بنطلحة يكتب: القبائل.. ليلة ميلاد بطعم الانتصار

محمد بنطلحة الدكالي

في 13/12/2025 على الساعة 19:56

مقال رأيليلة 14 دجنبر، حيث يعتزم فرحات مهني إعلان استقلال منطقة القبائل، واصفا هذا التاريخ بأنه «نقطة اللاعودة»، يصدح صوت أسطوري من أعماق جبال القبايل الشامخة، مثل طائر “فينيق” الذي ينبعث من وسط الرماد، لوناس معطوب حاملا تلك البحة الفريدة التي تميز صوته، إنه كتلة من الغضب والحب والجمال، يغني عن الغدر والعنف ويتوق إلى الحرية، إنه الصوت المكلوم الذي يأبى التغريد في سماء يحرسها عسس مدججون.

لقد غنى ”لوناس” صادحا أمام جبال “ايت ييراتان” عن الجرح القبايلي الذي تكالبت عليه قوى خارجية منذ زمن طويل، غناء يغلب عليه الطابع المأساوي، حيث يخرج الصوت حزينا مرتعشا مختنقا بالآهات يرثي تاريخ شعب مضطهد ويروي سير أبطال مغدورين، كاشفا عن معاناتهم حيث تمت إبادة تاريخهم على يد من سماهم ”أولاد بختة”..!!

هؤلاء الذين اغتالوه، محاولين بذلك طمس هوية شعب يأبى أن يموت.. لكن أصواتا ملتزمة أخرى من رحم المعاناة خرجت صداحة بكلام لا يشبه الكلام وبأغاني تمجد صوت المقهورين الحالمين بربيع أخضر أمثال ”لونيس” و”إيدير” و”سليمان عزام” و”ايت منقلات” و”فرحات مهني”.. هذا الأخير الذي يدافع بشراسة عن وجود الشعب القبايلي ويقف سدا منيعا أمام كل من يحاول طمس وجوده وهويته ولغته بالقمع والتهميش، بل لقد بدأت المطالب التحررية لشعب القبايل منذ 1947، مرورا بالربيع الأمازيغي سنة 1980 ثم أحداث 1995 وأحداث الربيع الأسود 2001 التي سقط خلالها مئة وستة وعشرون قتيل وأزيد من خمسة آلاف جريح ومئتي وأربع معاق مدى الحياة…

لكن سياسة التخويف والترهيب لم تأت سوى بنتائج عكسية ولم تزد الشعب القبايلي إلا إصرارا وعزيمة على الرفع من سقف مطالبه المشروعة المتمثلة في حق تقرير المصير كما تم الإعلان عن تشكيل حكومة في المنفى وتم انتخاب السيد ”فرحات مهني” رئيسا لحكومتها المؤقتة، معلنين أن هدفهم من هذه الخطوة هو إنهاء الظلم والاحتقار ومواجهة الهيمنة والتنكر لوجود الشعب القبايلي ومحاولة طمس وجوده وهويته ولغته بالقمع والتنكيل والتهميش، محاولين إنهاء أطول احتلال في تاريخ إفريقيا، مطالبين بإدراج منطقة القبائل باللجنة الأممية الرابعة لتصفية الاستعمار وتسجيل حكومة القبائل المؤقتة في قائمة الشعوب التي لا تتمتع بحق تقرير المصير وحق أبناء القبايل الذين يعيشون قسرا في المنفى بالرجوع الى أرضهم من أجل بعث شمس الحرية من جديد، مرددين مع فرقة ”أمزيك” القبايلية، في مطلع أحد أشهر أغانيها وهي ”أم المهاجر”: “يا أم المهاجر، كفكفي دمعك، فاليوم أو غدا سيعود لحضنك، رغم المحن التي يعيشها، لم تغادري يوما باله، آه كم يتمنى أن يكون في حضنك، ليرتاح من مرارة الحياة..”.

تحرير من طرف محمد بنطلحة الدكالي
في 13/12/2025 على الساعة 19:56