الإقالات المفاجئة والمستمرة أصبحت أسلوب حكم في الجزائر

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال مقابلة صحفية يوم الجمعة 26 نونبر 2021

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال مقابلة صحفية يوم الجمعة 26 نونبر 2021 . DR

في 15/06/2022 على الساعة 17:00

يوم الثلاثاء 14 يونيو 2022، طبق الرئيس الجزائري مرة أخرى أسلوب الحكم الذي أصبح يجيده: الإقالة المفاجئة. هذه المرة، كان وزير المالية هو الذي دفع الثمن دون أي تقديم أي تفسير، كما هي العادة، للجزائريين.

مع الإقالة المفاجئة لوزير المالية عبد الرحمن راوية، التي أُعلن عنها يوم الثلاثاء 14 يونيو، والتي أثارت دهشة الجميع، تخلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الثانية، خلال عامين، عن أحد المقربين منه.

لقد كان تبون بالفعل هو من قام، خلال فترة توليه منصب الوزارة الأولى في 2017، بتعيين عبد الرحمن راوية في وزارة المالية، وهو المنصب الذي سيبقى فيه حتى عام 2019 مع إزاحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

بعد انتخابه في 2019، استدعى تبون راوية إلى حكومة عبد العزيز جراد الأولى، التي تم تشكيلها في يناير 2020، ودائما كوزير للمالية، وهو المنصب الذي سيشغله حتى التعديل الوزاري الأول الذي قامت به الرئاسة الجزائرية في يونيو 2020. في منتصف شهر فبراير الماضي، تم استدعاء راوية مرة أخرى لتقلد حقيبة المالية التي يشغلها حتى ذلك الوقت الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن.

"مفاجئة"، "غريبة" و "غامضة"... إن وسائل الإعلام الجزائرية القليلة التي ما زالت تتجرأ على التعبير عن استغرابها من أسلوب حكم تبون حارت في تقديم التكهنات لمحاولة شرح ما لا يمكن تفسيره. في الواقع، يتعين على المرء أن يكون عالما بالأسرار لفهم هذا النزيف غير المسبوق الذي أصبحت تستهدف بشكل أعمى وبوتيرة محمومة الشخصيات التي تحتل المناصب العليا العسكرية والمدنية على حد سواء.

ففي غضون عامين ونصف في السلطة، وباستثناء التعديلات الوزارية الأربعة والتعديلات المصغرة التي أجراها، أقال تبون بشكل مفاجئ العديد من الوزراء مثل عاشق يوسف (العمل) في يوليوز 2020 ولزهر هاني (النقل) في يناير 2021 وعمار بلحيمر (الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة) وعبد الحميد الحمداني (الفلاحة) وعبد الرحمن لحفاية (العمل) في نونبر 2021 وعيسى بكاي (النقل) في مارس 2022، ناهيك عن محافظ بنك الجزائر، رستم فضلي (ماي 2022) والعديد من مدراء الشركات المملوكة للدولة في الأسابيع الأخيرة.

والأسوأ من ذلك، أنه مع كل إقالة لمسؤول كبير، يتم استدعاء أحد مرؤوسيه ويتم تعيينه بشكل مؤقت محل الشخص المقال، في انتظار العثور على شخصية أخرى تقبل بتحمل مسؤولية أخطاء النظام واختياراته العشوائية.

ومن أجل تفسير إقالة راوية، يعتقد بعض المراقبين أن القرار الأخير لجمعية البنوك والمؤسسات المالية بتعليق توطين البنوك لرجال الأعمال الجزائريين الذين يستوردون ويصدرون من إسبانيا وإليها قد يكون هو السبب. هل رفض وزير المالية المصادقة على هذه الإجراءات الجذرية والضارة للاقتصاد الجزائري؟

ما هو مؤكد هو أن الثنائي تبون-شنقريحة ضربا عصفورين بحجر واحد بالتخلص من راوية. من ناحية، تمت معاقبته لمعارضته قرار المجلس الأعلى للأمن الجزائري، الذي علق معاهدة التعاون مع إسبانيا الأربعاء الماضي. من ناحية أخرى، وعلى الرغم من التراجع الرسمي الذي قامت به وزارة الخارجية الجزائرية السبت الماضي نافية أي تجميد للعلاقات التجارية مع إسبانيا، فإن راوية الذي كان قد حذر ربما من مغبة اتخاذ هذا القرار، تمت التضحية به من طرف تبون على مذبح القرارات الطائشة للمجلس الأعلى للأمن.

وللتذكير فإن هذا المجلس يتكون من رئيس الجمهورية ورئيس ديوانه وثلاثة وزراء (الداخلية والخارجية والعدل) و7 قادة من بينهم قادة الجيش الجزائري والدرك والشرطة، وأربعة مدراء لأجهزة المخابرات الجزائرية (المدير العام للوثائق والأمن الخارجي والمدير العام للأمن الداخلي والمدير العام لمكافحة التخريب والمدير المركزي لأمن الجيش).

لذلك ليس من المستغرب أن تتحول سياسة القرارات الفجائية إلى رافعة رئيسية لأسلوب الحكم من خلال الترهيب الذي ينشره الثنائي تبون-شنقريحة، حيث التخبط والسير على غير هدى هي الكلمات المفتاح لنظام الحكم.

ألم نر ونسمع تبون، يوم الاثنين الماضي في معرض الجزائر الدولي، يخاطب مهنيين أمريكيين ويسألهم، كما لو كان يقوم بمساومة متسرعة في الأسواق الشعبية، ما إذا كانوا يتوفرون على طائرات قاذفة مائية متاحة، فإنه يشتريها منهم "في الحال"؟

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 15/06/2022 على الساعة 17:00