بالفيديو: كل ما تود معرفته حول حركة طالبان

DR

في 16/08/2021 على الساعة 18:39

بعد أسابيع قليلة من التحركات العسكرية، نجحت حركة طالبان -الأحد 15 غشت 2021 في السيطرة على العاصمة الأفغانية كابول ودخول القصر الرئاسي، بعد هروب الرئيس أشرف غني إلى خارج البلاد.

فما حركة طالبان التي ظهرت على الساحة قبل 27 عاما؟ وكيف تكونت؟ وما انتماءاتها العرقية وخلفياتها الفكرية؟ وما طبيعة هيكلها التنظيمي؟

نشأة الحركة

نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار (جنوب غربي أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994، على يد الملا محمد عمر مجاهد (1959-2013)، إذ رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي، وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994.

الانتماء العرقي

ينتمي معظم أفراد حركة طالبان إلى القومية البشتونية التي يتركز معظم أبنائها في شرق وجنوب البلاد، ويمثلون نحو 38% من تعداد الأفغان، البالغ نحو 39 مليون نسمة.

الإطار الفكري

طالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفي، وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان -حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها- واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه.

تعلم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند في الهند)، وتأثروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس؛ الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم.

ركزت تلك المدارس على العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والسيرة، إضافة إلى بعض العلوم العصرية التي تدرس بطريقة تقليدية قديمة.

يتدرج الطالب في هذه المدارس من مرحلة إلى أخرى، فيبدأ بالمرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فالعليا والتكميلية، وفي الأخير يقضي الطالب عاما يتخصص فيه في دراسة علوم الحديث، وتسمى "دورة الحديث".

أثناء دراسة الطالب تتغير مرتبته العلمية من مرحلة إلى أخرى، فيطلق عليه لفظ "طالب" الذي يجمع في لغة البشتو على "طالبان"، وهو كل من يدخل المدرسة ويبدأ التحصيل العلمي، ثم "ملا"، وهو الذي قطع شوطا في المنهج ولم يتخرج بعد، وأخيرا "مولوي"، وهو الذي أكمل المنهج وتخرج من دورة الحديث، ووضعت على رأسه العمامة وحصل على إجازة في التدريس.

التنظيم والقيادة

لا تتمتع حركة طالبان بتنظيم قوي، فليس عندها هيكل إداري واضح ولا لوائح تنظم شؤونها الداخلية وبرامجها، ولا برامج لتربية أعضائها، ولا حتى بطاقات عضوية توزع على الأعضاء لتسجيلهم.

وتقول طالبان إنهم ليسوا حزبا مثل الأحزاب الأخرى فلا يهتمون بالنظام الإداري التنظيمي، بل يريدون أن يخدموا الشعب كله عن طريق تفعيل الدوائر الحكومية. ومع ذلك فإن لهم هيكلا شبه تنظيمي يتمثل في:

أمير المؤمنين

وهو الملا (حاليا هو هبة الله هبة الله آخوند زاده)، ويتمتع بصلاحيات واسعة، ويلقب بأمير المؤمنين، وله حقوق شرعية فلا تجوز مخالفة أمره، كما لا يجوز عزله إلا إذا خالف التعليمات الدينية، أو عجز عن القيام بمسؤولياته، ويبقى في منصبه حتى الموت.

مجلس الشورى المركزي للحركة

ليس لهذا المجلس عدد ثابت وأعضاء معينون، وإن كانت الحركة في بداية تشكيله أعلنت أنه يضم 70 عضوا.

مجلس الشورى العالي لحركة طالبان

تعد كل القيادات المعروفة داخل الحركة أعضاء في هذا المجلس، ولا يوجد أعضاء محددون له.

دار الإفتاء المركزية

وتضم عددا من العلماء لاستفتائهم في الأمور الشرعية، ومقرها قندهار، الموطن الأصلي لحركة طالبان ومقر إقامة الملا أمير المؤمنين.

مجالس الشورى في الولايات

منح الملا صلاحيات واسعة للولاة، وشكل كل وال مجلس شورى له تناقش فيه الأمور المتعلقة بإدارة حكومة الولاية وحركة طالبان.

طريقة اتخاذ القرار

رغم مجالس الشورى الكثيرة التي أنشأتها الحركة فإنها تؤمن بأن الشورى معلمة وليست ملزمة؛ فالقرارات المهمة يتخذها الملا بالاستئناس بآراء أهل الشورى، وله الحرية الكاملة في الأخذ بآراء مجلس الشورى أو رفضه.

