قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم الاثنين 4 يوليوز، قبل يوم من الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلال البلاد، بترقية قائد الجيش الجزائري سعيد شنقريحة إلى رتبة فريق أول. وبالتالي يصبح الضابط الأعلى رتبة داخل الجيش الجزائري، بعد التقاعد المتزامن لأقدم عسكري في العالم، الفريق الأول بن علي بن علي.
مع تقاعد هذا الأخير، لم يعد هناك داخل الجيش الجزائري أي شخص يمكنه أن يدعي أنه ينتمي إلى جيش التحرير الوطني السابق أو أنه قاتل داخل صفوفه، وهو الجيش الذي قيل بأنه حارب الجيش الفرنسي (1954-1962). في حين أن الحقيقة هي أن ما يسمى بجيش الحدود بقيادة هواري بومدين والذي كان يضم في صفوفه غالبية قادة الآلة العسكرية للجزائر المستقلة، لم يحمل قط السلاح ضد المستعمر، على عكس جيش الداخل، المكون بشكل أساسي من القبايليين.
قبل عامين بالضبط، وعشية الذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال، قام الرئيس الجزائري بترقية سعيد شنقريحة، رئيس الأركان بالنيابة حينها، من رتبة لواء إلى رتبة فريق. أما يومه الاثنين 4 يوليوز 2022، أي بعد 24 شهرا يوما بيوم، دبر شنقريحة مسرحية كاملة لإضفاء بهرجة إعلامية على ترقيته الذاتية إلى أعلى رتبة داخل الجيش الجزائري.
وقد تم تنظيم حفل يوم الاثنين في قصر الشعب بالجزائر العاصمة، حيث أقام الحكام العثمانيون ثم الفرنسيون.
تمت دعوة جميع كبار المسؤولين الجزائريين، "تقدمهم رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، ورئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، والوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، ورئيس المحكمة الدستورية عمر بلحاج... وأعضاء الحكومة وضباط سامين في الجيش الوطني الشعبي وشخصيات وطنية وتاريخية ومجاهدين"، بحسب ما ذكرته الوكالة الدعائية للنظام الجزائري.
على الرغم من كل هذه المسرحية والزغاريد التي رافقت مراسيم ترقيته الذاتية، فإن سعيد شنقريحة المضطرب والمتمايل والمنهك والثقيل ومتمايل الرأس باستمرار هو من تقلد رتبة فريق أول.
هل تذكر كل ماضيه المشين في تلك اللحظة؟ على أي حال، وفي الوقت الذي كان من المفترض أن تشرح هي "المزايا" التي تبرر ترقية شنقريحة، فإن الصحافة الجزائرية التزمت الصمت المطبق، باستثناء صحيفة "المجاهد" الذي عادت إلى خطاباتها الجوفاء. بالتأكيد خوفا من فتح صندوق باندورا، حيث سنجد جرائم الحرب المؤكدة بشهادة الشهود خلال العشرية السوداء في التسعينيات من القرن الماضي وكذا التجارة المربحة من خلال تهريب الأسلحة والمخدرات...
مع كل الأوزار التي ارتكبها، وبحكم أنه غير قادر على تلميع صورته في عيون الجزائريين، سعى شنقريحة منذ عامين ونصف إلى فرض نفسه من خلال إزاحة جميع خصومه داخل الجيش، ولم يتردد في إرسال عشرات الجنرالات وكبار الضباط إلى السجن. ناهيك عن أبرز النشطاء السياسيين في الحراك الشعبي القابعين حاليا في السجون دون محاكمة.
© Copyright : DR
وبإزاحته اليوم لبن علي بن علي من خلال إحالته على المتقاعد، وهو الجنرال الوحيد الذي "قاومه" حتى النهاية، أصبح بمقدور شنقريحة من الآن فصاعدا يعين أحد رجالاته في منصب رئيس الحرس الجمهوري الاستراتيجي، وبالتالي ضمان سيطرته الكاملة على رئاسة الجمهورية.