان".
وعن خبر تعيينها رسميا تحكي الباحثة المغربية أنها تلقت اتصالا هاتفيا في 17 يناير الماضي من المدير العام للمختبر الأمريكي، فاستسلمت لدموع الفرح، مادامت أول امرأة ستتقلد المنصب.
ومن غرائب الصدف، أن كوثر حافيظي، كانت مهووسة بلعب كرة القدم، حتى إنها كانت تمني النفس في اللعب لمنتخب لبوؤات الأطلس، حينما سمعت برغبة جامعة الكرة إنشاء فريق نسوي، ولا غرابة أن بعضا من زملائها المقربين يسمونها بـ"مارادونا"، تشبيها باللاعب الأرجنتيني الشهير، وبالفعل فقد كانت "مارادونا الفيزياء"، حيث اختارت الإبداع على ملعب العلوم.
وبالعودة بالزمن إلى الوراء، فدراسة حافيظي للفيزياء النظرية جعل أفقها ينسد بالمغرب نظرا لغياب بنية تحتية ومختبرات علمية من أجل البحث العلمي والتجارب، وتصادف ذلك مع إلغاء وزارة التعليم لبعض شعب الماستر فلم يكن من سبيل سوى الهجرة نحو الضفة الأخرى.
تحكي كوثر حافيظي عن هذه الفترة متذكرة كيف "ساهمت عمتها في تمويل دراستها من خلال بيع سوار ذهبي، فكانت النتيجة هي احتلالها الصف الأول في دفعتها بالماستر بفرنسا، ليتوج ذلك بالحصول على منحة دوكتوراه، فرصدتها أعين الأمريكيين من خلال مختبر جيفرسون، الذي آمن بقدراتها، قبل أن تتوج مسارها بالالتحاق بمختبر أراجون الراقي".
تستقر كوثر حافيظي حاليا بمدينة شيكاغو الأمريكية، رفقة زوجها التونسي ابراهيم مصطفى، كانت قد التقته بباريس ليرزقا قبل 12 سنة بابنهما عمرّ الذي له ارتباط خاص بالمغرب. وعن الطموح المهني، لا تزال كوثر حافيظي تمني النفس بالتطوير من بالنيات التحتية العلمية بالمغرب ونشر ثقافة البحث العلمي بين صفوف الطلبة المغاربة.