ويتطلع الرجل دائما إلى كثير من الملامسات الحسية في بداية الزواج حين يكون تجاوب زوجته ضعيفاً، لعدم نضجها، ولعدم تخلصها تماماً من ألوان الكبت التي اكتسبتها، والتي تعوقها عن المشاركة التامة في النشاط الزوجي الحسي، وعلى مر الأيام تتخلص المرأة مما يكمن فيها من كبت للرغبات وتقييد للغرائز والنزعات، فتزيد رغبتها في النشاط الحسي حتى سن الخمسين أو الستين، وبقدر ما تتزايد رغباتها الحسية بالتدريج، تتناقص رغبات الرجل وتضمحل، وتقل استجابة الرجل الحسية في هذه السن، وتتضاءل رغبته في ملامسة زوجته، وخاصة إذا كان قد سبق لها المعارضة في تلبية رغباته في يوم من الأيام.
ويذكر كثير من النساء، بعد مرور سنوات كثيرة على الزواج، أنهن أصبحن يشتهين الملامسة أكثر مما يريدها أزواجهن بعد مرور هذا الوقت الطويل، ولعل جزءاً كبيراً من إعراض الرجل وعزوفه عن الملامسة يرجع إلى أنه قد زهد في الملامسة لعجزه عن إمتاع زوجته في سنوات الزواج الأولى، أو أنه انصرف إلى ألوان أخرى من النشاط الحسي.
قلة الثقافة الحسية
وويري فان دفلد في كتابه الزواج المثالي ان المثاليون يرون ان يتزوج الرجل والمرأة في سن مبكرة متساوية أو متقاربة، وكان الرجل حتى وقت قريب هو المسئول عن تعليم المرأة الأمور الحسية وعن إرشادها وتوجيهها في النشاط الحسي الزوجي، أما المرأة الشابة في أيامنا، فلا ننكر أنها تحتاج إلى توجيه الرجل وإرشاده وتعليمه لها ولكنها ترى أن دورها في الزواج أصبح المشاركة الفعالة في النشاط الحسي بدلاً من أن تكون في الزواج وفي أمور الحياة مجرد صبية ساذجة غريرة، ومن ثم تصبح الموانع الحديثة لزواج الصغار هي عدم النضج الاجتماعي والنفسي وعدم الاستقرار المالي، فهذه الأمور أهم من قلة الثقافة الحسية.
سن منتصف العمر
ويرى آخرون أن يكون الرجل أكبر من المرأة سناً، وأكثر خبرة ولكن إذا زادت سنه عن سنها بعشر سنوات، فلن يكون في ريعان الشباب، والأفضل في بداية الزواج، أن تكون المرأة العروس في العشرين من عمرها، والرجل في الثلاثين، ولكن التوافق الحسي على المدى الطويل ينطوي على جانبين هامين هما: حيوية الملامسة وكثرة عدد مرات الملامسة، ومن ثم يتضح أنه يلزم تقليل فرق السن بين الزوجين، لأن الرجل في الخمسين يبدأ في مرحلة التقدم في السن، وإذا استمر في نشاطه الحسي المعتدل المنظم، فقد يحتفظ بقوته وعافيته مدة طويلة، ويمكنه أن يلامس زوجته باستمتاع كامل لنفسه وإمتاع كامل لزوجته ولكن تقل بالتدريج قدرته على تكرار الملامسة في فترة قصيرة، كما تقل رغبته الحسية ببطء وتدرج.
واليوم تعتبر امرأة الأربعين سنة امرأة شابة، وهي لا تعد متقدمة في السن إذا قورنت بامرأة الثلاثين سنة، التي كانت تعيش منذ قرن واحد كما يقول عالم النفس جيمس دوجلاس.
وكذلك يلاحظ أن مرحلة انقطاع الحيض النهائي ( سن منتصف العمر ) تبدأ في الخامسة والأربعين وما بعدها بالنسبة لنساء اليوم، ولكن المهم أنه بين سن الأربعين، وسن انقطاع الحيض النهائي، لا يقل نشاط المرأة الحسي، ولا ينقص عدد ملامساتها، بل تزيد رغبتها الحسية في هذه السنوات أكثر مما كانت عند نفس المرأة من قبل، ولذلك أطلق بعض الكتاب المبالغين وصف ( السن الخطيرة ) على هذه السن ( من 40 إلى 45 ) عند المرأة الحديثة.
ويؤيد هذه النظرية الجديدة ما لاحظه الدكتور ( ر.لاتو ديكنسن) في دراسته المفصلة لمتوسط الحياة الحسية عند النساء، من أن المرأة في شمال أوربا، وعند الأنجلو أمريكان، ينتهي عندها الحيض تماماً في سن 49 وليس في سن 45 .
والفارق قد يكون كبيراً يتعدى العشرين عاماً، وقد يصل في بعض الحالات إلى الثلاثين، وربما الأربعين! وقد يضيق هذا الفارق، بل تكبر المرأة الرجل في بعض الأحيان، أو يزيد عمر الرجل بمقدار عام أو عامين فقط.
وأهمية الحديث عن فارق السن تكمن في المشكلات الناتجة، والتي نلمسها جميعاً في حياتنا الاجتماعية، لأن فارق السن المناسب بين الزوجين هو ما بين خمس وعشر سنوات لماذا؟
لأن الفتاة أسرع نضجاً من الفتى في العمر نفسه، وفي الوقت نفسه يكون الرجل أكثر شباباً من المرأة في السن المتأخرة، أي أن الرجل في سن الخمسين أكثر شباباً من المرأة في السن نفسه، وفارق السن عند الزواج له أهميته، حتى يستطيع الرجل ادارة البيت بخبرته وحكمته، وفي السن المتقدمة يكون فارق السن علاجاً مهماً لمرحلة الشباب عند الرجل والمرأة.
