قرميط بونويرة: هكذا منع قايد صالح اغتيال توفيق محمد بوضياف في وهران عام 1992

قايد صالح وقرميط بونويرة

قايد صالح وقرميط بونويرة . DR

في 27/01/2022 على الساعة 10:29

في أواخر ماي أو أوائل يونيو من عام 1992، كان الرئيس محمد بوضياف لأول مرة هدفا لمحاولة اغتيال في وهران. وكشف قرميط بونويرة في اعترافاته الأخيرة أن قايد صالح، قائد المنطقة العسكرية الثانية آنذاك، اكتشف هذا المخطط وأحبط محاولة الاغتيال الأولى التي كانت تستهدف بوضياف.

لماذا رفض الجنرال الراحل قايد صالح دائما اليد الممدودة للجنرال محمد مدين، المعروف بتوفيق، ودعوته إياه إلى عقد اتفاق معه؟ وفقا لقرميط بونويرة، السكرتير الخاص والمقرب من قايد صالح، لطالما انتقد هذا الأخير جماعة نزار-توفيق واتهمها بأنها تقف وراء الجرائم المرتكبة ضد الجزائريين وبلدهم، خاصة خلال العشرية السوداء من التسعينيات من القرن الماضي.

وأشار قيرميط بونويرة إلى أنه خلال عام 2016، أن توفيق أرسل لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، وهو حزب تم إنشاؤه وتمويله، مثل الأحزاب الجزائرية الصغيرة الأخرى، من قبل توفيق، إلى قايد صالح لإصلاح ذات البين بين الجنرالات المتصارعين.

وأوضح قيرميط بونويرة أن هذا اللقاء، الذي عقد في مكتب قايد صالح نفسه، استمر حوالي ثلاث ساعات ونصف. دافعت لويزة حنون بشدة عن الجنرال توفيق، لكنها فشل في نهاية المطاف في إقناع قايد صالح بضرورة التقرب منه. وكانت الصحافة الجزائرية في ذلك الوقت قد تحدثت أيضا عن لقاء حنون- قايد صالح، لكنها لم تعرف أبدا أن توفيق أرسلها للدفاع عنه لدى رئيس أركان الجيش.

ويروي قرميط بونويرة بعض ما راج في ذلك اللقاء بين قايد صالح ولويزة حنون، ويوضح أن قايد صالح قال بوضوح لمحاورته أنه لن يغفر لتوفيق أبدا لمحاولته توريطه في أول محاولة اغتيال لمحمد بوضياف في عام 1992 في وهران، حيث كان قائدا للمنطقة العسكرية الثانية حتى عام 1994. ففي نهاية ماي أو بداية يونيو 1992، يشرح قايد صالح للويزة حنون، أنه حبس في إحدى دور السينما في وهران فرقة من الحرس الرئاسي بأكملها التي جاءت من الجزائر العاصمة، وذلك ليس لضمان سلامة بوضياف، ولكن من أجل قتله.

وبدلا من فرقة الموت هاته، نشر قايد صالح قوات خاصة من الدرك لحماية بوضياف خلال إقامته القصيرة في وهران.

وهذا لم يمنع انفجار قنبلة على بعد أمتار قليلة من ممر موكب بوضياف، وهي قنبلة كان من المعتاد أن يتبعها إطلاق نار من قبل عناصر من الحرس الرئاسي، التي قام قايد صالح بنزع سلاحه وحبسه.

لكن بعد أسابيع قليلة، في يونيو 1992، تمكن توفيق ونزار من اغتيال محمد بوضياف في عنابة. القاتل، امبارك بومعرافي، بحسب رواية قيرميط بونويرة، كان من المفروض تصفيته على الفور بعد جريمته من قبل قاتل آخر، تماما كما في سيناريو فيلم جي إف كي (JFK) الذي يروي عملية اغتيال الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي في نوفمبر 1963. امبارك بومعرافي، الذي تعرض لنيران مدفع رشاش لكنه تجنبها، ولم ينج بنفسه إلا بعد احتمائه بحامية للوقاية المدنية التي سلمته إلى الشرطة. اعترف امبارك بومعرافي أمام عناصر الوقاية المدنية بأنه منفذ اغتيال محمد بوضياف بأوامر من رؤسائه. وبذلك تمكن من تصفيته من قبل مخابرات الجيش.

