الدليل من خلال الأرشيفات: الجزائر استخدمت البوليساريو في مالي ودول الساحل الأخرى

Jillali El Adnani.

الجيلالي العدناني

في 24/08/2025 على الساعة 13:30

مقال رأيبين عامي 1979 و1982، كانت منطقة الساحل مسرحا لعملية مقايضة جيوسياسية غير معروفة. ولمحاصرة النزعة الانفصالية داخل أراضيها، رضخت مالي للضغط الجزائري واصطفت إلى جانب قضية البوليساريو. وقد دفع هذا الاتفاق، الُمبرم سرا، بما يسمى بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» إلى مرتبة «دولة» عضو في منظمة الوحدة الإفريقية. وتتهم الأرشيفات الدبلوماسية الفرنسية الجزائر باستغلال خطر الإرهاب للي أذرع جيرانها ودفع البوليساريو إلى واجهة الساحة الإفريقية.

في ربيع عام 1979، بدا المشهد مرتبا له: قام الجنرال موسى تراوري، رئيس دولة مالي، والجنرال أولوسيغون أوباسانجو، رئيس نيجيريا، بزيارة رسمية إلى الجزائر يومي 3 و4 ماي. كان الهدف المعلن هو التحضير لقمة استثنائية مخصصة لقضية الصحراء «الغربية»، أُعلن عنها في المؤتمر الخامس عشر لمنظمة الوحدة الإفريقية في الخرطوم عام 1978. في 7 ماي، قدمت صحيفة لوموند هذه الحلقة على أنها انتصار دبلوماسي لجبهة البوليساريو، التي نجحت في إقامة اتصال مباشر مع رئيسي دولة مؤثرين. لكن الحياد الظاهري كان يخفي مسارا أكثر غموضا: الدور الحقيقي للدولة المضيفة، والانخراط الأيديولوجي والعسكري لبعض الدول «المحايدة» في اللجنة الخاصة لمنظمة الوحدة الإفريقية. سلطت الأرشيفات الدبلوماسية في ذلك الوقت الضوء على هذه المسرحية المحبوكة ببراعة. وبذلك، تمكننا من فهم كيف أمكن الاعتراف بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» في مارس 1980 وانضمامها إلى منظمة الوحدة الإفريقية عام 1982 -ليس من خلال ديناميكية داخلية، بل من خلال استراتيجية إقليمية لتصدير الانفصال.

لعبة مالي المزدوجة: بين الوساطة والتبعية

قدمت وثيقة سرية أرسلها السفير الفرنسي في باماكو، جيرار سير (Gérard Serre)، في 6 دجنبر 1979، معلومة أساسية: كان مقاتلون من جنوب الجزائر ومالي والنيجر يتدربون في قاعدة كوليكورو، على بعد 50 كيلومترا من باماكو، تحت «إشراف جمهورية ألمانيا الديمقراطية» (ألمانيا الشرقية). توضح الوثيقة أن هذا الحدث «يعكس التحول الأخير في موقف الحكومة المالية تجاه الحركة الصحراوية». المنطق السياسي المترتب عن ذلك هو إخضاع الجزائر للرئيس موسى تراوري:

«يمكن تفسير موقف هذه الأخيرة (مالي) برغبة الرئيس موسى تراوري في منح تعهد لعرابي البوليساريو (الجزائر وليبيا) لضمان امتناعهما عن دعم حركة تخريبية في المناطق الصحراوية تستهدف مالي هذه المرة»1.

يسلط هذا المقتطف الضوء على موقف باماكو: مالي، بصفتها وسيطا رسميا، وشريكا مجبرا بشكل غير رسمي، تسعى إلى شراء ضمان جيرانها. بالنسبة لنظام أضعفته التوترات والموارد العسكرية غير الملائمة للصحراء، يصبح دعم القضية الصحراوية بمثابة بوليصة أمان، ووسيلة لإطفاء -أو تأجيل- الحريق في الداخل. بعيدا عن المثل العليا للوحدة الإفريقية، فإن هذه «الوساطة»، التي ستلعبها مالي في لجنة الصحراء تقوم على حسابات دفاعية. تضع مالي في استراتيجية النظام الجزائري: جعل البوليساريو أداة ضغط، ودعمها ورقة تفاوضية لشكل من أشكال السلام المسلح في منطقة الساحل.

كانت لهذا «التعهد» المالي، كما نعلم، آثار ملموسة: فقد كان لصوت باماكو وزن كبير خلال الاعتراف بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» في مارس 1980، وفي المسار الذي أدى إلى انضمامها إلى منظمة الوحدة الإفريقية عام 1982. وتمت مقايضة الخوف من خلق «حركة تخريبية» في الداخل بدعم قضية الجار.

اعترافات موريتانية: طرابلس والجزائر ملتبستان

يوم 26 دجنبر 1979، كشف جيرار سير، السفير الفرنسي في مالي، عن اعترافات نظيره الموريتاني في باماكو، التي وصف فيها هيكلية الحركة الانفصالية في شمال مالي. ولدت هذه الحركة الانفصالية المالية، التي لا تزال قائمة حتى اليوم، في طرابلس، بقيادة معمر القذافي، الذي سمح للجزائر بمهمة الاستمرار، ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، حيث يسعى تبون جاهدا لاستعادة موطئ قدم له في منطقة الساحل. تظهر الوثيقة أيضا أن القذافي استغل شخصيات محلية:

«أبلغني السفير الموريتاني في باماكو أن حركة تحرير مالي، أو بالأحرى شمال مالي، التي تشكلت في طرابلس، يقودها في الواقع ممثلون أصيلون لسكان الشمال. إن الدور الذي منحه ديدي ديمبا مدينا سومبودو لنفسه، والذي ضخمته مجلة «جون أفريك» مؤخرا، ليس سوى ظاهرة ثانوية لا أهمية لها»2.

