قائمة الوجهات الإفريقية الأكثر جاذبية للمليونيرات الباحثين عن ملاذات ضريبية آمنة

رجل ثري (صورة تعبيرية)

في 25/07/2025 على الساعة 12:15

إذا كان عام 2025 قد شهد دخول المغرب وموريشيوس وسيشل إلى خريطة وجهات المليونيرات، لا تزال إفريقيا مصدرا للثروات إلى الملاذات الضريبية والأمنية الدولية، التي تهيمن عليها الإمارات العربية المتحدة. هذا ما تكشفه بشكل أساسي مكاتب هينلي وشركاؤه ونيو وورلد ويلث.

نشر هينلي وشركاؤه (Henley & Partners)، وهو مكتب بريطاني رائد عالميا في تقديم استشارات الإقامة والجنسية عن طريق الاستثمار، ونيو وورلد ويلث (New World Wealth)، وهو مكتب جنوب إفريقي متخصص في تحليل الثروات العالمية، مؤخرا، «تقرير هينلي لهجرة الثروات الخاصة 2025» حول هجرة أصحاب الثروات خلال سنة 2025.

ويتعلق الأمر بالأفراد الذين تبلغ ثرواتهم السائلة القابلة للاستثمار مليون دولار أمريكي أو أكثر. وإذا كانت الدراسة قد كشفت عن تدفقات عالمية قياسية (زائد 142.000 مليونير مهاجر مقارنة بـ134.000 في عام 2024 و120.000 في عام 2023)، يكشف تحليلها عن دينامية إفريقية معقدة، تتميز بوجهات ناشئة، ومغادرات معبرة، واستراتيجيات للجوء إلى ملاذات خارج القارة.

ويكشف تحليل المعطيات عن ثلاثة اتجاهات بنيوية للقارة.

موريشيوس، والمغرب، وسيشل في الصدارة

لأول مرة، تصنف ثلاث دول إفريقية ضمن وجهات المليونيرات في عام 2025، على الرغم من أن جاذبيتها لا تزال متواضعة على نطاق عالمي.

الوجهة الرائدة في القارة هي المغرب. يبلغ صافي رصيد الوجهة +100 مليونير، وتقدر ثروة المليونيرات المهاجرين بنحو 0.9 مليار دولار أمريكي. وهذا يعني أن البلاد تجذب 100 فرد من أصحاب الثروات العالية أكثر مما تخسره. ويعكس هذا التوازن الإيجابي استقراره السياسي، وقربه الجغرافي من أوروبا، وتطور بنيته التحتية المالية (ولا سيما القطب المالي للدار البيضاء). هذه المزايا تجعل منه ملاذا إقليميا مفضلا لنخب شمال وغرب إفريقيا التي تبحث عن الأمن والاستقرار الاقتصادي.

وتحتل موريشيوس المركز الأول في إفريقيا إلى جانب المغرب، ولديها أيضا رصيد لأكثر من 100 مليونير، حيث تقدر ثروات المليونيرات المهاجرين بنحو 0.5 مليار دولار أمريكي. تعزز الجزيرة مكانتها كمركز مالي وتجاري للمحيط الهندي وإفريقيا الناطقة باللغة الإنجليزية. الميزات التي تجعل منها قبلة المليونيرات هي نظامها الضريبي المواتي، وأمانها القانوني، وبرنامج الإقامة عن طريق الاستثمار.

أما سيشل فتحتل المركز الثالث في إفريقيا، حيث يبلغ رصيدها أكثر من 50 مليونيرا، بثروة تقدر بمليار دولار أمريكي. إن نظامها الضريبي الجذاب (ولا سيما غياب ضريبة الدخل أو الميراث لغير المقيمين) وبيئتها المعيشية المثالية يجعلانها وجهة رئيسية لأصحاب الترواث.

