ومع أن التنظيم المتطرف ينشر دورياً مواد دعائية من صور وتسجيلات فيديو لنشاطاته والفظائع التي يرتكبها، إلا أنه يندر أن تظهر هذه المواد زعيمه حسب ما كتبته صحيفة الدايلي ميل البريطانية.
الصحيفة نقلت بحسب الباحث في مجموعة "صوفان غروب" باتريك سكينر، الذي أشار في يونيو 2015 إلى أنه "من اللافت أن زعيم التنظيم الإرهابي الأكثر اهتماماً بصورته، مقلّ جداً في دعايته الخاصة". وخلال سنتين لم يظهر "الخليفة إبراهيم" سوى في تسجيل فيديو واحد صور في مسجد في الموصل، وتم بثه في يوليو 2014.
وفي هذا الظهور العلني الوحيد للبغدادي بلحيته الرمادية وعمامته وملابسه السوداء، أمر البغدادي كل المسلمين "بإطاعته"، بعد أيام من إعلان ما يسمى "الخلافة" على أراض واسعة تحت سيطرة التنظيم في سوريا والعراق.
وآخر تصريح رسمي له هو تسجيل صوتي بث فجر أمس الخميس وحض فيه مقاتليه على التصدي للقوات العراقية التي وصلت إلى مشارف مدينة الموصل، عاصمة دولة "الخلافة"، ودعا المتطرفين لمهاجمة السعودية وتركيا. وبثت التسجيل الصوتي مؤسسة "الفرقان" التابعة للتنظيم، التي أكدت في بدايته أنه يعود إلى أبو بكر البغدادي.
جانب من الغموض
ورأى الباحث في منتدى الشرق الأوسط أيمن التميمي في يونيو 2015 أن لدى البغدادي "جانباً من الغموض يحيط به، ويبدو أنه حقق أكثر بكثير في الواقع من الحرس القديم للتنظيمات المتطرفة، كزعيم القاعدة أيمن الظواهري".وأضاف أن "عامل الغموض أيضاً مستمد من أن البغدادي تمكن حتى الآن من تفادي محاولات عدة لاستهدافه بضربات جوية وما إلى ذلك، وتمكن من دحض الشائعات أنه بات عاجزاً جسدياً عن القيادة".
وتفيد وثائق للاستخبارات العراقية أن البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، ولد في مدينة سامراء ذات الغالبية السنية شمال بغداد في 1971، وأن لديه 4 أولاد على الأقل من زوجته الأولى (صبيان وبنتان)، ولدوا ما بين 2000 و2008، ثم ابنة من زوجته الثانية. وتضيف هذه الوثائق أن البغدادي يحمل شهادة دكتوراه في العلوم الإسلامية وكان أستاذاً في جامعة تكريت.
زوج تقليدي!
وفي مقابلة مع صحيفة "إكسبريسن" السويدية في مارس 2016، وصفته طليقته سجى الدليمي التي انفصلت عنه بعد 3 أشهر من الزواج، بأنه كان "رب أسرة عادياً يعشق تربية الأطفال".
وأضافت: "تزوجت إنساناً عادياً، أستاذاً جامعياً، لم أسمع منه أو من عائلته أنه كان معتقلاً، المخابرات أخبرتني أنني كنت متزوجة من أبو بكر البغدادي، وأنه كان معتقلاً".
انضم البغدادي إلى المجموعات المناهضة للقوات الأمريكية بعد اجتياحها العراق في 2003، وأمضى بعض الوقت في أحد السجون جنوب البلاد، وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت "أبو دعاء"، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه، إلا أنه تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً بما أن البغدادي تسلم مسؤولية ما يسمى "دولة العراق الإسلامية" في مايو 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
نزاع سوريا
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تقوية المتطرفين في العراق. وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها، وتحولت عام 2013 إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بعدما استغل المتطرفون النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.
ورفض البغدادي أمر خصمه أيمن الظواهري، بالتركيز على العراق وترك سوريا لجبهة النصرة. وأعلن التنظيم في يونيو 2014 إقامة ما يسمى "الخلافة الإسلامية"، بعد نحو 3 أسابيع من هجوم كاسح سيطر خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، وبعد أيام من الإعلان، نشر التنظيم شريطاً مصوراً لمن قال إنه "الخليفة إبراهيم" يؤدي الصلاة في مسجد بالموصل، ثاني كبرى مدن العراق وأولى المناطق التي سقطت في الهجوم.
تجنب الأضواء
تختلف مسيرة البغدادي عن طريقة أسامة بن لادن الذي طور تنظيم القاعدة بفضل ثروته الشخصية، وعرف دولياً قبل اعتداءات 11 سبتمبر بفترة طويلة، وخصوصاً بفضل تسجيلات فيديو. وقال سكينر إن "شهرة البغدادي لا تقارن فعلياً بأي قياديين إرهابيين"، مشيراً إلى أن اسم بن لادن كان معروفاً.
وأضاف أن "البغدادي عمل بجد خلف الكواليس، وبرز إلى العلن عندما اختير زعيماً، رغم ذلك، لم يقم بنشاطات دعائية"، مؤكداً انه "يتجنب الأضواء، وعندما يصدر كلمة، تكون عن الخلافة وأعدائها، وليس عنه شخصياً".