كيف نسف ترامب قانون أغوا ووضع بعض الدول الإفريقية في ورطة؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. AFP or licensors

في 08/04/2025 على الساعة 12:15

من خلال تطبيق الرسوم الجمركية على جميع البلدان الإفريقية تقريبا، أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمليا قانون النمو والفرص في إفريقيا (أغوا)، وهو القانون الذي سمح لدول أفريقيا جنوب الصحراء بتصدير آلاف المنتجات إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية. وبالتالي فإن هذه ضربة قوية لاقتصادات المنطقة، وخاصة للمستفيدين الرئيسيين من هذا القانون. إن نهاية قانون النمو والفرص في أفريقيا قد تكون كارثية بالنسبة للعديد من البلدان الأفريقية.

هذا السؤال يؤرق الزعماء والفاعلين الاقتصاديين الأفارقة منذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة: هل سيمدد قانون النمو والفرص في إفريقيا (Africa Growth and Opportunity Act- Agoa)، الذي صدر في عام 2000 والذي ألغى الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة على أكثر من 6800 منتج مستخرج ومصنع في بلدان جنوب الصحراء في إفريقيا، والذي ينتهي العمل به في شتنبر 2025، أم لا؟

منذ 2 إبريل، انصب اهتمام الأفارقة على هذه القضية بعد قرار ترامب بفرض الرسوم الجمركية على 185 دولة في العالم باسم «المعاملة بالمثل الناعمة».

وهكذا، حتى دون الإشارة إليه، نسف ترامب قانون أغوا، وهو القانون الذي اعتمده الكونجرس الأمريكي في ماي 2000 ووقعه الرئيس بيل كلينتون. هدفه هو دعم اقتصادات الدول الأفريقية من خلال تسهيل ولوجها إلى السوق الأمريكية إذا اتبعت مبادئ الاقتصاد الليبرالي. شراكة تجارية قائمة على منطق رابح-رابح، بمعنى أنها تسمح للمنتجات من البلدان الإفريقية بالولوج إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية (السيارات والنسيج والمعادن والأحجار الكريمة والمواد الهيدروكربونية والفلاحية وما إلى ذلك) وللفاعلين الاقتصاديين الأمريكيين للاستفادة من مصادر التوريد الوفيرة غير المثقلة بالضرائب، وبالتالي أن يكونوا أكثر قدرة على المنافسة.

إن ولوج آلاف المنتجات الإفريقية، بما في ذلك المواد الخام (الهيدروكربونات والمنتجات الزراعية والخامات) والمنتجات المصنعة (المنسوجات والسيارات وغيرها) دون رسوم جمركية تجعل هذه المنتجات أكثر قدرة على المنافسة، مقارنة بتلك التي يتعين عليها تحمل الرسوم الجمركية الأمريكية.

وتستفيد من اتفاقية أغوا، قبل دخول رسوم ترامب الجديدة حيز التنفيذ، 31 دولة في إفريقيا جنوب الصحراء، من أصل 48 دولة معنية بهذا الاتفاق. ويتم استبعاد الدول الأخرى لأسباب مختلفة (الانقلابات، والتمييز ضد طبقات معينة من المجتمع، والحرب، وما إلى ذلك).

وإذا كانت هذه الاتفاقية قد عززت المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة والقارة الإفريقية، فإنها لاقت بالمقابل استنكارا من قبل بعض السياسيين الأمريكيين المعارضين لطبيعتها الأحادية، بحجة أنها لا تلزم الدول الأفريقية بمنح معاملة بالمثل للمنتجات الأمريكية. وبالتالي، فإن قرار دونالد ترامب بفرض رسوم على جميع الدول الأفريقية –بينما سيشيل والصومال وإسواتيني هي الدول الوحيدة التي لم يتم ذكرها في قوائم البيت الأبيض- يأتي، هو جواب بطريقة ما على معارضي أغوا.

وتمثل هذه الرسوم الجمركية نهاية أغوا، بمعنى أن جميع المنتجات القادمة من القارة الأفريقية يجب أن تدفع الآن رسوم جمركية تتراوح بين 10% (السعر الأدنى) و50% (أعلى معدل مطبق).

وبعد تعليق مساعدات التنمية، يشكل إنهاء قانون النمو والفرص في إفريقيا ضربة جديدة للاقتصادات الإفريقية، التي سوف يعاني الكثير منها من المزيد من الضعف. ومع انتهاء هذا الإعفاء من الرسوم الجمركية، فإن الصادرات من العديد من البلدان الإفريقية إلى الولايات المتحدة سوف تصبح أقل قدرة على المنافسة في مواجهة البلدان الأفريقية الأخرى أو غيرها من القارات التي فرضت عليها رسوم أقل.

يشار إلى أن الدول الإفريقية التي فرضت عليها رسوم أكبر هي ليسوتو (50%، وهي الرسوم الأكبر في العالم)، مدغشقر (47%)، موريشيوس (40%)، بوتسوانا (37%)، جنوب إفريقيا (30%)، الجزائر (30%)، ساحل العاج (21%)، نيجيريا (14%)... المنتجات التي ستخضع لرسوم أقل هي تلك القادمة من جمهورية الكونغو الديمقراطية (11%)، الكاميرون (11%)، المغرب (10%)، موريتانيا (10%)...

كما أن الصادرات الأفريقية إلى الولايات المتحدة بلغت 49 مليار دولار عام 2024، في حين بلغت واردات القارة من السوق الأمريكية 41.6 مليار دولار. وبذلك يكون الميزان التجاري في فائض لصالح الدول الإفريقية يصل إلى 7.4 مليار دولار. وكانت المنتجات الرئيسية التي صدرتها البلدان الإفريقية العام الماضي هي النفط الخام (7.3 مليار دولار)، والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة (6.9 مليار دولار)، والسيارات (1.7 مليار دولار)، والملابس (1.4 مليار دولار). وتمثل هذه المنتجات الأربعة أكثر من 35.30 % من قيمة الصادرات الإفريقية إلى الولايات المتحدة.

