وأفاد البيان الصادر عن المكتب القانوني بأن الاتهامات تستهدف خالد نزار (86 سنة)، الذي شغل منصب وزير الدفاع في الحكومة الجزائرية مطلع تسعينيات القرن الماضي. ويشتبه في أنه قام بارتكاب هذه الجرائم بين عامي 1991 و1994، وهي فترة تميزت بتصاعد الصراعات والعنف خلال الحرب الأهلية في البلاد.
تأتي هذه الاتهامات بعد عملية تحقيق مستمرة نفذتها السلطات القضائية السويسرية، استندت خلالها إلى شهادات وأدلة تشير إلى وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان خلال تلك الفترة الصعبة من تاريخ الجزائر. وقد تمثلت هذه الانتهاكات في أعمال عنف مروعة واعتقالات تعسفية وممارسات قسوة أخرى.
وتم اعتقال الجنرال الجزائري أثناء زيارته لجنيف يوم 20 أكتوبر 2011، وجرى استجوابه بعد ذلك من طرف الادعاء العام الفدرالي، وذلك بناء على شكوى ضده من قبل ضحايا التعذيب ومنظمة « ترايل إنترناشونال ».
بعد الإفراج عنه في اليوم التالي، غادر نزار سويسرا بناءً على وعد بالامتثال لأي استدعاءات قضائية.
ويواجه نزار اتهامات بتنفيذ أفعال تعذيب خلال فترة توليه منصب وزير الدفاع بين عامي 1991 و1994، وقد تم تقديم شكاوى ضده بشأن هذه الجرائم في باريس في عامي 2001 و2002.
وهناك اتهامات أخرى لهذا السياسي العسكري المثير للجدل، حيث اتهمه الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد بأنه كان جاسوسًا لصالح فرنسا، لكنه نفى هذه الاتهامات بشكل قاطع. كما تم اتهامه بتورطه في استخدام الرصاص الحي خلال مظاهرات عام 1988. وقد أكد نزار أن القوات المرسلة للتصدي للمظاهرات لم تكن مجهزة بالرصاص المطاطي.
في أعقاب بداية الحركة الاحتجاجية الشعبية في الجزائر عام 2019 وصعود الجنرال قايد صالح، قررت المحكمة العسكرية في البليدة الحكم بالسجن لمدة 20 عامًا على نزار ونجله لطفي، بتهمة المساس بسلطة الجيش والتآمر ضد الدولة، بيد أن نزار تمكن من الفرار إلى إسبانيا.
إقرأ أيضا : النظام الجزائري يحاول تصفية المعارضين في المنفى وينتقم من عائلاتهم داخل الجزائر
ومن المتوقع أن تثير خطوة القضاء السويسري تفاعلاً واسعاً داخل وخارج الجزائر، حيث تلقى الحرب الأهلية في تلك الفترة اهتماماً دولياً واسع النطاق بسبب الأحداث المروعة التي جرت خلالها. وقد تم توثيق العديد من التقارير والشهادات التي تفيد بحدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تشمل تعذيب السجناء وقتل المدنيين واختفاء قسري.
بالإضافة إلى التأثير القانوني المحتمل على الوزير الجزائري السابق، فإن هذه الاتهامات قد تلقي بظلالها على الساحة السياسية والاجتماعية في الجزائر. وقد تؤدي إلى إثارة مناقشات حول مسؤولية القادة السابقين عن تلك الفترة الصعبة والسعي إلى تحقيق العدالة وإقامة عمليات محاكمة منصفة.
وستمكن هذه المحاكمة من فضح ممارسات أحد أذناب ورموز النظام العسكري الحاكم في الجزائري، كما ستمكن العالم من متابعة تطورات هذه القضية الهامة، حيث ستكشف الأشهر القادمة عن الخطوات التي ستتخذها الجهات القضائية السويسرية والتأثيرات التي قد تخلفها هذه الاتهامات على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية.
من يكون الجنرال خالد نزار؟
يوصف الجنرال خالد نزار بأنه الحاكم الفعلي خلال مرحلة توليه منصب وزير الدفاع، حيث لعب دورًا بارزًا في إدارة الحكم من خلف الستار. في هذا البروفايل، سنتعرف على معلومات مهمة عن حياة ومسار هذا السياسي المثير للجدل.
البدايات والتحول
ولد خالد نزار في أواخر سنة 1937 في قرية سريانة بمنطقة الأوراس، الجزائر. نشأ في عائلة كبيرة تضم أكثر من 14 فردًا. تلقى تعليمه في المدرسة الحربية الفرنسية سان مكسان، بفضل مساعدة والده الذي كان رقيبًا في الجيش الفرنسي.
مسيرته في الجيش والثورة
بعد ثلاث سنوات فقط، قرر خالد الانضمام إلى صفوف ثورة التحرير الجزائرية. تدرج في الجيش الجزائري وشغل مسؤوليات متعددة حتى أصبح قائدًا للمنطقة العسكرية الخامسة بقسنطينة في عام 1982، ثم قائدًا للقوات البرية.
التدخل السياسي والانتقالات
عين خالد نزار وزيرًا للدفاع في يوليوز من عام 1990 بتكليف من الرئيس الجزائري آنذاك الشاذلي بن جديد، وظل في المنصب لأكثر من 3 سنوات. خلال هذه الفترة، تصاعد التوتر السياسي، وبعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات التشريعية، قام نزار بإلغاء نتائج الانتخابات وتوقيف المسار الانتخابي.
الانسحاب والاتهامات
بعد تعرضه لمحاولة اغتيال، انسحب نزار من الساحة السياسية، وتسلم الرئيس اليمين زروال الحكم في عام 1994. ورغم مرور السنوات، استمرت التهمة المتعلقة بتوقيف المسار الانتخابي تراقبه.
خبرات القيادة ومسار متعدد
عُرف نزار بخبراته في قيادة الجيوش، حيث تقلد مناصب قيادية متعددة، بدءًا من قيادة المنطقة العسكرية الخامسة وصولاً إلى منصب نائب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي.
اتهامات وجدل
تم اتهام نزار بتجاوزات منها استخدام التعذيب خلال ولايته وزيرًا للدفاع بين 1991 و1993. وقد تم رفع شكاوى ضده في باريس بخصوص هذه التهم. كما اتُهم بكونه جاسوسًا لفرنسا، وتم تكذيب هذه الاتهامات من قبله.
الانسحاب والعودة إلى الحياة الخاصة
انسحب نزار تدريجيًا من الحياة السياسية بعد تسلم السلطة من قبل اليمين زروال في عام 1994. وبعد ذلك، أسس شركة لخدمات الإنترنت مع أبنائه.
جدل متواصل
في منتصف الثمانينات من عمره، لا يزال الجنرال خالد نزار شخصية مثيرة للجدل في تاريخ الجزائر، حيث تجمع حوله العديد من التهم والتصريحات المتناقضة. دوره العسكري والسياسي ما زال يثير الكثير من النقاشات حتى يومنا هذا.