وشدد أندرو أمويلز، رئيس قسم الأبحاث في مكتب نيو وورلد ويلث، على نقطة جوهرية. «إذا ما نظرنا إلى أسواق الثروة التي شهدت أقوى نمو خلال العقد الماضي، نجد أن معظم هذه الدول إما وجهات شهيرة للمليونيرات المهاجرين –كالجبل الأسود، والإمارات العربية المتحدة، ومالطا، والولايات المتحدة، وموريشيوس- أو مراكز تكنولوجية في الأسواق الناشئة». وتثبت هذه الملاحظة الدور الاستراتيجي لهجرة الثروات في إنشاء مراكز اقتصادية جديدة داخل أي بلد.

دول تشهد مغادرات وملاذات جديدة للأثرياء الأفارقة

بينما يعد المغرب وموريشيوس وسيشل من بين الوجهات ذات الرصيد الصافي الإيجابي، وفقا لتقرير هينلي، تصنف عدة دول إفريقية ضمن «الخاسرين» للمليونيرات في عام 2025. فعلى سبيل المثال، سجلت أنغولا رصيدا سلبيا قدره 50 من أصحاب الثروات العالية (تقدر الثروة المغادرة بـ0.3 مليار دولار أمريكي)، وخسرت مصر 100 مليونير (0.8 مليار دولار أمريكي)، وعانت نيجيريا من عجز قدره 200 من أصحاب الثروات العالية (1.5 مليار دولار أمريكي)، وشهدت جنوب إفريقيا رصيدا سلبيا قدره 250 مليونيرا (1.6 مليار دولار أمريكي).

وتبقى هذه الأرقام متواضعة على المستوى العالمي. أكبر خمسة خاسرين من حيث القيمة المطلقة هم المملكة المتحدة (-16.500 من الأثرياء، بثروة تقدر بـ91.8 مليار دولار)، والصين بخسارة سلبية قدرها 7.800 مليونير (55.9 مليار دولار)، والهند بخسارة 3.500 مليونير (26.2 مليار دولار)، وكوريا الجنوبية (-2.400، 15.2 مليار دولار)، وروسيا بثروة تقدر بـ14.7 مليار دولار من المليونيرات المهاجرين.

ومع ذلك، يكشف التقرير عن تدفقات كبيرة من العديد من الدول الإفريقية إلى وجهات خارج إفريقيا.

الوجهة الرائدة هي الإمارات العربية المتحدة. مع صافي تدفق قياسي بلغ 9.800 مليونير، تعد الإمارات العربية المتحدة الملاذ المفضل للمليونيرات المغادرين من باكستان (-100) ولبنان (-200)، ولكن أيضا، بشكل عام، أولئك القادمين من إفريقيا. وتعد دبي، بفضل عدم فرض ضريبة على الدخل، وأمنها، وبنيتها التحتية الفاخرة، وسهولة وصولها إلى التمويل العالمي، المركزَ الأبرزَ للنخبة الإفريقية المتنقلة.

بوجود 200 مليونير، تجذب موناكو تحديدا أصحاب الثروات الفائقة من إفريقيا، بفضل وضعها الضريبي الفريد، وأمنها، ومكانتها المرموقة.

ولا تزال مالطا، باحتضانها لـ500 مليونير، وجهة شهيرة لاستقرارها داخل الاتحاد الأوروبي وإطارها الضريبي الميسر والمحفز.

ويكشف هذا النزيف الصامت نحو الدول غير الإفريقية، وإن لم يقس كميا من حيث الرصيد الصافي حسب بلد المنشأ الإفريقي المحدد في هذا التقرير، عن حقيقةٍ حاسمة: فرغم ظهور وجهات جذابة داخل إفريقيا، لا تزال الملاذات الضريبية والأمنية العالمية (وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة) المستفيد النهائي من هجرة الثروات الإفريقية الساعية إلى أقصى درجات الأمن والاستقرار السياسي والمزايا الضريبية المثلى.

العودة الجزئية ودور النظم التكنولوجية

يشير تقرير مكتبي هينلي وشركاؤه ونيو وورلد ويلث أيضا إلى ظاهرة عودة جزئية أو استقرار في بعض الأسواق الكبرى.