وبلغت قيمة الصادرات من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وهي المنطقة المستفيدة من قانون النمو والفرص في أفريقيا، 39.5 مليار دولار في عام 2024. وهذه القيمة ستخفض بشكل حاد بسبب هذه الرسوم. فعلى سبيل المثال، ستشهد ليسوتو، وهي أحد المستفيدين من قانون أغوا، ارتفاعا في رسوم صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 50%. ومع ذلك، فإن هذا البلد الصغير غير الساحلي داخل جنوب أفريقيا يعتمد بشكل كبير على صادراته من منتجات النسيج، وخاصة الجينز، إلى الولايات المتحدة، دون رسوم جمركية. وستحد هذه الرسوم بشكل كبير من صادرات النسيج. ومع ذلك، يوجد في البلاد 11 مصنعا للنسيج تصدر بضائعها إلى الولايات المتحدة ويعمل بها 12 ألف شخص. بشكل عام، فإن الرسوم الأمريكية قد تؤدي إلى فقدان ما بين 30 ألف إلى 40 ألف منصب شغل في ليسوتو. والأدهى من ذلك، ستوجه هذه الرسوم ضربة خطيرة للاستثمار في البلاد من خلال فقدانها للمزايا التي كانت تتمتع بها في السوق الأمريكية. ومع ارتفاع الرسوم الجمركية إلى 50%، فإن الجينز المصنوع في ليسوتو لن يعد قادرا على المنافسة مع تلك المصنوعة في البلدان الأخرى المنافسة، خاصة وأن البلاد تستورد جميع المواد الخام من الصين.

وينطبق هذا أيضا على مدغشقر، التي سوف تخضع صادراتها إلى الولايات المتحدة لرسوم باهظة تبلغ 47%.

لكن الدولة الأكثر تأثرا ستكون جنوب إفريقيا، حيث تعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري بعد الصين. بالإضافة إلى ذلك، منذ دخول قانون النمو والفرص في أفريقيا حيز التنفيذ، كانت جنوب إفريقيا هي المستفيد الرئيسي منه. وتقوم بتصدير المعادن الثمينة (خاصة البلاتين) والسيارات والمنتجات الفلاحية وغيرها دون رسوم جمركية.

القطاع الذي سيتأثر أكثر هو قطاع السيارات. وفي عام 2023، بلغت صادرات السيارات 1.90 مليار دولار، أو 22% من صادرات جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة في عام 2023. وأكد بيلي توم، رئيس منظمة أرباب العمل في قطاع السيارات في جنوب إفريقيا، قبل وقت طويل من قرار ترامب، أن «تأثير عدم تجديد قانون النمو والفرص في أفريقيا سيكون مدمرا»، موضحا أن 86 ألف منصب شغل مرتبط مباشرة بهذا الاتفاق. والأسوأ من ذلك، بما في ذلك مناصب الشغل في شركات المناولة العاملة في هذا القطاع، أي أن 125 ألف منصب شغل مهددة. ومع العلم أن الولوج إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية ساهم في إنشاء العديد من شركات تصنيع السيارات، فإن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب قد تثني الفاعلين الجدد من الاستقرار في السوق الجنوب أفريقي.

على أية حال، من خلال فرض رسوم بنسبة 30% على منتجات جنوب إفريقيا التي استفادت حتى الآن من الولوج إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية، سيجعلها ترامب أقل قدرة على المنافسة مع منتجات الدول المنافسة. وهو الوضع الذي يمكن أن يقلل من الفائض التجاري الكبير لصالح جنوب أفريقيا. وفي عام 2024، بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 20.5 مليار دولار. وصدرت جنوب إفريقيا 14.7 مليار دولار إلى الولايات المتحدة واستوردت 5.8 مليار دولار فقط، الأمر الذي أدى إلى فائض تجاري قدره 8.9 مليار دولار.

ماذا يمكن أن تفعل الدول الإفريقية بشأن رسوم ترامب؟ لا شيء، باستثناء التفاوض بشكل فردي على اتفاقيات تجارية جديدة، حيث أن ترامب ليس من مناصري نظام متعددي الأطراف. ومن ثم فإن ليسوتو سترسل وفدا إلى الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق قادر على خفض الرسوم الجمركية المطبقة عليها. وترغب جنوب إفريقيا أيضا في التفاوض مع إدارة ترامب لإيجاد حل لهذه الرسوم الباهظة. لكن الوضع بالنسبة لها سيكون صعبا بسبب التوترات السياسية بين البلدين.

وتظل الورقة الرئيسية التي يتعين على البلدان الأفريقية التي تخضع للرسوم الثقيلة أن تلعبها هي تخفيض الرسوم الجمركية المطبقة على المنتجات الأمريكية المستوردة. ويتعين على ليسوتو، التي تطبق رسوما جمركية بنسبة 99% على المنتجات الأميركية، أن توافق على تخفيض حاد في هذه الرسوم حتى تتمكن من الاستفادة من ولوج أفضل لمنتجاتها إلى السوق الأميركية ولكي تتمكن من المنافسة نسبيا هناك. الشيء نفسه ينطبق على جنوب أفريقيا. وإلا فإن هذه البلدان، كما هي الحال مع غيرها من البلدان التي تفرضت عليها رسوم باهظة، سوف تخسر أسواقا مهمة.


تحرير من طرف موسى ديوب
في 08/04/2025 على الساعة 12:15