استغل الرئيس الجزائري، يوم الأحد 28 غشت 2022، عقد مجلس الوزراء للحديث مرة أخرى عن المشروع القديم لاقتناء بلاده لطائرة أو أكثر من الطائرات القاذفة للمياه من أجل مكافحة حرائق الغابات. وعد جدده عبد المجيد تبون عدة مرات خلال الأربعة عشر شهرا الماضية، دون أن يجد طريقه إلى أرض الواقع، على الرغم من الحرائق الهائلة التي اندلعت في مناطق بأكملها من البلاد. فشل بدأ يثير حنق الجزائريين وكشف إهمال النظام الجزائري وحدود سلطة الرئيس، الذي يبدو أنه غير قادر على تحويل أقواله إلى أفعال.
ومرة أخرى، أمر تبون يوم الأحد أمام وزرائه بـ"تسريع عملية اقتناء طائرات قاذفة للمياه"، بحسب البيان الصحفي الصادر في أعقاب اجتماع مجلس الوزراء. بل إنه أعلن أن الجزائر ستستقبل قريبا طائرتين قاذفتين للمياه "الأولى في دجنبر المقبل والثانية خلال النصف الأول من 2023".
أما بالنسبة لنوع الطائرة التي ستختارها الجزائر، فإن البيان الصحفي الصادر عن مجلس الوزراء لا يذكر اسم نوع الطائرة أو لا الدولة المزودة. لكن يتضح من المواصفات التي أعطيت أن تكون الطائرتان المعنيتان من طراز بيرييف-بي 200 روسية الصنع. وأوضح البيان أن الأمر يتعلق بـ"طائرات ذات حجم كبير لا تقل طاقتها عن 12 ألف لتر من المياه، تفاديا للطائرات الصغيرة التي يتطلب ملؤها استعمال الصهاريج، ومحدودية أدائها واقتصارها على استعمال المياه العذبة فقط".
في يونيو الماضي، أعطى الرئيس الجزائري انطباعا بأن بلاده تخلت نهائيا عن خيار شراء العديد من بيرييف، كما أبرم في عقد تم توقيعه خلال صيف عام 2021 مع شركة تصنيع طائرات روسية. في معرض الجزائر، تحدث تبون مع السفيرة الأمريكية المعتمدة في الجزائر، أمام الكاميرات، ليطلب منها أن تجد له على وجه السرعة طائرات قاذفة للمياه التي كان على استعداد لدفع ثمنها على الفور.
لم تتم هذه الحلقة في نهاية المطاف مثل العديد من الحلقات الأخرى التي أعلن عنها تبون سابقا. النتيجة: الحرائق التي اجتاحت شرق الجزائر هذا الشهر تسببت في مقتل 43 شخصا بحسب حصيلة رسمية. في الحقيقة، قلل النظام من عدد الضحايا بتجاهله لعشرات المفقودين.
بدلا من الطلبيات الزائفة-الحقيقية للطائرات الروسية ثم الأمريكية، استأجرت الجزائر طائرة روسية من طراز بيرييف-بي 200 من 15 يونيو إلى 15 شتنبر 2022. فشل هذا التأجير مرتين. من ناحية، بمجرد أن دخلت حيز التنفيذ للمساعدة في إخماد حرائق الغابات الأولى التي اندلعت في البلاد، تعطلت الطائرة. من ناحية أخرى، فإن هذا النموذج الأولي المستأجر واجه مشاكل تقنية قبل ذلك بكثير، لأنه ثبت أن قائد الجيش الجزائري، الجنرال سعيد شنقريحة، أراد تقديمه خلال العرض العسكري الرديء في 5 يوليوز، من أجل تبرير عقد كبير في المستقبل.
وعد آخر لم يتم الوفاء به، فقد تخلت الجزائر أيضا عن عقد لشراء طائرات إطفاء إسبانية من طراز طراش 710 ب (Thrush 710 P)، والتي ساهمت بشكل كبير وفعال في إطفاء حرائق صيف 2021 في منطقة القبائل. تم إلغاء العقد المبرم مع شركة بليسا (Plysa) الإسبانية في أبريل 2022، بسبب دعم إسبانيا لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء.
حتى في حالة اقتناء طائرات روسية قاذفة للمياه، كما أمر تبون، فإن الجزائر لن تخرج من المأزق في وقت قريب. في الواقع، فإن هذه الطائرات تتطلب الكثير من حيث الصيانة، وقد تصدرت عناوين الصحف مع حادث تحطم مميت خلال عملية إطفاء النيران في تركيا، في 14 غشت 2021 (قتل 8 من أفراد الطاقم، من بينهم 5 روس و3 ثلاثة أتراك).
إن إعلان تبون الجديد من أجل اقتناء طائرات قاذفة للمياه لا يشكل للأسف نهاية للحرائق التي تقتل في الجزائر. ربما ينوي القادة الجزائريون الاستمرار في مكافحة الحرائق بوسائل جوية لا يتوفرون عليها.