أما بالنسبة للشخصية التي ستحمل لواء الانفصال في شمال مالي، فتكشف الأرشيفات عن اسم محمود حمراني -السفير المالي السابق لدى كوبا والجزائر وغانا- كحلقة وصل بين طرابلس وقيادة البوليساريو. تتكون المجموعة الانفصالية من «عناصر من شمال مالي موجودين حاليا في ليبيا، بمن فيهم السيد محمود حمراني، من أصل موري». يقال إن هذا السفير المالي السابق لدى كوبا والجزائر وغانا، والمقيم في طرابلس منذ عام 1975، أحد قادة الحركة الانفصالية في شمال مالي.

كما تربطه علاقات وثيقة بقادة «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، التي يقال إنه «نفّذ لصالحها عدة مهام».

ويوضح السفير الموريتاني أن نواكشوط نبهت باماكو منذ عام 1977. ومن هنا يفهم الضغط الواقع على نظام تراوري: الإقرار بالخطر يعني الاعتراف بتعرض الشمال لانشقاق مسلح. أما عدم الإقرار به فيعني السماح بنشوء بؤرة للتخريب، ما سيكون له تداعيات على التوازن في منطقة الساحل. إن «الحل» الذي تم التوصل إليه -الانحياز إلى الجزائر ودعم الواجهة الصحراوية- ليس مسألة قناعة بقدر ما هو رد فعل للبقاء.

وأخيرا، تذكر الوثيقة استعدادات لتمرد في مالي، بتدبير من ليبيا والجزائر، ما يثبت أن التهديد حقيقي: اجتماعات سرية، وشخصيات بارزة، وشبهات بتمويل انفصالي. بالنسبة لباماكو، لا يتعلق الأمر بمجرد فرضيات، بل أدلة متطابقة. أصبح وعد الجزائر بـ«كبح» أدواتها لزعزعة الاستقرار سلعة سياسية تطمع بها باماكو. وبذلك تكتمل الدورة: التهديد الداخلي ينتج اصطفافات خارجية.

«النموذج الجزائري» بعد 45 عاما

شهد مارس 1980 الاعتراف بـ«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، وشهد عام 1982 انضمامها إلى منظمة الوحدة الإفريقية. لا يمكن قراءة هذا التسلسل الزمني دون الوثائق الدبلوماسية السابقة: لولا «التعهد» المالي، ولولا الوسطاء الطرابلسيين، ولولا المعسكرات «الصحراوية» المُصطنعة، ولولا الضغط الأمني في الشمال، لكان مسار البوليساريو مختلفا. والنتيجة هي أن منطقة الساحل أخضعت لسياسة الفوضى، التي تكمن قيمتها أساسا في كونها وسيلة لإضعاف الدول المجاورة وإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية. هذا أمر لم تتوقف الجزائر عن فعله.

بعد خمسة وأربعين عاما، تغير المشهد، لكن الآلية لا زالت تشتغل وفق المنطق نفسه. في يناير 2024، نددت باماكو باتفاقية الجزائر لعام 2015، متهمةً إياها بترسيخ تجزئة الشمال واستخدامها كأداة للتدخل. وفي أوائل عام 2025، ذهبت باماكو إلى أبعد من ذلك، متهمةً الجزائر بـ«التواطؤ» مع الجماعات المسلحة وتوفير المأوى والدعم اللوجستي لها. في ضباب الجبهات، يتردد اسم واحد باستمرار: إياد أغ غالي، زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والمستهدف من قبل المحكمة الجنائية الدولية. في نظر السلطات المالية والعديد من المراقبين من منطقة الساحل، يطارد شبحه الملاذات الآمنة عبر الحدود، ويؤكد أن الضيافة الدبلوماسية تتحول إلى تسامح استراتيجي.

سواء اعتبرت دعاية أم عرضا، فإن الخيط يمتد من ربيع عام 1979 إلى يومنا هذا: إرساء الأمن وتفكيكه بالوكالة، والتأثير على باماكو من خلال اللعب بورقة الانفصال، وتقطيع أوصال الدولة بمقص الاتفاقيات. بالنسبة لمنتقديها، لم تكن «اتفاقية الجزائر» سوى ترجمة معاصرة لخطة قديمة: تدبير الفوضى للتحكم في منطقة الساحل.

1. وثيقة سرية بعنوان «مالي والبوليساريو»، صادرة عن السفير الفرنسي في باماكو، جيرار سير، بتاريخ 6 دجنبر 1979. الأرشيف الدبلوماسي، مركز أرشيف نانت، السفارة الفرنسية في الرباط، PO558/1/221.

2. وثيقة سرية بعنوان «حركة تحرير شمال مالي»، صادرة عن السفير الفرنسي في باماكو، جيرار سير، بتاريخ 26 شتنبر 1979. الأرشيف الدبلوماسي، نانت. السفارة الفرنسية بالرباط، PO558/1/221.

تحرير من طرف الجيلالي العدناني
في 24/08/2025 على الساعة 13:30