وحسب ما نقلته قناة العربية، يستمر انعدام الوقود في محطات البنزين رغم إعلان وزارة الطاقة، أمس الأربعاء، عودة عمليات التزود بمعدلاتها الطبيعية، ورغم التطمينات الرسمية بتوفر المحروقات بكميّات كافية.
ووفق ما أوردته القناة، فقد اضطرّ مواطنون، اليوم الخميس، إلى التنقل نحو مقرّات عملهم مشيا على الأقدام، بعد توقف عدد من وسائل النقل العامة، نتيجة أزمة الوقود.
وأظهر مقطع فيديو تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، تحرّك مجموعة من المواطنين في طوابير من محطة باب الخضراء للنقل العام وسط العاصمة تونس إلى عملهم مشيا على الأقدام، بعد تعذّر حصولهم على وسيلة نقل عامة.
وحسب نفس المصدر، نفت السلطات الرسمية أن يكون هذا النقص ناتجا عن عدم قدرة الدولة على دفع فواتير واردات الطاقة أو عن نفاد المخزون الاستراتيجي للمحروقات في البلاد، وتلقي باللوم على لهفة أصحاب السيارات وحصولهم على أكثر من احتياجاتهم من الوقود.
وأثارت تلك الأزمة سخطا عاما لدى التونسيين ومخاوف من استمرارها، خاصة أنها تتزامن مع نقص حادّ في الغذاء عقب فقدان عدد من السلع الأساسية من الأسواق، مثل الحليب والزيت والسكر، إلى جانب الارتفاع الحاد في الأسعار.
طوابير في محطات الوقود
كشف "العربي الجديد" (صحيفة قطرية) عن "تواصل معاناة التونسيين في البحث عن المحروقات ليوم جديد، بينما تبشر السلطات باقتراب انتهاء الأزمة مع وصول شحنة نفط إلى ميناء بنزرت يوم الثلاثاء الماضي"، مشيرة إلى أن "مشهد الطوابير تكرر أمام محطات البنزين، أمس الأربعاء، من أجل الحصول على كميات محددة من البنزين الخالي من الرصاص، فيما توفر بعض المحطات أصنافا أخرى ومنها "السولار البريميوم" وأيضا الغازول ما جنب السيارات التي تعتمد على هذه الأصناف الانتظار في الطوابير".
واعتبر الخبير في الطاقة حامد الماطري، في حديثه للصحيفة، أن "ما يحدث في تونس سببه الأساسي عدم قدرة الدولة على شراء المحروقات من المزودين"، معتبرا أن "مقارنة الوضع التونسي بما يحصل في فرنسا مغالطة كبرى".
وأضاف الماطري أن "أزمة الطاقة في فرنسا ناتجة عن إضراب المصافي التي عطلت التزويد بينما تونس عاجزة عن توريد حاجياتها من المحروقات، ما نتج عنه تراجع كبير في المخزون الاستراتيجي إلى حاجيات لا تغطي طلب 7 أيام"، مرجحا أن "تتكرر على امتداد الفترة القادمة وأن تشهد السوق انقطاعات متكررة في التزويد بالمحروقات والسكر والقمح والدواء".
محطات تغلق أبوابها
جاء في تقرير لقناة "التلفزيون العربي" أن "تونس تشهد لليوم الثالث على التوالي طوابير طويلة في محطات بيع البنزين، حيث زاد فقدان المحروقات الطلب عليها بشكل غير مسبوق، فيما أغلقت محطات أبوابها بينما تشترط أخرى على زبائنها شراء كمية محددة".
ولفتت القناة إلى أنه "بينما تقول السلطات إنها أزمة عابرة بسبب تزايد الإقبال، يرى خبراء الاقتصاد أن أزمة الوقود ليست إلا انعكاسا طبيعيا للأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، خاصة أنها تعاني من شح في السيولة لا سيما في العملة الخارجية".
وفي مداخلته، أكد الخبير النفطي محمود المي، أن "شح الوقود في البلاد يعود إلى اضطراب في الميزانية العامة للدولة، بعدما تأخرت تونس عن تسديد ثمن الشحنات النفطية وهو ما دفع الشركات المزودة للسوق التونسية للتخلي عن تسليم الشحنات في مواعيدها".
وقال المي إن "المستحقات غير المدفوعة للشركات في شهر غشت الماضي بلغت نحو 100 مليون دولار".
وأضاف: "سيكون على تونس الشهر القادم إبرام عقود خاصة بالنفط للسنة المقبلة"، مؤكدا أن "الشركات العالمية لن تسلم البلاد أي شحنات نفطية إلا باعتمادات بنكية، محملا مسؤولية أي شح في الوقود إلى الدولة".
غضب الشارع التونسي
كشف مقال لوكالة "رويترز" أن الوضع في تونس تسبب في غضب السائقين، بسبب اضطرارهم إلى الوقوف في طوابير طويلة خارج محطات البنزين التونسية حتى بعد أن قالت وزيرة الطاقة إن النقص سينتهي يوم الاثنين بتسلم شحنة جديد من الوقود.
ووفق التقرير ذاته فقد بدأ الوقود في العديد من محطات الوقود ينفد خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي مع تباطؤ الواردات وتراجع الإمدادات الوطنية، مما أدى إلى تكدس السيارات في صفوف لمسافة كيلومترات في بعض الأماكن، وهو ما خلق اكتظاظا مروريا في عدة مناطق.
ونقلت "رويترز" عن محمد ناجي، الذي كان ينتظر لمدة ساعة ونصف في منطقة أريانة في تونس العاصمة، قوله: "لم أذهب إلى العمل اليوم".
وأضاف: "لقد أصبحنا مثل اللاجئين في بلدنا"، في إشارة إلى النقص الذي أصاب تونس في الأسابيع الأخيرة بما في ذلك الدقيق والسكر والزبدة والحليب وزيت الطهي.
وتواجه تونس أزمة حادة في المالية العامة. ويقول اتحاد الشغل إن سبب الازمة هو شح السيولة والأزمة المالية التي تسببت في نقص ورادات العديد من السلع الحيوية.
وألقى الرئيس قيس سعيد، الذي انتقل للحكم بمراسيم بعد تجميد عمل البرلمان العام الماضي وتوسيع سلطاته بدستور جديد، باللوم على المضاربين في نقص السلع. ويرفض اتحاد الشغل هذا السبب ويقول إن على السلطات مصارحة الشعب بحقيقة الوضع المالي الحرج والكف عن تزييف الحقائق.