صوفيا بن لمّان، فرنسية-جزائرية تبلغ من العمر خمسين عاما، تخضع حاليا للحراسة النظرية، وفقا لما أعلنه المدعي العام في ليون، تييري دران، لوكالة الأنباء الفرنسية.
وبحسب مصدر أمني، تواجه صوفيا اتهامات بنشر رسائل كراهية وتهديدات ضد مستخدمي الإنترنت، خاصة أولئك الذين يعارضون النظام الجزائري. كما اتُهمت بإدلاء تصريحات مسيئة تجاه فرنسا.
المؤثرة، التي كانت تُدير بانتظام مقاطع مصورة عبر تقنية المباشر عبر منصتي « تيك توك » و« فيسبوك »، حيث يتابعها أكثر من 300,000 شخص، وُضعت قيد الحراسة النظرية بتهمة « التهديد بالقتل والتحريض العلني على الكراهية »، بحسب نيلسون بوار، المدير الإقليمي للشرطة الوطنية.
وكانت هذه « المؤثرة » المعروفة بأسلوبها الوقح المبني على السب والتحريض والاستفزاز، قد شتمت، خلال بث مباشر باللغة العربية في سبتمبر، امرأة أخرى بعبارات مثل « تبًا لك ولأمك وفرنسا »، مضيفة: « آمل أن تُقتلي، وآمل أن يقتلك أحدهم ».
رياضية.. لكن بلا أخلاق
كانت صوفيا لاعبة كرة قدم سابقة وغالبا ما شوهدت في مباريات كرة القدم، الفعاليات الرياضية، والتظاهرات المتعلقة بالجزائر.
وقد أُدينت في عام 2001 بالسجن سبعة أشهر مع وقف التنفيذ ومنعت من دخول الملاعب لمدة ثلاث سنوات بعد اقتحامها أرضية ملعب فرنسا خلال مباراة ودية بين فرنسا والجزائر.
بعد فشلها في إنجاح مسارها الرياضي، اقتحمت مواقع التواصل الاجتماعي حيث عرفت بآرائها الحادة وتصريحاتها المستفزة، مما جعلها محط اهتمام المتابعين. على الرغم من محاولاتها تقديم نفسها كصوت يعبر عن تطلعات الشباب الجزائري، إلا أن خطاباتها كثيرا ما اتسمت بالتحريض والاستفزاز، حيث كانت تطلق النار في كل الاتجاهات، بما في ذلك رموز النظام العسكري الحاكم في الجزائر. ففي مقطع فيديو عام 2020، انتقدت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشدة، غير أن خطابها تغير بشكل مفاجئ، وأصبحت الآن تدعم الحكومة الحالية في الجزائر علنا بل وتتولى الدفاع عنه باستماتة مفضوحة.
عُرفت صوفيا بتخصصها في مهاجمة المغرب ورموزه الوطنية، حيث تُتهم بتلقي توجيهات مباشرة من النظام الجزائري لتكريس خطاب عدائي ضد المملكة. بيد أن لسانها السليط كثيرا ما ورطها في مواقف محرجة، كان أبرزها حادثة طردها من كوت ديفوار خلال يناير 2024، بعد أن أدلت بخطاب عنصري ضد البلد المضيف لمباريات كأس إفريقيا للأمم، ما أثار موجة غضب واستياء واسع تجاهها، وأدى إلى تدهور صورتها أمام الرأي العام الدولي.
اعتقال مؤثرين آخرين
جاء اعتقال صوفيا بعد توقيف ثلاثة مؤثرين جزائريين في فرنسا مؤخرا، بسبب نشرهم محتويات تدعو إلى العنف ضد معارضي النظام الجزائري. ويواجه ثلاثة مؤثرين جزائريين آخرين دعاوى قضائية بسبب محتويات مشابهة. أُوقف أحدهم في بريست، وهو شاب يبلغ من العمر 25 عاما يُدعى زازو يوسف، بسبب مقطع فيديو دعا فيه إلى تنفيذ اعتداءات في فرنسا وأعمال عنف في الجزائر.
وهو رهن الاحتجاز حاليا وسيُحاكم في 24 فبراير بتهمة الترويج للإرهاب، وقد يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى سبع سنوات.
المؤثر الثاني، الذي يُعرف باسم عماد تانتان (31 عاما)، أُوقف في ضواحي غرونوبل بسبب مقطع فيديو دعا فيه إلى «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية ». وهو أيضا رهن الاحتجاز وسيُحاكم يوم 5 مارس بتهمة التحريض على أعمال إرهابية.
أما الثالث، وهو جزائري يبلغ من العمر 59 عاما يُدعى « عمي بوعلام »، فقد أُوقف في مونبلييه وسيُحاكم في 24 فبراير بتهمة « التحريض العلني على ارتكاب جريمة » بعد نشره مقطع فيديو على تيك توك يدعو فيه إلى « إيذاء » أحد المعارضين للحكومة الجزائرية، إضافة إلى إطلاقه تصريحات تحرض على العنف ضد المعارضين وتوجيه إساءات إلى فرنسا بسبب دعمها للمغرب.
عبد السلام بازوكا، في مقطع فيديو نشره بالعربية يوم 10 ديسمبر، وصف معارضي الحكومة الجزائرية بـ« الخونة » وهددهم بـ« الذبح ». أما Laksas06، فقد أعاد في 11 ديسمبر نشر مقطع صوتي لشخص آخر يقدم فيه أعضاء الجالية الجزائرية في فرنسا على أنهم « جنود نائمون » مستعدون لأن يصبحوا «شهداء».
وقد أعلنت منصة تيك توك أن حسابات المؤثرين الثلاثة قد « تم تعليقها نهائيا بسبب انتهاك قواعد مجتمعنا ».
النظام الجزائري يؤجج الكراهية
اتهم معارضون جزائريون النظام العسكري الحاكم بتوظيف مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر خطاب الكراهية ضد معارضيه في الخارج.
ووفقا للمعارض الجزائري شوقي بن زهرة، فإن هذه الاستراتيجية تهدف إلى ترهيب المعارضين والتأثير على الرأي العام الدولي.
من جانبه، وصف الصحفي وليد كبير هذه الحملات بأنها انعكاس لسياسة النظام الجزائري القمعية، والتي تسعى لتصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج.
واتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه « الظاهرة » والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، « يستقبل أيضا مؤثرين ».
ونقلت وكالة فرانس برس عن العديد من المعارضين الجزائريين في فرنسا تأكيدهم أن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء الغربية.