عوامل التماسك الداخلي في حركة طالبان

ليست لحركة طالبان لائحة داخلية تنظم شؤونها، ولا يوجد لديها نظام للعضوية، ومع ذلك فهي حركة متماسكة من الداخل، ويرجع ذلك إلى الخلفية الفكرية الموحدة لعناصرها، إذ إن معظمهم تخرج في مدارس دينية واحدة تنتمي إلى المدارس الديوبندية التي تعارض التيارات الفكرية التجديدية.

كما أنهم مخلصون لفكرتهم ومقتنعون بها، ويرون العمل من أجلها جهادا في سبيل الله.

ويتمتع أمير الحركة بنوع من السيطرة الروحية على الأفراد الذين يعدون مخالفته معصية شرعية، وكان لعدم وجود شخصيات محورية ذات نفوذ قوي في الحركة أثر في استقرارها الداخلي، وساعد في ذلك أيضا قيام الحركة بعقوبات فورية للمخالفين، وتغيير مستمر في المناصب حتى لا تتشكل جيوب داخلية في الحركة أو مراكز قوى، كما أنهم لا يقبلون أفراد الأحزاب الأفغانية الأخرى، خاصة في المناصب الكبيرة ومراكز اتخاذ القرار.

الفكر السياسي للحركة

ترفض طالبان استعمال لفظ الديمقراطية، لأنها "تمنح حق التشريع للشعب وليس لله". ولا ترى الحركة أهمية لوضع دستور أو لائحة لتنظيم شؤون الدولة، وترى أن القرآن والسنة هما دستور الدولة الإسلامية.

وتعتبر الحركة أمير المؤمنين بمثابة الخليفة، ينتخبه أهل الحل والعقد، ولا توجد مدة محددة لتولي منصب أمير المؤمنين، ويتم عزله فقط في حالة العجز أو الموت أو إذا أتي ما يخالف الدين. والشورى كما تؤمن بها الحركة معلمة فقط وليست ملزمة، وتهتم الحركة اهتماما كبيرا بالمظهر الإسلامي كما تتصوره، فتأمر الرجال بإطلاق اللحى ولبس العمامة، وتمنع إطالة الشعر وتحرم الموسيقى والغناء والصور، وتمنع عمل المرأة خارج بيتها، وتشرف على تنفيذ ذلك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولا تسمح الحركة بتشكيل أحزاب سياسية جديدة، ولا تقبل الأحزاب الموجودة، ويقول زعيم الحركة في ذلك إنه رفضها لأنها "تقوم على أسس عرقية وقبلية ولغوية، وهي نوع من العصبيات الجاهلية، الأمر الذي تسبب في مشاكل وعداء وفرقة بين الناس".

الموقف من الدول المجاورة

يتفاوت موقف حركة طالبان من الدول المجاورة، فبالنسبة لإيران تميزت العلاقة بينهما بالتوتر الشديد، فالحركة تتهم إيران بالعمل على تصدير المذهب الشيعي إلى أفغانستان ودعم أحزاب المعارضة، في حين تتهمها إيران باضطهاد الأقلية الشيعية الموجودة هناك.

أما بالنسبة للموقف من الهند وروسيا وبعض دول آسيا الوسطى، فإن هذه الدول لا تخفي قلقها تجاه طالبان، وتعمل على دعم المعارضة؛ فالهند ترى أن طالبان تشكل عمقا إستراتيجيا لباكستان، وتفتح أمامها أسواق آسيا الوسطى، في حين تخاف روسيا وحلفاؤها في آسيا الوسطى من نفوذ حركة طالبان والإسلام المتشدد، وطالبان بدورها لا تخفي عداءها لهذه الدول.

وبالنسبة لباكستان، فقد كانت الحركة تنظر إليها على أنها أقرب الدول إليها وأكثرها صداقة لها، حتى أعلنت إسلام آباد موافقتها على التعاون مع الولايات المتحدة في حربها ضد أفغانستان عقب تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر/أيلول 2001.

منجزات الحركة ومآخذها

حركة طالبان شأنها شأن بقية أنظمة الحكم حققت بعض الإيجابيات، ولكنها في الوقت نفسه تعاني من بعض السلبيات.

تحرير من طرف حفيظ
في 16/08/2021 على الساعة 18:39