ينطبق هذا بشكل خاص على جنوب إفريقيا. فعلى الرغم من استمرار الخسائر، مع صافي رصيد قدره -250 مليونيرا في عام 2025، إلا أن هذا يمثل «أصغر خسارة لجنوب إفريقيا منذ جائحة كوفيد». ولإعطاء فكرة عن حجم هذه الخسارة، سجل تقرير عام 2024 صافي رصيد سلبي قدره 600 مليونير، مقارنةً بعجز قدره 400 من الأثرياء في عام 2023.

ويعزى هذا الانخفاض في عدد المغادرين جزئيا إلى «عودة الأثرياء من المملكة المتحدة». وقد يشير هذا إلى تحسن طفيف في رؤية بعض المغتربين للفرص المحلية أو إلى تأثير استراتيجي للعودة إلى الوطن في سياق عالمي غير مستقر.

كما يصنف التقرير «مراكز التكنولوجيا في الأسواق الناشئة مثل (...) إفريقيا» ضمن محركات نمو الثروة. ويسلط هذا الضوء على الدور المحتمل للنظم التكنولوجية الدينامية (مثل نيجيريا وكينيا ومصر وجنوب إفريقيا) في خلق ثروات جديدة والاحتفاظ بها، حتى لو ظلت قدرتها على جذب الهجرة أقل وضوحا من قدرة الإمارات العربية المتحدة.

إفريقيا ذات السرعتين

وهكذا، يكشف رسم خريطة تدفقات المليونيرات لعام 2025 عن وجود إفريقيا ذات سرعتين في سباق المليونيرات. فمن ناحية، هناك الدول الجزرية الصغيرة/المستقرة (موريشيوس وسيشل) والمغرب، التي تعزز مكانتها كوجهة استثمارية جاذبة داخل أفريقيا بفضل أنظمتها الضريبية التنافسية، واستقرارها السياسي النسبي، وبرامجها المنظمة بالنسبة لموريشيوس/سيشل. ويظهر نجاحها فعالية الاستراتيجيات الاستباقية في ترسيخ مكانتها كملاذات استثمارية إقليمية.

من ناحية أخرى، لا تزال الجاذبية النسبية للاقتصادات الكبيرة محدودة مقارنةً بقوة المراكز العالمية مثل دبي. حتى العودة الجزئية للأثرياء الجنوب إفريقيين من المملكة المتحدة لا تكفي لعكس الاتجاه السلبي للبلاد. لا تزال التحديات البنيوية (الأمن، والاستقرار السياسي، والضرائب، والبنية التحتية المالية عالمية المستوى) تدفع فئة كبيرة من نخبة أثرياء إفريقيا نحو الإمارات العربية المتحدة، وأوروبا (مالطا، وموناكو، وسويسرا)، أو الأمريكتين (الكاريبي).

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن العوامل الجيوسياسية والضرائب مهمة جدا. تتوافق العودة من بريطانيا، المدفوع بإصلاحات ضريبية جذرية، مع خيارات المليونيرات الأفارقة. ويظل البحث عن «الأمن والنمو»، كما يشير التقرير في ما يتعلق بآسيا ولكنه ينطبق على إفريقيا، هو الدافع الرئيسي. ويعزز عدم الاستقرار الإقليمي جاذبية الملاذات الآمنة والمستقرة، مثل الإمارات العربية المتحدة أو موريشيوس.

وهكذا، وكما يتضح، فإن المنافسة على جذب واستبقاء أصحاب الثروات العالية في الدول الإفريقية شرسة وتتطلب أكثر من مجرد استقرار نسبي. بل تتطلب أنظمة مالية متطورة، وأمانا قانونيا مطلقا، ومزايا ضريبية واضحة ومستدامة. ولا تزال برامج الهجرة الاستثمارية أداة فعالة للدول الصغرى، في حين أن تطوير مراكز تكنولوجية حيوية هي مفتاح لخلق ثروات جديدة والحفاظ عليها في القارة مستقبلا. وفي نهاية المطاف، أصبحت المعركة على رؤوس الأموال والمواهب التي تتمتع بها النخبة في إفريقيا أكثر انفتاحا من أي وقت مضى.

تحرير من طرف موديست كوامي
في 25/07/2025 على الساعة 12:15