كزافيي دريانكور يكتب: تقرير رودويل ـ لوفيفر.. وثيقة متفجرة حول الجزائر

Xavier Driencourt.

في 21/10/2025 على الساعة 16:18

مقال رأييُوصف تقرير رودويل ـ لوفيفر بالمتفجر، لأن قراءته تكشف كماً هائلاً من المعلومات والإحصاءات المبعثرة بين إدارات فرنسية متعددة، مثل وزارات الداخلية، الشؤون الاجتماعية، الصحة، المستشفيات في ليون ومرسيليا، ووزارة الخارجية. إنه أشبه بـ«هدية يومية» تُمنح في كل المستويات، حتى إن المتخصصين أنفسهم، ومنهم كاتب المقال، أبدوا دهشتهم من حجم الامتيازات التي راكمها الجزائريون على مدى السنوات.

ينبغي قراءة، أو على الأقل تصفح، التقرير البرلماني الذي أعدّه النائبان شارل رودويل وماتيو لوفيفر حول اتفاق 1968 بين فرنسا والجزائر. فالتقرير في حد ذاته وثيقة غنية بالدروس ومتفجرة من حيث ما تكشفه.

تقرير مُفجّرٌ لأن البرلمانيان يشتكيان من عدم رغبة الإدارات الفرنسية في تزويدهم بإحصائيات أو معلومات أو أرقام تتعلق بالهجرة الجزائرية إلى فرنسا، وكأنها تخشى الشفافية.

مُفجّرٌ لأن القارئ، عند قراءة هذا التقرير، يكتشف متاهةً من المعلومات والإحصائيات متناثرة على إدارات مختلفة: الداخلية، والشؤون الاجتماعية، والصحة، ومستشفيات ليون أو مرسيليا، والشؤون الخارجية. إنها متاهةٌ حقيقية، مثل البحث عن كنز، واجهها النائبان.

وما يجعل التقرير متفجراً أكثر هو كم المعلومات التي جمعها، وهو مرجع أساسي لكل من يهتم بملف الهجرة الجزائرية إلى فرنسا، من مؤرخين وصحفيين وسياسيين. ومن المؤكد أن الجزائر، شأنها شأن مؤيديها في فرنسا، ستحتج وتنتقد وتوضح أن كل هذا يُعزى إلى اليمين المتطرف.

لكن المفارقة أن مُعدّي التقرير ينتميان إلى حزب « النهضة » (Renaissance)، حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما يضفي عليه مصداقية أكبر، إذ لا يمكن تصنيفه كوثيقة « يمينية »، بل كدراسة موضوعية ومفصلة حول كلفة الهجرة الجزائرية في فرنسا.

يحمل التقرير عنوانا رسميا طويلا هو: «تقرير إعلامي للجنة المالية حول التداعيات القانونية والميزانياتية للاتفاقيات الثنائية الموقعة في مجالات التنقل والإقامة والصحة والعمل: الجزائر نموذجا».

ويقدر التقرير كلفة الهجرة الجزائرية المباشرة على فرنسا بنحو ملياري يورو سنوياً، دون احتساب التكاليف غير المباشرة مثل السكن، التشغيل، القضايا القانونية، واكتظاظ المحاكم.

في الواقع، انتقد تشارلز رودويل الوضع الاستثنائي الذي يتمتع به الجزائريون في كل مرحلة من مراحل العملية. وأهمها ثلاثة عوامل، على مر السنين، عززت هذا الوضع ورسخته ورسخته. هذه الأحداث هي على التوالي:

1/ التعديلات اللاحقة على اتفاقية عام 1968،

2/ الاجتهاد القضائي غير المسؤول لمجلس الدولة الذي عزز امتيازات الجزائريين،

3/ الجمع بين اتفاقية عام 1968 واتفاقية الضمان الاجتماعي لعام 1980.

ولكي نكون واضحين، فإن الجزائريين يستفيدون من نظام استثنائي في جميع مراحل عملية الهجرة: إن الجمع بين هذه النصوص (اتفاقية 1968، واتفاقية الضمان الاجتماعي، والسوابق القضائية) يسمح للجزائريين بأن يستفيدوا من معاملة تفضيلية فريدة في كل مراحل الهجرة:

  • دخول الأراضي الفرنسية بفيزا قصيرة الأمد فقط، دون الحاجة إلى تأشيرة طويلة الأمد.
  • الحصول التلقائي على شهادة إقامة « الحياة الخاصة والعائلية » حتى في حال الدخول غير النظامي.
  • تسهيلات كبيرة في لمّ الشمل العائلي من حيث الوقت والشروط المادية.
  • الزوج أو الزوجة من مواطن فرنسي يحصل على إقامة دون شرط التأشيرة الطويلة أو إثبات العيش المشترك، ما يسهل حالات الزواج الصوري.
  • عدم سحب الإقامة في حالة التعدد (تعدد الزوجات).
  • الحصول على المساعدات الاجتماعية مثل RSA  (الحد الأدنى للدخل) أو APSA (منحة الشيخوخة) دون شرط الإقامة الطويلة أو المساهمة في النظام، بينما يخضع غيرهم من الأجانب لشروط إقامة من 5 إلى 10 سنوات.
  • الجزائريون لا يُطلب منهم توقيع تعهد باحترام قيم الجمهورية الفرنسية أو إثبات حد أدنى من إتقان اللغة الفرنسية.
  • الديون الجزائرية للمستشفيات الفرنسية تتزايد سنويا بسبب عدم تسديد تكاليف العلاج.
  • الطلاب الجزائريون يحصلون تلقائياً على إقامة «تاجر» أو «مقاول» دون إثبات وجود نشاط فعلي.
  • نظام الكفالة (الكفالة الشرعية) معترف به قانونياً في فرنسا، ما يفتح الباب أمام تجاوزات عديدة.

إنها هبة يومية على جميع المستويات، حتى الخبراء، ككاتب هذا المقال، يُدهشون من السخاء الذي تراكم لدى الجزائريين على مر السنين. أما « الجوهرة » التي لم أكن أعلم بها فهي: الجزائر ترفض دفع معاشات تقاعدية للجزائريين غير المقيمين فيها (وربما المقيمين في فرنسا)، وفرنسا هي التي تتولى، دون أي التزام قانوني أو دولي، مسؤولية معاشات تقاعد هؤلاء الجزائريين... ويقدر النواب قيمة المعاشات المدفوعة للجزائريين المقيمين في الجزائر بمليار يورو.

لا بد من الإشارة إلى المسؤولية الجسيمة، وأنا أزن كلامي، للقاضي الإداري في هذه القضية، وبالأخص مجلس الدولة. يشير التقرير بانتظام إلى ما يمكن تسميته «الانحراف الفقهي» للمجلس الأعلى أو «الاجتهاد الجنوني» لمجلس الدولة، الذي فسّر أحكام اتفاقية عام 1968 بشكل منهجي بما يصب في مصلحة الجزائريين.

يتحمل مجلس الدولة والقضاة الإداريون مسؤولية جسيمة لا ينبغي الاستهانة بها. لذا، يرى مجلس الدولة أنه لا يوجد نص يعارض إجراء تسوية وضعية جزائري لا يمتثل لاتفاقية عام 1968، وهو ما يعادل تطبيق «إذن إقامة استثنائي» على الجزائريين، وهو أمر غير منصوص عليه في الاتفاقية. علاوة على ذلك، لا يمكن للإدارة سحب تصريح الإقامة من جزائري، لأن اتفاقية عام 1968 لم تذكر ذلك. باختصار، يُرسّخ القاضي مزايا اتفاقية عام 1968، وتُضاف مزايا القانون العام للأجانب إلى تلك الناشئة عن اتفاقية عام 1968. حتى الجزائري الذي يُشكّل تهديدا للنظام العام لا يُمكن سحب تصريح إقامته! وينطبق الأمر نفسه على الجزائري متعدد الزوجات! من الواضح أن القاضي الإداري الفرنسي مُنعزل عن الواقع.

ويخلص كاتبا الوثيقة إلى ضرورة التنديد بالاتفاقيات مع الجزائر، لأنها تُفضّل الهجرة التي تستفيد من المزايا الممنوحة على مر السنين. إن الصورة التي يرسمونها لخصائص الهجرة الجزائرية في فرنسا، في هذا الصدد، مُبشّرة: جالية ضعيفة الاندماج، تستفيد من إعفاءات ومزايا متعددة، وتعيش على الإعانات الاجتماعية الفرنسية.

ولعلّ أكثر ما يُثير السخرية هو المقابلة التي أجرتها صحيفة « لوبينيون » مع الرئيس تبون مطلع العام: حيث أوضح أن هذه الاتفاقية قد عفا عليها الزمن تماما وأصبحت عديمة الفائدة للجزائريين! وأضاف: « فلتلغها فرنسا إذن ». من الواضح أنه لم يكن على دراية بالموضوع الذي يتحدث عنه.

تحرير من طرف كزافيي دريانكور
في 21/10/2025 على الساعة 16:18