ونشرت وكالات أنباء ومواقع إلكترونية دولية، نقلا عن مواقع محلية سودانية، مقاطعَ فيديو تظهر عشرات المساجين وهم يفرّون من داخل سجن كوبر، وقالت إنها توثق للحظات خروج المساجين من السجن، كما نشرت فيديو لاشتباكات حول سجن كوبر قبيل مغادرة السجناء. كما تداول ناشطون سودانيون عددا من الفيديوهات التي تظهر المساجين وهم يسيرون في شوارع منطقة كوبر وهم يرتدون زي السحن الأبيض. وظهر في أحد المقاطع عددٌ منهم وهم يحملون حقائب ويمشون في ممرٍّ أمام أحد الأبنية.
ولليوم التاسع على التوالي، يتواصل القتال العنيف بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو الشهير بـ« حميدتي »، خصوصًا في العاصمة الخرطوم، التي شهدت معارك دامية بين الطرفين، سقط خلالها المئات من المدنيين بين جريح وقتيل.
الجيش ينفي فرار البشير
نفي مكتب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، ما ذكرته وكالة الأناضول عن هروب الرئيس السابق عمر البشير، وذلك في تصريحات صحفية لوسائل إعلام دولية.
وذكرت وكالة «أسوشيتد برس»، نقلًا عن مسؤول عسكري كبير قوله إن القوات المسلحة السودانية صدت هجوما لقوات الدعم السريع على سجن كوبر بالخرطوم حيث يحتجز الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، ومسؤولون سابقون في نظامه المنحل في جماعة الإخوان منذ الإطاحة به في عام 2019.
وقال المسؤول السوداني، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن عددًا من السجناء فروا لكن البشير وغيره من السجناء البارزين كانوا في منطقة « آمنة للغاية »، مضيفًا أن عددًا قليلاً من الأسرى «قتلوا أو جرحوا».
إقرأ أيضا : السودان تسلم رئيسها السابق عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية
وذكر موقع «روسيا اليوم» أن الرئيس السوداني المعزول عمر البشير «يتلقى الرعاية الطبية بأحد مستشفيات العاصمة الخرطوم»، عقب تداول أنباء عن فراره من السجن.
وقال مراسل القناة الروسية في السودان إنه تحقّق من وجود البشير تحت الرعاية الطبية، بعد تداول مقطع فيديو حول فراره بين العشرات من السجناء من سجن كوبر في الخرطوم.
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بتنفيذ «عملية إخلاء بالقوة الجبرية لجميع السجناء الموجودين بسجن كوبر الذي يضم جميع قادة النظام البائد». واعتبرت «الدعم السريع »، في بيان نشرته على « تويتر »، أنّ «قادة الانقلاب يريدون إدارة عجلة الزمان إلى الوراء باستعادة نظام الحكم في البلاد».
وحمّل البيان «قيادة القوات المسلحة الانقلابية (في إشارة إلى الجيش) المسؤولية كاملة عن تقويض ثورة الشعب التي ضحى من أجلها الشباب والشابات».
إجلاء الأجانب من السودان
في سياق أخر، أجلت الحكومات الأجنبية دبلوماسيين وموظفين وآخرين من السودان يوم الأحد، في الوقت الذي يشتبك فيه الجنرالات المتنافسون لليوم التاسع دون أي مؤشر على هدنة أُعلنت بمناسبة عطلة عيد الفطر.
في حين أن القوى العالمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا نقلت دبلوماسييها جواً من العاصمة الخرطوم، سعى السودانيون بشدة للفرار من الفوضى.
وجازف الكثيرون بالطرق الخطرة لعبور الحدود الشمالية إلى مصر.
فرار 20 ألف شخص من النزاع
أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما بين 10 آلاف و20 ألف سوداني فروا نحو التشاد من المعارك الجارية بالبلاد بين طرفي المكون العسكري.
وأوضحت المفوضية الاممية، في بيان، أن الأطفال والنساء يمثلون غالبية الأشخاص الواصلين إلى تشاد، وهم يبيتون في العراء حاليا، بينما تعمل المفوضية بشكل وثيق مع الحكومة التشادية ومع الشركاء لتقييم احتياجاتهم وتحضير استجابة مشتركة.
وأضافت أن الاحتياجات الأولية والأكثر إلحاحا تشمل توفير المياه والغذاء والمأوى والرعاية الصحية وخدمات حماية الأطفال والحد من العنف القائم على نوع الجنس.
ونظرا للعنف الذي شهده الأشخاص الذين عبروا الحدود، يعتبر الدعم النفسي الاجتماعي أيضا من الأولويات.
وذكرت أن المناطق الشرقية من تشاد تضم أكثر من 400 لاجئ سوادني، مشيرة الى أن استضافة القادمين الجدد تضع ضغوطات إضافية على الخدمات والموارد العامة للبلاد المستنزفة أصلا.
وفي هذا السياق، قال مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات بالمنظمة، رؤوف مازو، «لقد تلقينا تقارير عن لاجئين عالقين وسط القتال المستمر في السودان»، داعيا الى وقف الاقتتال على وجه السرعة للحيلولة دون وقوع مزيد من الخسائر في الأرواح.
وجدد دعوة المنظمة لكافة الأطراف للالتزام بحماية المدنيين - بما في ذلك اللاجئين والنازحين داخليا - وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني لكي يتمكنوا من تسليم المساعدات الإغاثية الضرورية.
وحتي يوم أمس، بلغ إجمالي قتلي الاشتباكات المسلحة أكثر من 424 شخصا و3730 جريحا، وفقا لوزارة الصحة السودانية. ويشهد السودان منذ 15 إبريل الجاري اشتباكات دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
معلومات عن سجن كوبر
يضم سجن كوبر، الذي يقع في منطقة كوبر شمال العاصمة الخرطوم، حوالي 4 آلاف نزيل خلف قضبانه، بينهم عددا من قادة النظام السابق وعلى رأسهم عمر البشير ونائبه على عثمان محمد طه.
ويمتد هذا السجن على مساحة خمسة آلاف متر مربع تقريبًا، في مدينة الخرطوم، ويضم 14 قسمًا، من بينها قسم مخصص للمدانين بأحكام إعدام، وثانٍ لأصحاب السوابق، وثالث لذوي الأحكام الطويلة والقصيرة، ورابع للسجناء السياسيين.
يعد سجن كوبر واحدا من أقدم السجون في السودان، حيث يعود تاريخ افتتاحه إلى عام 1903، حيث شيده الإنجليز في فترة احتلالهم للبلاد، وأطلق عليه اسم كوبر نسبة للجنرال الإنجليزي كوبر الذي تولى مهام إدارة السجن.
منذ تأسيس السجن كان يتبع للحكومة الاتحادية، وفي العهد البريطاني كان مدير السجن يعرف بالحكمدار، وبعد الاستقلال تولى إدارة السجن أول مدير سوداني الحكمدار مصطفى سعيد في الفترة من 1935 إلى 1954 ثم تغير اسم الحكمدار إلى عميد السجن.
وتعرض سجن كوبر خلال اليومين الماضيين لقصف مدفعي أدى إلى مقتل 5 سجناء في حينه، وسط تخوف من سيناريوهات استهداف هذا السجن شديد الحراسة، وإطلاق سراح رموز النظام السابق.