وفارق السن المناسب يجعل المرأة تقدر زوجها أكثر، وتنظر إليه نظرة احترام وتقدير لأنه الأكبر والأكثر خبرة، وهكذا تسير السفينة بربان واحد وسط أمواج الحياة الهادرة، وينشأ الأطفال في جو طبيعي، وليس معنى ذلك أن الزواج الذي لا يراعي فارق السن محكوم عليه بالفشل، فكثير من الأسر تعيش سعيدة بالرغم من ذلك، أما الذين يفكرون فقط في إشباع رغباتهم العاجلة دون النظر إلى أهمية فارق السن وإمكانية وجود أطفال وما يسببه ذلك من مشاكل عائلية واجتماعية، هؤلاء عليهم أن يعيدوا التفكير مرات ومرات حتى لا يندموا بعد ذلك أشد الندم.
انقطاع الحيض النهائي
والمرأة الناضجة التي تتزايد رغبتها قليلاً، أو التي تبقى رغباتها ثابتة لا تتغير، والتي اعتادت الملامسة الحسية النشيطة الممتعة سنوات طوالاً، لابد أن تشعر ( بعد سن 40-45 وما بعدها) أن اهتمام زوجها الحسي قد فتر، وأن رعايته لها قد نقصت، وأنه لم يعد يمتعها بقدر ما كان يفعل من قبل.
والمؤسف أن يفتر اهتمام زوجها الحسي بها في نفس الوقت الذي تفكر فيه في التغير المنتظر في حياتها ( بانقطاع الحيض النهائي)، ويعكس شبابها المنسحب الآفل آثاره على عقلها الواعي، فيبدو لها أنها تتجرع حرماناً قاسياً، تتحالف فيه ألوان الصراع العقلي، وهذا الصراع العقلي النفسي قد يتخذ أشكالاً لا تحصى، وقد يؤدي إلى نتائج خطيرة لا حصر لها، ولو اقتصرت أعراض هذا الصراع النفسي على نفسها، وعلى مجرد اضطراب عصبي، لكان هذا من حسن حظها، ولكن الأمر يخرج عن ذلك إلى بعض المآسي النفسية العصبية، فتخيم المآسي على البيت كله، والمؤسف أن يخيم البؤس والشقاء واليأس والإشفاق على الزوجين بعد أن كانت السعادة المتبادلة الوارفة ترفرف عليهما عمراً طويلاً.
لهذه الأسباب كلها، يرى فان دفلد أن فرق السن بين الزوجين يجب ألا يتجاوز بضع سنوات وحسب، وبذلك يمكنهما أن يبدآ حياتهما الزوجية بمقدار متقارب من التجربة والخبرة، وإذا بدأ الزوجان زواجهما في سن مبكرة، استطاع كل منهما أن يشارك الآخر مشاركة متزايدة في التجارب والمشاعر الشخصية، وإذا تأخر الزواج إلى سن أنضج، أتى كل منهما معه بمهارته لتحسين علاقاتهما الزوجية.
الثقافة الجنسية أهم من العمر
ويري جابي كيتوركيان، أخصائي طب العائلة والصحة النفسية المجتمعية، إن فارق السن بين الزوجين لا يؤثر سلباً على المتعة والأداء الجنسي من قبل الزوج لزوجته، بل على العكس فإن هناك إحصائيات عالمية تؤكد أن فارق السن بين الزوجين إذا كان 10-20 سنة يؤثر إيجابياً على الحياة الجنسية بين الزوجين، إذ باستطاعة الزوج إمتاع زوجته جنسياً أكثر، مقارنة بزوجين من نفس الجيل أو بفارق سنوات قليلة.
وأضاف كيتوركيان إن الزوجة تشعر بالمتعة الجنسية مع زوجها المتقدم عليها بالسن أكثر من تلك المرأة المتزوجة من شاب صغير أو من نفس الجيل، وقال: إن قدرة الرجل الجنسية تزداد مع تقدمه بالسن وهذا لا يتعلق بعدد المرات التي يقذف بها، إنما بأدائه وخبرته الجنسية. بمعنى أن خبرته الجنسية تجعله يسعد زوجته ويمتعها أكثر من الشاب المراهق، الذي قد يقذف أكثر لكن خبرته الجنسية تكون أقل وبالتالي تكون سعادة الزوجة الجنسية أقل، قد يكون المراهق قادراً على ممارسة الجنس أكثر من الرجل المتقدم في السن لكنه لا يتقن فن الممارسة الجنسية وقد يكون الرجل المتقدم بالسن مقارنة بالمراهق أقل قدرة جنسية لكنه يتقن فن ممارسة الجنس.
وكذلك فإن الرجل المتقدم في السن، السليم والمعافى، قادر على إمتاع زوجته وإشعارها بالنشوة الجنسية أكثر من مرة دون أن يقذف وهذه المقدرة يفتقدها مثلاً الشاب المريض الذي يتناول دواءً جراء إصابته بمرض ما، كضغط الدم العالي أو القلب أو السكري، و العامل النفسي مرتبط بالأداء الجنسي، وأنه كلما كان الزوجان مرتاحين نفسياً فإن أداءهما الجنسي يكون أفضل.