وفضلا عن ذلك، يوضح قرميط بونويرة أن جميع الجنرالات وكبار الضباط المسجونين حاليا في البليدة لديهم شيء واحد مشترك. لم يقتصر الأمر على أنهم عملوا تحت إمرة الراحل قايد صالح، بل كانوا في الواقع شهودا على تورط سعيد شنقريحة في تهريب المخدرات والأسلحة وتمكنوا من الوصول إلى ملفات جميع الجرائم التي ارتكبها نزار وتوفيق.

كما أوضح أن الجنرال الوحيد الذي يثق به سعيد شنقريحة هو الجنرال محمد الصالح بن بيشة، الأمين العام الحالي لوزارة الدفاع. وفضلا عن ذلك، في يوليو 2020، توقع قرميط بونويرة تعيين محمد الصالح بن بيشة خلفا للجنرال عبد الحميد غريس. سيتم تعيينه بعد 8 أشهر، أي في 15 مارس 2021، فيما رمي بعبد الحميد غريس في السجن.

"الأعمال التجارية" هي ما يربط شنقريحة بالجنرالات الآخرين الذين قام بترقيتهم. وهكذا، فإن شقيق شنقريحة وابنه شفيق، الذي يدير كل شؤون أعماله، مرتبطان بعادل بن بيشة، المسؤول عن إدارة ثروة والده.

نفس الشيء بالنسبة للجنرال سيد علي ولد زميرلي، الرئيس الحالي للمديرية المركزية لأمن الجيش. وهو معروف، بحسب قرميط بونويرة، بترهيبه للجمارك الجزائرية بتواطؤ مع شنقريحة. يصر سيد علي ولد زميرلي دائما على أن جميع المنتجات المستوردة من الخاصة بتجارته، وخاصة اللحوم الأمريكية الجنوبية وغيرها من المنتجات الغذائية، تمر دون أدنى رقابة في موانئ ومطارات الجزائر. ابن عمه بشير ولد زميرلي هو الذي يدير شؤون تجارته في الجزائر. يمتلك رئيس المديرية المركزية لأمن الجيش أيضا فيلا ونشاطا تجاريا في دبي بالإمارات العربية المتحدة، يديرها شقيقه عمر ولد زميرلي، وهو ضابط مخابرات جزائري سابق.

وذكر قرميط بونويرة شخصية أخرى في الجيش الجزائري ويتعلق الأمر بالجنرال محمود لعرابة القائد العام للقوات الجوية الجزائرية. هذا العريف العسكري السابق، الذي التحق به عام 1964 ومستواه ابتدائي، ترقى في الرتب بطريقة مبهرة. بينما كان ميكانيكي بسيط، تم إرساله للتدريب في نهاية السبعينيات وعاد منها برتبة ضابط. بفضل علاقاته المريبة مع الجنرالات، وخاصة صداقته مع سعيد شنقريحة، ابن منطقته الشرقية، أصبح اليوم رجل أعمال ثريا للغاية، وتمت ترقيته مؤخرا إلى منصب القائد العام للقوات الجوية الجزائرية.

على عكس جماعة شنقريحة، أفاد قرميط بونويرة أن قايد صالح، عند وفاته، لم يكن يمتلك فيلا خاصة به، بل أقام على نفقة الدولة في المساكن الوظيفية، على الرغم من ثروة أبنائه التي يعرفها الجميع. وكشف قرميط بونويرة أن الرئيس عبد المجيد تبون باع أرضا تبلغ مساحتها 3000 متر مربع لأرملة قايد صالح بسعر أرخص بعشر مرات من السعر الحقيقي لهذه الأرض، بهدف بناء مسكن فيها. امتنان ضئيل بعد وفاة الرجل الذي حال دون دخوله إلى السجن ونصبه رئيسا للجزائر.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 27/01/2022 على الساعة 10:29