وذكرت وسائل إعلام محلية أن خان عانى من صعوبة في التنفس، وتم نقله إلى المستشفى صباح اليوم، مضيفة أن صحته تدهورت بعد إصابته بنزيف في رئتيه، ما أدى إلى وفاته.
وكان خان قد نقل إلى المستشفى في 26 غشت الماضي، بعد أن ثبتت إصابته بفيروس كورونا المستجد، ثم خرج بعد تماثله للشفاء.
من جهته، أكد وزير الداخلية الباكستاني، شيخ رشيد أحمد، في تصريح صحفي، أن "الحكومة ستقيم جنازة رسمية للعالم تقديرا لخدمته لبلاده"، مضيفا أن خان "كان قائدا ذا رؤية خلال أصعب الأوقات التي مرت بها باكستان".
من هو عبد القدير خان؟
ولد خان في بوبال بالهند عام 1936 أثناء فترة الاحتلال البريطاني قبل انفصال باكستان عن الهند وكان والده عبد الغفور مدرسًا تقاعد عام 1935، ونشأ الابن عبد القدير تحت جناح أبيه المتفرغ لتربيته ورعايته ووالدته الملتزمة دينيا المتقنة للأردية والفارسية.
تخرج خان من كلية دیارام جيته للعلوم بجامعة كراتشي عام 1960، وعمل في وظيفة مفتش للأوزان والقياسات وهي وظيفة حكومية من الدرجة الثانية إلا أنه استقال منها بعد ذلك.
سافر خان لاستكمال دراسته فالتحق بجامعة برلين التقنية ونال الماجستير عام 1967 من جامعة دلفت التكنولوجية بهولندا ودرجة الدكتوراه عام 1972 من جامعة لوفين البلجيكية.
حاول خان مرارًا الرجوع إلى باكستان وتقدم لعدة وظائف من دون تسلم أي ردود لطلباته، في حين تقدمت إليه شركة FDO الهندسية الهولندية ليعمل لديهم بوظيفة كبير خبراء المعادن فوافق على عرضهم.
في ذلك الحين كانت شركة FDO الهندسية على صلة وثيقة بمنظمة اليورنكو- أكبر منظمة بحثية أوربية- وكانت المنظمة متهمة أيامها بتخصيب اليورانيوم من خلال نظام آلات الطرد المركزي.
كانت التفاصيل التقنية المستخدمة لنظام آلات الطرد المركزي تعتبر سرية لأنها قد تستخدم في تطوير القنبلة النووية، وتعرض البرنامج لعدة مشاكل تتصل بسلوك المعدن، واستطاع خان بجهده وعلمه التغلب عليها، ومنحته هذه التجربة خبرة قيمة كانت هي الأساس الذي بنى عليه برنامج باكستان النووي فيما بعد.
البرنامج النووي الباكستاني
في عام 1974 فجرت الهند قنبلتها النووية الأولى، في حينها كان عبد القدير خان قد وصل إلى مستقبل مهني ممتاز كونه واحدا من أكبر العلماء الذين عملوا في هذا المجال وأيضا كان له حق الامتياز في الدخول إلى أكثر المنشآت سرية في منظمة اليورنكو وكذلك إلى الوثائق الخاصة بتكنولوجيا آلات الطرد المركزي.
على إثر تجارب الهند النووية أرسل الدكتور خان رسالة إلى رئيس وزراء باكستان ذو الفقار علي بوتو قائلا فيها: “إنه حتى يتسنى لباكستان البقاء كدولة مستقلة فإن عليها إنشاء برنامج نوويّ”.
دعاه الرئيس لزيارة باكستان بعد تلك الرسالة بـ10 أيام ثم دعاه مرة أخرى في عام 1975 وطلب منه عدم الرجوع لهولندا ليرأس برنامج باكستان النووي.
يقول الدكتور خان في إحدى مقالاته: “أحد أهم عوامل نجاح البرنامج في زمن قياسي كان درجة السرية العالية التي تم الحفاظ عليها، وكان لاختيار موقع المشروع في مكان ناءٍ كمدينة كاهوتا أثر بالغ في ذلك.
كان الحفاظ على أمن الموقع سهلا بسبب انعدام جاذبية المكان للزوار من العالم الخارجي، كما أن موقعه القريب نسبيًا من العاصمة يسر لنا اتخاذ القرارات السريعة، وتنفيذها من دون عطلة.
وما كان المشروع ليختفي عن عيون العالم الغربي لولا عناية الله، ثم إصرار الدولة كلها على إتقان هذه التقنية المتقدمة التي لا يتقنها سوى 4 أو 5 دول في العالم. ما كان لأحد أن يصدق أن دولة غير قادرة على صناعة إبر الخياطة ستتقن هذه التقنية المتقدمة”.
امتدت أنشطة معامل خان البحثية لتشمل بعد ذلك برامج دفاعية مختلفة؛ حيث تصنع صواريخ وأجهزة عسكرية أخرى كثيرة وأنشطة صناعية وبرامج وبحوث تنمية.
وتعدّ التجارب النووية الـ6 التي قامت بها باكستان في مايو/أيار 1998 بمثابة تأشيرة دخول باكستان إلى النادي النووي، وأصبح عبد القدير خان بسببها بطل باكستان الثاني بعد محمد علي جناح -أول رئيس لباكستان- كما أطلقت عليه الصحافة لقب ”أبو القنبلة الذرية الإسلامية”.
وفي عام 1996 نال خان ”نيشان الامتياز” ـ وهو أعلى وسام مدني تمنحه دولة باكستان ـ تقديرًا لإسهاماته المهمّة في العلوم والهندسة.



